اللوحة الفوتوغرافية قطعت شوطاً طويلا وتغيرت ملامحها من لقطة معبرة بالضوء والظل والمناخ الى صورة مركبة من عناصر بعيدة عن التصوير نفسه. هذا التغيير أتاح فرصة للتعبير عن مواضيع مثل الاستعمار، الحرب، الفاشية والتاريخ من دون اللجوء الى اللقطة الواصفة التي تسجل في أسلوب مباشر. كيف يعبر الفنان بهذه الطريقة التي تجمع عدداً من الطرق الفنية؟ نعثر على جزء من الاجابة في معرض الكندية دومنيك بلين التي تستخدم الصورة مع مواد اخرى مثل الكتاب والحذاء والبندقية. في المعرض الذي يقام في غاليري المصورين، لندن، تعتمد الفنانة مبدأ التعبير في اجزاء عدة... فالصورة لها دائماً وجه مقابل مثل قطعة العملة... في موضوع الاستعمار أو التبعية تقدم لقطات مقربة لوجوه افارقة وفي الجدار المقابل تعرض اصحاب تلك الوجوه وهم يحملون أوروبيين مع امتعتهم اثناء رحلات الصيد في الادغال الافريقية. التاريخ كما يقدمه المعرض يتحول الى اسطورة داخلية نحملها في الذهن عن انفسنا وعن العالم... حالة نستدعيها من تاريخ يجري في اذهاننا. نرى قطعة اخرى عبارة عن كتاب ممزقة أوراقه، وعلى غلافيه المفتوحين صورتان توحيان ان الاستعمار انتهى لكن آثاره لاتزال مستمرة في النفوس وفي السجون. يقابل هذا العمل قطعة اخرى في شكل صندوق من زجاج، في داخله: سيجار ورصاصة وأحمر شفاه. ومهما حاول المشاهد ان يفسر هذه القطع بنظراته فلن يعثر على جواب. الفنانة تعتبر اللغة فاشية عندما تحاول تفسير المرئيات. يواجه زائر المعرض منظر آخر ينخفض فيه الكلام: دوائر عدسات التصوير والعدسات المكبرة مع أفواه البنادق. هنا نرى موضوعية التاريخ الى جانب موضوعية التصوير: ايهما قادر على الوفاء بالحقيقة. اعمال دومنيك بلين 40 عاماً مستوحاة من الحدث التاريخي مثل تلك القطعة التي تعبر عن امتناع اليابان عن الاعتذار عما ارتكبه جيشها في الحرب العالمية الثانية، وتلك التي تشير الى حرب الخليج. وقدمت الفنانة ايضاً تركيباً له تأثير التصوير الفوتوغرافي هو مجموعة من الاحذية العسكرية تتدلى بخيوط من السقف توحي بتحركات جنود. منظم المعرض يقول ان القطعة تدل علي ضياع حقوق الفرد أمام النعرة الوطنية والتحكم العسكري.