لم يذهب بيان القيادة الفلسطينية الذي اصدرته بعد اجتماعها الموسع في غزة مساء اول من امس الى حد اعلان موقف قاطع من الجهود الديبلوماسية كخيار لانقاذ العملية السلمية من ازمتها الحالية. لكن القيادة اعلنت في الوقت ذاته التعبئة الشعبية الواسعة لمواجهة الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وعقد اجتماع القيادة في حضور الرئيس ياسر عرفات ورئيس المجلس التشريعي احمد قريع ابو علاء والوزراء وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأعضاء لجنة المفاوضات ورؤساء الاجهزة الأمنية. واطلع الرئيس عرفات اعضاء القيادة على نتائج محادثاته في واشنطن ولقائه في لندن مع رئيس الوزراء توني بلير وجولته التي زار خلالها قبل ذلك موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس والقاهرة. وتضمن بيان القيادة اشادة بالموقف الايجابي الذي يتخذه الرئيس بيل كلينتون وإصرار ادارته على متابعة جهودها لانقاذ عملية السلام، كما تطرق الى قضية التحضيرات الجارية لعقد قمة عربية لدراسة الوضع الذي وصلت اليه المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية وأكد مجدداً الثوابت الفلسطينية من الموضوعات التي تصطدم بها المفاوضات. استراتيجية السلام وقال البيان ان الرئيس الفلسطيني "اكد ان استراتيجية السلام العربية والفلسطينية تقوم على مبادئ الشرعية الدولية. وتطبيق قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام، والتشديد على ان الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط رهن بالتزام حكومة اسرائيل قرارات الشرعية الدولية وتنفيذها على أرض الواقع والانسحاب الكامل والشامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها اسرائيل في عدوان الخامس من حزيران يونيو 1967". وفي ما يشير الى الرضى عن التطور المتنامي في العلاقة الفلسطينية - الاميركية قال البيان: "ان القيادة الفلسطينية، على رغم ثقل وضخامة الحضور الاسرائيلي في الاوساط الاميركية النافذة، خصوصاً في الكونغرس واللوبي الاسرائيلي، تقوم بإيجابية وتقدير النتائج الطيبة التي حملتها المحادثات الفلسطينية في واشنطن لجهة التفهم الاميركي الرسمي والشعبي للموقف الفلسطيني والعربي، وذلك في موازاة تبجح الجانب الاسرائيلي واستنفاره لأنصاره، والحملة الدعائية المسمومة التي حاول تنظيمها لتشويه صورة الشعب الفلسطيني. وقد تمكن الوفد الفلسطيني من ايصال الموقف الفلسطيني الحازم والثابت القاضي بضرورة تقيد حكومة اسرائيل بالاتفاقات المعقودة، وأن تكف عن المناورات والألاعيب وهذا ما تم ايضاحه للرئيس الاميركي وإدارته وإلى الشعب الاميركي". ونوه البيان بالموقف الذي اعلنه الرئيس الاميركي بشأن حق الشعب الفلسطيني في ان يعيش حراً على أرضه، كما عبر عن شكر القيادة للرئيس الاميركي على هذا الموقف. اما على صعيد المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية فقد لاحظ بيان القيادة ان "لقاءات واشنطن اظهرت ان الجانب الاسرائيلي ما يزال يراهن على نسف عملية السلام"، لكن القيادة قالت "ان ما طرحه رئيس الحكومة الاسرائيلية لم يجد اذناً صاغية برغم طبيعة العلاقات الاميركية - الاسرائيلية". وفي تقويمه للوضع الديبلوماسي الدولي رأى بيان القيادة "ان المتغيرات التي يشهدها الوضع الدولي بشكل ايجابي لصالح عملية السلام وحمايتها، وسوف تفرض نفسها في النهاية كمطلب دولي يضغط على اسرائيل لتنفيذ الاستحقاقات والالتزامات التي تتضمنها الاتفاقات. وذلك في اشارة الى توجيه فرنسا وألمانيا وبريطانيا رسالة مشتركة الى الرئيس كلينتون تدعم الفلسطينيين في طلبهم تنفيذ الاتفاقات. لكن بيان القيادة رأى ان ترجمة هذا المطلب الدولي يتطلب ممارسة ضغط اميركي وأوروبي وضغطاً من روسيا واليابان والصين والعالم ككل، لاغلاق هوامش المناورة والتهرب من تنفيذ هذه الالتزامات امام رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. وقال بيان القيادة، ان البديل من هذا الضغط هو "ان يؤدي استمرار التلاعب الاسرائيلي بالاتفاقات وبناء المستوطنات، عاجلاً او آجلاً، الى انفجار شامل يقضي على عملية السلام، وعلى الأمن والاستقرار في عموم المنطقة". ودعت القيادة في هذا الصدد "الزعماء العرب الى التنادي لعقد لقاء عاجل على مستوى القمة، حتى يعرف الجانب الاسرائيلي وكذلك الادارة الاميركية والدول الأوروبية والعالم، ان الموقف العربي واحد وموحد، وان الامة العربية قد اعطت عملية السلام ما تستحقه من وفاء والتزام، وان الساعة قد حانت لوقفة عربية جادة تضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته، وللقيام بمراجعة مسؤولة لعملية السلام مع اسرائيل بما يضمن تحقيق اهداف امتنا في استعادة ارضنا الفلسطينية والعربية". وأكدت القيادة في بيانها "رفضها الراسخ والثابت لكل المواقف الاسرائيلية وقراراتها في ما يتعلق باعادة الانتشار والاستيطان، ومسألة الأمن"، كما اكدت "ان الشعب الفلسطيني مصمم كل التصميم على تحرير ارضه الغالية من الاحتلال والاستيطان مهما بلغت التضحيات". تعبئة شعبية الى ذلك، قال وزير الثقافة والاعلام في السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عبدربه ان القيادة الفلسطينية قررت الدعوة للتعبئة الشعبية الواسعة لمواجهة النشاطات الاستيطانية. وأضاف ان القيادة الفلسطينية تعتبر الوضع الذي وصلت اليه المفاوضات خطير بعد ان انتهت الجهود الاميركية في لقاءات واشنطن الى الفشل. وتأتي الدعوة الى التعبئة الشعبية قبل أيام من عودة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت الى المنطقة، بحسب ما اعلن عنه امس، والتي يبدو ان زيارتها ستتم بعد عيد الفطر مباشرة. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات في السياق نفسه ان الجانب الفلسطيني سيؤكد مجدداً لأولبرايت رفضه تجزئة عملية الانسحاب الاسرائيلي في اطار التصور الذي يطرحه رئيس الحكومة الاسرائيلي والقاضي بتجزئة المرحلة الواحدة من عملية اعادة الانتشار، فيما قال عبدربه ان احتمالات عقد قمة عربية باتت واردة، لأن ثمة قناعة عربية متزايدة بضرورة توجيه رسالة لاسرائيل والعالم، عن نفاد صبرنا.