قال مسؤول أميركي رفيع المستوى أمس الاربعاء ان المحادثات التي اجراها الرئيس بيل كلينتون أول من أمس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي وعرض عليه خلالها اقتراحات بشأن اعادة انتشار القوات الاسرائيلية فشلت في تحقيق انفراج. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه ان كلينتون "عرض عليه نتانياهو اقتراحاً بما يعتقد انه ضروري، ورد رئيس الوزراء بأن هذا الاقتراح ليس شيئاً يمكنه ان يفعله". وأضاف المسؤول ان نتانياهو "فسر موقفه وحاولنا اقتراح حلول ممكنة لپتبديد قلقه" إلا ان هذا لم يكن كافياً. وكان نتانياهو أمضى يوماً طويلاً في محادثات صعبة وصريحة مع الرئيس كلينتون وكبار مساعديه ومستشاريه، خصوصاً وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت. وانتهى أول من أمس الثلثاء باجتماع ثان مفاجئ عقده الرئيس الأميركي مع نتانياهو انتهى بعيد منتصف ليل الثلثاء - الأربعاء بتوقيت واشنطن أي الخامسة من صباح أمس بتوقيت غرينيتش. وتكتم الجانب الأميركي حول نتائج المحادثات التي تركزت على عملية السلام وبالتحديد على المسار الفلسطيني وكيفية احراز تقدم. وأكد المسؤولون الأميركيون ان الرئيس كلينتون طرح مقترحات وتصورات للتقريب بين وجهتي النظر الفلسطينية والاسرائيلية، خصوصاً بشأن مقدار اعادة الانتشار الاسرائيلي من الضفة الغربية. لكن المسؤول الأميركي الكبير الذي تحدث أمس قال ان كلينتون لم يناقش تفاصيل بعينها على خريطة و"نحن لا نتحدث عن خرائط هنا لكن هناك مجموعة من القضايا: اعادة الانتشار والخطوات الأمنية من جانب الفلسطينيين ومطالب الاسرائيليين والجدول الزمني". وبعكس ما حدث الاثنين الماضي من حملات اعلامية اسرائيلية في الولاياتالمتحدة لدعم وجهة نظر نتانياهو، كان واضحاً أول من أمس الثلثاء ان الجانبين قررا على الأقل موقتاً تفادي المواجهة العلنية. وظهر ذلك من التصريحات الاسرائيلية والأميركية. ولخصت الوزيرة اولبرايت في مؤتمر صحافي عقدته مساء الثلثاء اجواء المحادثات بأنها كانت "جيدة وجدية" وأنها جرت في أجواء تميزت بالصراحة. وقالت من دون الدخول في التفاصيل ان المحادثات مع نتانياهو تناولت البحث عن "العناصر المناسبة لتأمين مزيد من اعادة الانتشار" للقوات الاسرائيلية من الضفة الغربية، خصوصاً بالنسبة "الى توقيتها ونوعيتها ومقدارها وجوانبها الأمنية"، وأن المحادثات شملت ايضاً جدول الأعمال الرباعي الأطراف حول المرحلة النهائية وهي: الأمن والوقف الموقت للخطوات الأحادية المستوطنات ومزيد من اعادة الانتشار ناهيك عن كيفية ترتيب محادثات الوضع النهائي. وشددت اولبرايت على القول ان الرئيس كلينتون طرح على نتانياهو جانباً من أفكاره في محاولة منه لسد الفجوات، وأنها استمرت في محادثات مع نتانياهو بعد اجتماع البيت الأبيض لمعرفة موقفه من مقترحات الرئيس الأميركي. واستبعدت اولبرايت مجدداً امكانية عقد اجتماع ثلاثي بين الرئيس كلينتون والرئيس ياسر عرفات ونتانياهو في وقت لاحق في الأسبوع، قائلة ان ذلك يبقى سابقاً لأوانه، خصوصاً مع استمرار وجود الفجوات في المواقف. علماً ان المواضيع المطروحة جدية للغاية ومعالجتها يستغرق وقتاً وبالتالي "يجب ان لا نسبق انفسنا". وأوضحت ان جانباً من الفجوات في المواقف يتعلق بتوقيت اعادة الانتشار وبالالتزامات المتبادلة. ورفضت الوزيرة الأميركية ان تقول انها شعرت "بمفاجأة سارة" بعد المحادثات مع نتانياهو، لكنها أوضحت قائلة انها كانت مرتاحة "لعمق المحادثات" التي جرت وشموليتها، خصوصاً "اننا في مرحلة التحضير للقرارات الصعبة"، التي يفترض ان يتخذها نتانياهو وعرفات. والجدير بالذكر ان كبار المسؤولين الأميركيين أعربوا في أحاديثهم الخاصة عن الأمل بأن تؤدي محادثات الرئيس كلينتون مع نتانياهو الى الكشف عن حقيقة نيّات المسؤول الاسرائيلي وما إذا كان بالفعل راغباً في تنفيذ الالتزامات. وبدوره أعلن نتانياهو بعد غدائه مع نائب الرئيس آل غور ان المحادثات كانت جيدة "وكان واضحاً انني والرئيس كلينتون حاولنا بوضوح العمل معاً لدفع عملية السلام الى أمام". وقال ان البحث تناول اعادة انتشار القوات الاسرائيلية، وأنه شرح القضايا الأمنية "واستعدادنا لتنفيذ الانتشار مع أخذ قلقنا الأمني في الاعتبار". وزاد ان البحث تناول أيضاً محاولة تحقيق "صفقة حسن نيّة شاملة". وفي هذا الاطار تسربت معلومات في المساء تفيد ان ما طرحه نتانياهو على الرئيس كلينتون لم يكن كافياً. وأعلن الناطق باسم البيت الأبيض مايكل ماكوري ان نتائج الاجتماعات كانت كما توقعتها الادارة "إذ لم نتوقع ان تفتح السماوات" نتيجة المحادثات لكنها كانت "جيدة وصعبة وتناولت كل المسائل الضرورية للحوار بين اسرائيل والفلسطينيين". وأضاف ان المحادثات ما زالت بعيدة عن اكمال الصفقة التي تحدث عنها نتانياهو خصوصاً وأنها لن تكتمل قبل "ان نجري الحوار ونتبادل الآراء مع الرئيس عرفات بالنظر الى ان رأيه مهم إذا اردنا تحقيق تقدم". وكشف ماكوري انه اضافة الى المحادثات التي اجراها كلينتون ونتانياهو ومعهما كبار المساعدين، فقد اختليا بمفردهما لفترة من الزمن. وأكد ان مسائل وقضايا اقليمية جرى بحثها بين نائب الرئيس غور ونتانياهو شملت ايران والعراق والوضع في تركيا وقضايا انتشار أسلحة الدمار الشامل والجهود لتعزيز مقاومة الارهاب. من جهة أخرى، شرح مسؤول أميركي معاني جانب من العبارات المستخدمة التي تبدو كرموز ولكنها تتضمن شروحات طويلة. وقال ان نسبة اعادة الانتشار التي يجري التداول بشأنها تتعدى الأرقام لتشمل مسائل أخرى منها مثلاً هل الأراضي التي سينسحب منها الجيش الاسرائيلي ستكون متواصلة جغرافياً وليس كما كانت الحال في جنوب افريقيا ابان حكم الأقلية البيضاء فيها. وقال ان موقف الادارة متفهم جداً للاصرار الفلسطيني على ضرورة ان تكون الأراضي متصلة جغرافياً بعضها ببعض. وأضاف ان بوسع اسرائيل نظرياً اقتراح ما تشاء ومن حق الفلسطينيين اعتبار الاقتراح سيء النيّة ورفضه وأن موقف واشنطن هو ان اقتراحاً كهذا لا يساعد على دفع عملية السلام الى أمام.