لم يمنع التباين السياسي القائم بين رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي وزير شؤون المهجّرين وليد جنبلاط ورئىس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون من تفاهمهما على خوض الانتخابات البلدية في قضاء الشوف في لوائح ائتلافية، بدلاً من الدخول في تناحر سياسي يمكن ان ينعكس سلباً على استكمال عودة المهجّرين، في ضوء الوعد الذي أطلقه رئىس الحكومة رفيق الحريري بمبادرة متكاملة وشاملة لعودتهم تعلن بعد عطلة عيد الفطر السعيد. وفي معلومات "الحياة" ان الوزير جنبلاط أبلغ نائب رئىس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر، عندما التقاه الثلثاء الماضي في حضور وزير البيئة اكرم شهيّب، انه لن تكون لديه مشكلة في تحديد عدد القرى المهجّرة في الجبل غير المشمولة بإجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية لتعذّر تحقيق المصالحة حتى الساعة بين اهلها. وعزا قوله الى انه "على وشك التعاون الانتخابي مع شمعون في كل البلدات المختلطة في قضاء الشوف"، لافتاً الى "ان المسؤولين السوريين أبدوا تفهماً لموقفه، ولم يسمع منهم اي اعتراض". ثم ان الوزير جنبلاط ليس في وارد الدخول في تنافس انتخابي مع وزير المغتربين طلال ارسلان او القوى السياسية في قضاءي الشوف وعاليه، اضافة الى البلدات ذات الغالبية الدرزية او المختلطة في قضاء بعبدا المتن الجنوبي. وفي تبرير للأسباب والدوافع التي أملت على الوزير جنبلاط الانفتاح على الجميع في الأقضية التي يتمتع فيها الحزب التقدمي الاشتراكي بنفوذ اساسي، قال مصدر في الحزب لپ"الحياة" ان "وزير المهجّرين يعطي الأفضلية لا بل الأولوية لمبدأ الإئتلاف البلدي على التنافس السياسي التقليدي رغبة منه في تفادي حصول اي فرز سياسي بين القوى التقليدية في الجبل، يمكن ان يسهم في قيام انقسامات ذات طابع طائفي او مذهبي، خصوصاً في المنطقة التي كانت شهدت اعنف الحروب، الى ان نجح هو شخصياً من خلال توليه حقيبة المهجّرين، في اتخاذ القرار الامني والسياسي الذي فتح الطريق امام بدء عودة المهجّرين". وأكد المصدر ان الوزير جنبلاط "يرفض منذ الان ان يقال انه يتوخى من تعاونه البلدي مع شمعون الاستقواء بهذا التحالف على الآخرين للدخول في تصفية حسابات"، مشيراً الى انه "يريد من الإئتلاف طمأنة المهجّرين العائدين الى ان عودتهم لا تستدعي منهم التخلّي عن خياراتهم وانتماءاتهم السياسية، بمقدار ما انه يدعم حرية العمل السياسي تحت سقف حماية العيش المشترك بين ابناء الجبل بدءاً من الشوف". وأضاف "ان التعاون البلدي بين جنبلاط وشمعون، وإن لم يعد مستعصياً، يمهّد في المقابل الطريق امام توسيع رقعة التعاون اذ لم يعد من مبرر للدخول في مبارزة سياسية مع الآخرين، ما دام انه اتخذ قراره بملء ارادته للتحالف مع خصمه التقليدي رئيس حزب الوطنيين الاحرار، خصوصاً ان هناك مجموعة من الجوامع المشتركة بينه وبين القوى السياسية المنتشرة في قضاءي الشوف وعاليه، على خلاف التباين القائم مع احد ابرز الوجوه في التيار الوطني المعارض، اي دوري شمعون". وفي المقابل، فان شمعون بات على علم بمواقف جنبلاط من تعاونهما الانتخابي ولم يتبلغه عبر وسائل الاعلام، وانما من خلال الاتصالات الجارية بينهما والتي لم تتوقف في اشد مراحل الخلاف وظلّت نشطة بواسطة اصدقاء مشتركين. ومع ان شمعون يرفض في الوقت الحاضر التعليق على ما اعلنه الوزير جنبلاط، فان اوساطاً سياسية كشفت لپ"الحياة" النقاب انه بحث في هذا الموضوع مع حليفيه في "التجمع الوطني"، رئيس الجمهورية السابق امين الجميّل والعماد ميشال عون، وأطلعهما على موقفه في لقاء عقد اخيراً في باريس، اضافة الى انه ناقش هذا الامر مع البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير وعدد من المطارنة الموارنة الذين رحّبوا من حيث المبدأ بقيام ائتلاف بلدي في الشوف. ويتوقع ان يعلن شمعون في وقت قريب وربما في الساعات المقبلة تجاوبه مع دعوة الوزير جنبلاط للإئتلاف فور ان يفرغ من الاتصالات التشاورية التي باشرها لهذا الغرض مع الحلفاء والمعنيين من خارج الشوف.