نجح رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، باعتباره الأقوى في البلدات الدرزية في أقضية الشوف وعاليه وبعبدا - المتن الأعلى، في تعبيد الطريق أمام قيام ائتلاف بلدي في غالبية البلدات وهو ينزل الآن بكل ثقله لتعميم التوافق على البلدات التي ما زال فيها الائتلاف متعثراً. ومع ان جنبلاط ينطلق في تحبيذه الائتلاف من ضرورة ترسيخ المصالحات في الساحة الدرزية على قاعدة عدم إلغاء رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان أو الحد من حضور رئيس «تيار التوحيد» الوزير السابق وئام وهاب في بعض القرى من دون أن يقفل الباب أمام الثلاثي مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، فإنه في المقابل لا يزال يبذل جهداً فوق العادة لدفع محازبيه وأنصاره للتكيف مع قرار التعاون البلدي مع جميع الأطراف بلا استثناء... وينصرف جنبلاط شخصياً ومعه وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي ونوابه الى معالجة بعض الثغرات التي يواجهها الائتلاف في قرى الجرد في عاليه، لان التعثر فيها لا يتسم بطابع حزبي بل بصراع العائلات وهذا قائم الآن في مجدلبعنا والمشرفة وبلدات أخرى حيث ينتمي المرشحون على اللوائح المتنافسة الى أحزاب الائتلاف. وأخذ تنافس العائلات في هذه القرى يظهر المعركة وكأن الحزب الواحد يخوض المعركة ضد نفسه. لكن «التقدمي» لم يقطع الأمل بتجاوز الانقسامات العائلية في هذه القرى مع انها ليست حزبية ولن يكون لها ارتدادات على تحسن علاقة جنبلاط بالأحزاب والشخصيات في القرى ذات الغالبية الدرزية. ونجح «التقدمي» في إجبار محازبيه وأنصاره في الشويفات على التكيف مع اسناد رئاسة البلدية فيها الى رئيس محسوب على أرسلان على رغم انهم يشكلون الأكثرية الساحقة في البلدة. ويحاول الحزب الآن، بالتعاون مع أرسلان، إقناع عدد من المرشحين على اللائحة المنافسة للائتلاف في الشويفات الانسحاب وإخلاء الساحة للائحة الائتلافية برئاسة ملحم السوقي. وعلمت «الحياة» ان ارسلان والوزير النائب أكرم شهيب وبناء لرغبة جنبلاط زارا أمس الرئيس السابق لبلدية الشويفات وجيه صعب للوقوف على خاطره وإقناعه بصرف النظر عن الترشح على رأس اللائحة المنافسة للائحة السوقي. كما أن أرسلان وشهيب تحركا باتجاه عدد من المرشحين للغرض ذاته لتعميم الأجواء الائتلافية على الشويفات مع العلم ان تحالف «التقدمي» و «الديموقراطي» قادر على حسم المعركة. فيما الائتلاف في عاليه قائم لمصلحة التجديد لرئيس البلدية الحالي وجدي مراد لولاية جديدة وهو على علاقة جيدة ب «التقدمي» الذي طعم اللائحة بممثلين عن العائلات والأحزاب الأخرى. وبالنسبة الى الشوف فإن جنبلاط مصر على قراءة تكريس عرف جديد، ولو في الانتخابات البلدية الحالية، يرمي من خلاله الى إسناد رئاسة البلديات في البلدات المختلطة (مسيحيون ودروز) الى المسيحيين لاعتبارين: أولاً: تكريس المصالحة التي كان رعاها والبطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير وثانياً التشجيع على استكمال العودة، وهو لهذه الغاية يدعم الائتلاف في بلدات مزرعة الشوف، معاصر الشوف، الباروك وعين زحلتا. أما في دير القمر، فانتهت المشاورات الائتلافية الى الموافقة على تشكيل لائحة برئاسة الدكتور انطوان شكري البستاني بعد عزوف الرئيس الحالي للبلدية فادي حنين عن الترشح... على أن تسند نيابة الرئاسة لبيار عدوان شقيق النائب في «القوات» جورج عدوان. وكان سبق التوافق على اللائحة إتمام مصالحة بين الأخوين عدوان لمصلحة الائتلاف على بيار المعروف بعلاقته ب «التيار الوطني الحر» وكان على رأس مستقبلي العماد ميشال عون عندما زار دير القمر في جولته على الشوف. وتردد أن رئيس «حزب الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون هو وراء ترشيح البستاني رئيساً للبلدية وهذا ما «أزعج» منافسه الوزير السابق ناجي البستاني من دون أن يبدي أي استعداد للخروج على الائتلاف. إلا ان هناك مشكلة طرأت أخيراً يمكن أن تعيق الائتلاف في بلدة الجية الساحلية (قضاء الشوف) التي يتشكل أهلها من المسيحيين والسنّة والشيعة. وذكرت مصادر في تيار «المستقبل» ان تعثر الائتلاف ناجم عن أن الاتفاق الذي قضى بإسناد رئاسة البلدية الى مسيحي ومعه ستة أعضاء في مقابل أن يتمثل الشيعة ب 5 أعضاء والسنّة بثلاثة بدأ يواجه إصرار «حزب الله» على تسمية هاني المعوش من الحصة السنية ما لقي اعتراضاً من العائلات السنية التي لوحت بالانسحاب انتخاباً وترشحاً من المعركة البلدية. وأكدت المصادر نفسها ان «المستقبل» لم يتدخل في تسمية المرشحين السنّة وهو ترك الأمر الى العائلات في الجية التي ما زالت تراهن من خلال المداخلات على إعادة الأمور الى نصابها لإنجاح الائتلاف. فيما قالت مصادر أخرى ان المعوش هو حالياً في المجلس البلدي وان التعاون معه مثمر، نافية أن يكون مرشحا الحزب يونس بركات وكامل الحاج وراء تسميته. جنبلاط و«المعارك التاريخية الكبرى» اعلنت مفوضية الاعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» عن اعتذار رئيسه النائب وليد جنبلاط عن عدم الادلاء بموقفه الاسبوعي لصحيفة «الانباء» التي تصدر عن الحزب «بالنظر الى إحتدام المعارك التاريخية الكبرى في البلديات في مختلف المناطق اللبنانية». وأشارت المفوضية الى ان الحزب «يعكف حالياً على دراسة نظرية إبن خلدون في كيفية الانتقال من مجتمعات البداوة الى المجتمعات الحضرية التي لا يبدو أن لبنان وصل إليها حتى الساعة متأخراً فقط بضعة قرون. رحمة الله على إبن خلدون. لذا، إقتضى التنويه والتوضيح».