قصيدتان من قريب وبعيد

1 - ساحر تقريباً
عن نص لپ"يانيس ريتسوس"
يُدني لُهبةَ مصباح الزيت من على مَبعدة، يحرّك الكراسي
دون ان يلمسها. يغلبه التعب. إنه يخلع قبّعته
ويروّح بها نفسه. ثمّ، بحركة متباطئة
يسحبُ ثلاثاً من ورقات اللعب
من جانب أُذنه. يُذيبُ نجمةً خضراء مخفّفة للألم
في كأس ماء، مُديراً إيّاها بملعقة فضيّة.
يشرب الماء والملعقة. انه يصبح شفّافاً.
يمكن ان ترى سمكة ذهبية تسبح في صدره.
ثمّ يميل، من الإرهاق، على الأريكة
ويغمض عينيه.
"هناك عصفور في رأسي" يقول "لا أستطيع
ان أتخلّص منه". وإذا بظلّ جناحين كبيرين يملأ الغرفة.
2 - الجميع
عن نص لپ"بابلو نيرودا"
أنا، ربما لن أكون أبداً، ربما لم أكن قادراً
ولم أكن أبداً، ولم أرَ، ولم أوجدْ:
كيف حدث هذا؟ في أيّ حزيران، في أية غابة
ترعرعت حتى الآن، مولوداً، مرة بعد اخرى؟
*
أنني لم أكبر، لم أكبر أبداً، بل استمررتُ أموت؟
*
في مداخل البيوت، كرّرت صوت البحر
صوت الاجراس، بحثتُ عن نفسي، بعجبٍ أوّلاً
وفي ما بعد بيدين ترتجفان
بالاجراس الصغيرة، بالماء، بالعذوبة:
كنت دائماً أصلُ متأخراً.
سافرتُ بعيداً عمّن كنتهُ.
لم أعد قادراً ان اجيب على أية اسئلة
تتعلق بنفسي. غادرت من كنته مرّاتٍ زائدة.
*
ذهبت الى المنزل التالي
الى المرأة التالية،
سافرت في كلّ مكان
باحثاً عن نفسي، عنك، عن الجميع:
وحيث لم أكن، لم يكن هناك أحد،
كان كلّ مكان خاوياً
لأنه لم يكن اليوم،
بل غداً.
*
ماذا يجدي أن نبحث
في كلّ المداخل حيث لن نوجد
لأننا لم نصل بعد؟
*
هكذا اكتشفت انني مثلك تماماً
ومثل الجميع.
* شاعر عراقي