أكدت مصادر سودانية متطابقة ل "الحياة" ان الحكم السوداني يعدّ لخطوة تتيح حرية تشكيل الاحزاب وإصدار الصحف وإقامة المنتديات السياسية، وتضمين ذلك في إطار مشروع الدستور الذي سيجري استفتاء عليه في نيسان ابريل المقبل. والخطوة المتوقعة التي تنقل النظام الى صيغة للحكم الديموقراطي تندرج في إطار مسعى متزامن مع تجربة أثبتت نجاحاً في إحداث ثغرة في طوق العزلة الدولي حول السودان من خلال تحسين العلاقات مع دول عربية مؤثرة، في وقت تتزايد المبادرات الداخلية والوساطات الخارجية لتحقيق مصالحة وطنية في هذا البلد. وقالت المصادر ان "إدراك الحاجة الى انفتاح داخلي من خلال إتاحة الحريات والحدّ من القوانين المقيدة لها، تزامن مع مبادرات لتحقيق وفاق في السودان وتوافر اقتناع لدى المسؤولين بأن الوقت بات مناسباً للانتقال بالحكم الى مرحلة جديدة تضمن له في الحد الأدنى الاحتفاظ بحزب مؤثر وكبير". ورشحت معلومات أولية عن عزم الحكومة السودانية على قبول "حرية التنظيم" بعد تسليم الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي الشريف الهندي الذي يرأس لجنة الفكر الوطني مشروع "اعلان سياسي" الى الرئيس عمر البشير. وعاد الهندي الى السودان قبل ستة شهور في اطار تفاهم سياسي سمح له بحرية التحرك والمساهمة في صوغ المشروع السياسي لمستقبل السودان بالاشتراك مع الحكومة. وعلمت "الحياة" ان أنصار الهندي أبلغوا بعد ذلك ان الحكم سيجري مشاورات بين اركانه وداخل اجهزته قبل الرد على "الاعلان السياسي" الذي تضمن "ضمان التداول السلمي للسلطة". وأكد الاعلان "حق الفرد في حرية الاعتقاد والتعبير والتنقل والعيش الكريم"، لكنه لم يشر الى "حرية التنظيم" باعتبار انه لم يتفق عليها داخل لجنة الفكر التي يرأسها الهندي وكلفت إعداد ميثاق سياسي تستند اليه صيغة الحكم في المستقبل بعد إقرار الدستور الدائم للبلاد. وقال مقربون الى الهندي ل "الحياة" انهم فوجئوا برد سريع من الحكومة خلال خمسة ايام تضمن قبول "حرية التنظيم"، في حين كانوا يتوقعون مرور فترة طويلة قبل تلقي رد الحكومة على "الاعلان السياسي". وأكدت مصادر قريبة الى الحكومة ان "أعلى هيئات الحكم أقرّت طرح حرية التنظيم في الدستور الذي يعرض في استفتاء عام في نيسان". وأوضحت ان الصيغة التي اقرتها هذه الهيئة التي تضم اركان الحكومة والتنظيم السياسي الحاكم ومؤيدي الحكم من الجبهة الاسلامية القومية وتيارات اخرى تحالفت مع حكم البشير، تضمنت "اتاحة حرية التنظيم لأي سوداني في اطار قوانين لا تحظر الحزب الا اذا ثبت امام المحكمة انه يستند الى دعم مالي اجنبي". وتابعت ان الدستور "لن يشير تحديداً الى الاحزاب، لكن الدستور والقوانين لن تحظرها، كما لن تكون هناك عقوبة قانونية في شأن تنظيم الاحزاب او عضويتها او قيادتها" كما يقضي القانون المطبّق الآن. وقالت المصادر ان "حرية التعبير الصحافة والتنظيم الاحزاب ستصبح متاحة للسودانيين بعد اقرار الدستور، في حين ان العقوبات على ممارسة النشاط السياسي والاعتقال التحفظي لن تبقى من الاعمال القانونية". ويأتي تسريع الحكومة السودانية الحديث عن تحول ديموقراطي في ظل اجواء انفتاح على اطراف عربية مؤثرة، وانفتاح داخلي تمثل في ازدياد الترخيص للصحف المستقلة وعقد الندوات. ويرى مراقبون ان ما تطرحه الحكومة يأتي ايضاً في وقت تجرى اتصالات جدية مع اطراف معارضة في الخارج، وتستمر وساطات خارجية لمعالجة المشكلة السودانية. ويعتبر هؤلاء ان الحكومة ترى انها لن تخسر اذا قبلت المعارضة التعاطي ايجابياً مع هذا التحول الديموقراطي او رفضت، لانها ستضمن لنفسها موقعاً في الخريطة السياسية للمستقبل اذا نُفِذَ هذا التحول في اطار صفقة أساسية مع اطراف سياسية في المعارضة.