بدا واضحاً امس أن قطاع غزة لن يشهد أي فعاليات أو نشاطات داعمة للموقف الرسمي الفلسطيني عشية توجه الرئيس محمود عباس بخطاب إلى الأممالمتحدة وبدء اجتماعات جمعيتها العامة في دورتها ال 66 المعروفة باسم دورة فلسطين. أما شعبياً، فبدا أن الشارع «الغزي» يفتقر إلى المعلومات الواضحة عن هذا التوجه من الناحيتين القانونية والسياسية، إذ يعتقد كثير من «الغزيين» أن التوجه إلى الأممالمتحدة يعني إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاستقلال ونيل حرية طال انتظارها. ويعتقد مواطنون أن القرار الأممي سيتضمن إقامة دولة فلسطين على الأرض، وستكون له آثار إيجابية على الوضع الاقتصادي، وخلق فرص عمل، وإنهاء الحصار، وفتح معبر رفح والسفر والتنقل بحرية، وحتى صيد الأسماك في عمق البحر المتوسط. وعلى المستوى الرسمي، طالب نائب رئيس الحكومة التي تقودها حركة «حماس» في غزة، وزير الخارجية والتخطيط محمد عوض الرئيس محمود عباس ب «تقديم تفسير واضح وقانوني للشعب الفلسطيني في إطار حفظ حقوقه الثابتة عند توجهه إلى الأممالمتحدة» للحصول على عضوية فلسطين فيها لتصبح الدولة رقم 194. وقال في تصريح إن عباس «لم يوضح مدى تداعيات (هذه الخطوة) على الشعب الفلسطيني (وحقوقه) مثل حق العودة، وعلى منظمة التحرير وتمثيلها للشعب الفلسطيني». واتهم اللجنة الرباعية ب «السعي إلى أن تكون ضد أي قرار لصالح الشعب الفلسطيني والاعتراف بالدولة والحصول على العضوية، حتى وإن كان شكلياً، أو كانت له تداعيات سلبية أخرى على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة». ورأى عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» الدكتور محمد الهندي أن التوجه إلى الأممالمتحدة «يُعيد مسار قضيتنا إلى الوراء»، ووصفه بأنه «خطوة انفرادية لا قيمة لها، ويعطل أجواء المصالحة، وتعيدنا إلى المفاوضات مرة أخرى». وشدد عضو اللجنة المركزية ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، مسؤولها في قطاع غزة كايد الغول على أن «التهديد الصهيوني بنتائج خطيرة مترتبة على إعلان دولة فلسطينية من جانب واحد لا يخيفنا لأن إسرائيل لن تستطيع أن تمارس ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه أكثر مما مارسته وتمارسه حتى الآن، ولن تستطيع مهما اتخذت من إجراءات أن تنفي حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة». ورأى أنه في حال نفذت إسرائيل تهديداتها فإنها «ستساهم في إعادة الصراع إلى أصوله، وفي إعادة اعتماد المواجهة الشاملة بين الشعب الفلسطيني ودولة الاحتلال، وتنهي أوهام الذين يرون في اتفاقات أوسلو وما تلاها مدخلاً لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني، وإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي». وشدد على أن «نسف» هذه الاتفاقات من إسرائيل وإعادة احتلالها المباشر مدن الضفة التي انسحبت منها نظرياً «لا تشكل شيئاً جديداً بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني لأن هذه القوات كانت ولا تزال تدخل المدن الفلسطينية متى شاءت، عدا عن أن المستوطنين يمارسون الإرهاب بأشكاله في الأراضي الفلسطينية بتغطية منها (إسرائيل) ودعمها، والمستوطنات تتوسع وتنتشر بمراسيم تصدر عنها». واعتبر أن ذلك «يستوجب منا إعادة النظر في البرامج والسياسات والأدوات وأشكال النضال التي لابد من اعتمادها لدحر الاحتلال وتحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال». أما عضو المكتب السياسي لحزب «الشعب» وليد العوض، فانتقد موقف «حماس» في «معاكسته» التوجه إلى الأممالمتحدة، وقال إن القيادة «بحاجة إلى كل الدعم الوطني في هذه المرحلة التي تخوض خلالها معركة سياسية حاسمة». وأبدى استغرابه من «وجود 126 دولة تدعم التوجه الفلسطيني فيما تقف حركة فلسطينية ضده»، في إشارة إلى «حماس» التي «تمنع حتى الفعاليات الشعبية الداعمة لهذه الخطوة». وشدد على أن «المرحلة تتطلب من الجميع الابتعاد عن المماحكات السياسية والالتفات للمصلحة الوطنية».