عمدت المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة جازان إلى استئجار ثلاجات مخصصة لحفظ الأطعمة والفواكه، من أجل وضع جثث الموتى فيها بعد أن غصت مستشفيات المنطقة بالجثث ولم تعد ثلاجاتها تتحمل أعداداً إضافية من الموتى. وعلمت «الحياة» أن «الشؤون الصحية» طلبت من مالكي ثلاجات مخصصة لحفظ الفواكه والأطعمة وضع الموتى فيها ريثما تجد حلاً لمشكلة تكدس الجثث في مستشفيات المنطقة، لكن أصحاب تلك الثلاجات رفضوا في بادئ الأمر، ثم قبلوا بعد أن تمت زيادة المبالغ المخصصة لهم وضرَبت لهم وعوداً بألا تستخدم ثلاجاتهم فترات طويلة حتى لا تتلوث البرادات ويستحيل استخدامها لاحقاً. وأصابت علي المحنشي حال من الذهول عندما ذهب إلى مستشفى صامطة العام لتسلم جثة جده، إذ تبين له أن فقيده كان موضوعاً في إحدى تلك الثلاجات. وقال المحنشي ل«الحياة»: «بعد إنهاء الإجراءات ذهبت بورقة لتسلم الجثة، وعندها بدأت فصول القصة المرة، إذ إن من يقوم بتسليم الجثث عامل يتبع شركة النظافة في المستشفى، والجثث وضعت داخل حاوية التبريد بشكل يهين كرامة الموتى، كما أن العامل عبر من فوق الجثث للوصول إلى جثة جدي، وعندما تأكد من هويته طلب مني مساعدته لحمل الجثة ونقلها إلى الخارج». واتصلت «الحياة» مراراً بالمتحدث باسم المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة جازان بالإنابة حسين معشي للتعليق على هذا الأمر، لكنه لم يجب. وكان أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز وجّه بتشكيل لجنة لإيجاد حلول عاجلة لإنهاء تكدس جثث الموتى في ثلاجات مستشفيات المنطقة، التي وصلت حتى الآن إلى 314 جثة، معظمهما لمجهولي هوية. وتبرأت مديرية الشؤون الصحية في منطقة جازان من تلك المشكلة، وألقت باللوم على جهات حكومية أخرى، بحسب ما ذكره متحدثها الرسمي بالإنابة حسين معشي. وقال معشي ل«الحياة»: «عدد الجثث وصل إلى 314 جثة، منها 252 جثة لمجهولي هوية، والبقية لمقيمين ومواطنين، وثلاجات المستشفيات تعتبر أمانات تحفظ جثث الموتى إلى حين إنهاء الإجراءات من جهة الجثة المعنية، ومن ثم يتم تسليمها فور وصول خطاب من الجهة نفسها»، مشيراً إلى أن تكدس الجثث لا يخص المستشفيات بل الجهات المعنية، التي تتأخر في إنهاء إجراءات المتوفين. من جهته، أكد مصدر أمني ل«الحياة»، أن من أسباب تكدس الجثث في ثلاجات الموتى في المستشفيات بطء الإجراءات المتخذة، وركود الأوراق لدى الجهات المعنية، وعدم تجاوب سفارات بلادهم وذويهم في سرعة إنهاء إجراءات دفن الجثث المتكدسة داخل ثلاجات المستشفيات، لافتاً إلى أن معظم الجثث داخل ثلاجات مستشفيات المنطقة تعود لمجهولي الهوية، منها جنائية، أو شبه جنائية، أو وفاة طبيعية، وتعتبر وفيات الحوادث المرورية من المجهولين جزءاً من تلك الجثث التي تحفظ في الثلاجات. وأضاف أن الجهات التي دائماً ترسل الجثامين إلى الثلاجات هي حرس الحدود، والشرطة، والدفاع المدني، والمرور، مشيراً إلى أنه يتطلب البت في عملية دفن الجثمان لأي جثة صدور تقرير الحمض النووي الوراثي dna في معظم الحالات، والتحاليل تكلف أموالاً باهظة، مبيناً أن تأخر صدور مثل هذه التقارير يؤجل عملية الدفن.