مصر التي جاء ذكرها مرتين في القرآن، عاش فيها فرعون فخوراً بأهرامه وسحرته وخسر معركة قاسية مع نبي الله موسى الذي دعا ربه واستجاب له، مصر التي كانت رمز العروبة قزمها حكامها وظن الكل أنها انتهت وأصبحت في خبر كان، فأصبح الناس يركنون الى معاني المسلسلات والمسرحيات التي تثأر لهم بالنيابة بكلمات مدسوسة وسط الكلام. كانت معاناة المصريين كبيرة جداً، الى درجة أن جيلاً بكامله هرم في ظل النظام، ولم يحتسب أبداً أنه سوف يأتي يوم يقف فيه الرئيس وعشيرته أمام القضاء، بل هناك من توفته المنية وترك خلفاً وهو لا يدري أن الأمور سوف تنقلب على ما كان. لو كانت هناك عدالة إعلامية واجتماعية في العالم لما انكبت وسائل الإعلام على نقل محاكمة مبارك شوطاً شوطاً نظراً الى أهمية الحدث التاريخي الذي دشنته دولة مصر الجديدة، لكن الدول المتقدمة أظهرت أساليبها المزيفة التي تمارسها، إذ ترعى الديموقراطية في بلدانها، وتعمل على ألا تحذو دول أخرى حذوها لئلا تتقدم، وذلك رغبة منها بإبرام العقود مع الأنظمة الاستبدادية لإنعاش اقتصاداتها المتأزمة. هناك ثلاث نقاط تجمع بين حاكمي مصر، فرعون ومبارك: 1-الاثنان حكما مصر بقبضة من حديد مستخدمين الظلم. 2- كلاهما تمت الإطاحة به بعد صراع عنيد أمام الملأ. 3- كلاهما مني بهزيمة على يد أبناء مصر. ترى ما هو التعريف الأولي للظلم؟ الظلم هو مجاوزة الحدود التي شرعها الله عز وجل والتطاول على الحرمات التي قدسها رب العباد، كتعذيب المسلم وسرقة ماله وقذف نسائه، وفي حديث ابن عباس أن النبي صلوات الله عليه لما بعث معاذ ابن جبل قائداً على اليمن قال له: «واتق دعوة المظلوم فاٍنه ليس بينها وبين الله حجاب». وحتى الدول العربية التي ليست فيها ديموقراطية مقبولة تتحاشى الكلام الكثير على اللحظة التاريخية التي تدونها مصر بالذهب، في عهد أصبحت العدالة الاجتماعية وحرية الرأي والمساواة بين المواطنين في الحقوق والوجبات أمراً مطلوباً لدى الشباب العربي.