درج أبو بدر على المبالغة في تدليل زوجته التي تعمل في مجال التدريس، حتى حرمها القدرة على اكتساب خبرات الحياة اليومية البسيطة، كاستخدام جهاز الصراف الآلي مثلاً، فتؤكد ل «الحياة» أنها لم تصرف يوماً راتبها، بل ولا تعرف كيف تستخدم الصراف الآلي لأنها لم تر قط كيف يفعل زوجها. وتقول أم بدر على رغم «أنني موظفة، فزوجي يفضل عمل كل شيء يخصني، حتى إنه يشحن هاتفي النقال»، مشيرةً إلى أنه يحب أن يسألها عما تحتاج إليه من مستلزمات المنزل فيذهب ليشتريها بمفرده أو يصطحبني معه. وتتابع: «عندما أكون مع صديقاتي في أحد المتاجر أشتري ما يلزمني شخصياً فقط، إذا أردت، أما حاجات المنزل فلا أشتريها إلا برفقة زوجي، أو يذهب هو لشرائها»، وكذلك الحال «عندما أريد دعوة صديقاتي إلى منزلي. يتولى زوجي كل الترتيبات اللازمة من إحضار الطعام، إلى تنسيق الديكور وترتيب سفرة الطعام كما أحب». وأم بدر هي من سعوديات كثيرات يتولى الرجال تصريف أمورهن الشخصية، سواء كان زوجها أو والدها أو أخاها أو ابنها، بحكم العادات والتقاليد وما تعود عليه أفراد المجتمع. ويمنع الخجل هديل (20 سنة) من تولي زمام أمورها، وعلى رغم أنها استخرجت شريحة هاتف بنفسها، إلا أنها تتجنب «أي عمل يتطلب التعامل مع شخص غريب، إذ تشعر أن سوء تفاهم سيحصل، وأنها لن تستطيع إفهام من تتعامل معه ما تريد. أما نجوى، وهي موظفة في القطاع الخاص، فلا تحب اعتماد المرأة كلياً على زوجها، مضيفة «لا أحد يضمن بقاء الزوج إلى الأبد، فمن الممكن أن تعيش المرأة مرحلة من حياتها بلا رجل، بسبب وفاة أو طلاق». وتؤكد أن المرأة التي تعتمد على زوجها بشكل مستمر ستشعر بالضياع إذا غاب عنها لأي سبب، مشيرةً إلى أن هناك نساء لا يعرفن تسديد الفواتير، أو كيفية استصدار شريحة هاتف نقال. وتلفت إلى أنها تعتمد على نفسها في تصريف أمورها الشخصية كلها، وتحل أي مشكلة تواجهها، ولا تنتظر زوجها، كما أنها تدفع فواتير هاتفها النقال بنفسها، إضافة إلى أنها أحياناً تدفع فواتير المنزل عند غياب زوجها، وتستطيع تحمل أعباء المنزل الأخرى. إلا أنها، كما تقول "تفضل الإمساك بالعصا من المنتصف"، موضحة أنها لا تتكل على زوجها في كل شيء، ولا تعتمد على نفسها في كل أمورها، "وقد أكون المرأة والرجل في الوقت نفسه، وكذلك يجب عليه أن يكون ملماً بتصريف أمور المنزل عند الحاجة". وترى الأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية والمشرفة على الفرع النسوي في هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة الدكتورة فتحية القرشي أنه «يمكن تصنيف النساء إلى صنفين فيما يختص بالحاجة إلى الاستقلال، فهناك نساء أدركن أهمية الاستقلال وضرورة تنمية القدرات لتحقيق الاعتماد على الذات باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من حقوق المرأة، وعنصراً مهماً في تحديد مكانتها، بينما توجد فئة من النساء ينقصها الوعي بأهمية الاستقلال المبني على تنمية الذات أو تعاني من الكسل أو العجز عن مواجهة التحديات فتلقي بجميع المهمات حتى اليسير منها على عاتق الرجال في محيطها». وتنبه إلى أن هذا الاعتماد الكامل يحول المرأة «إلى شخص يفتقر إلى الخبرات اللازمة، فيكثر مطالبه ويعاني مشاعر النقص وعدم الرضا»، وبذلك تكون المرأة «عبئاً اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً على هؤلاء الرجال». وأوضحت القرشي أن الأنظمة المحيطة والثقافة العامة أو الفرعية قد تسهم في تعطيل قدرات المرأة وتحويلها إلى كائن هامشي يسعى إلى التهرب من المسؤوليات، مستشهدة ب «سفر المرأة من دون موافقة الرجل وعدم الاعتراف بأهليتها على رغم توافر البطاقات، ومنعها من الاستئجار والتملك من دون موافقة أو وجود الرجل»، إضافة إلى عدم توافر «حقها المشروع في التنقل». ولفتت إلى أن العادات والتقاليد «توسعت في فرض قيود لم يقرها الدين على النساء، وتعتبر من الانتهاكات الواضحة للاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان».