عند تجولنا في الأسواق والدوائر الحكومية نلاحظ وجود العديد من النساء يقضين شؤون حياتهن الزوجية، نجد الواحدة منهن تشتري احتياجات المنزل الشهرية وتذهب بالأطفال إلى المستشفى وتتابع حالاتهم الصحية وهي التي تقوم بإنهاء المعاملات الحكومية وهي التي تسافر مع أولادها للترفيه والترويح في الإجازة دون وجود حقيقي للرجل في حياتها، مما يرسم علامة استفهام كبيرة حول اتكالية الزوج، التي أفرزت ذكورية المرأة في حياتنا الاجتماعية «الرسالة» سلطت الضوء على أسباب اتكالية الزوج والآثار الاجتماعية التي تخلفها على حياة الأسر في ثنايا هذا الموضوع: شدّد المستشار الأسري د. خليفة المحرزي على بروز ظاهرة اتكالية الزوج في الساحة الاجتماعية وقال إنها ظاهرة جديدة بدأت بالظهور مؤخرا على الساحة الاجتماعية وغيرت من الدور الاجتماعي التقليدي للزوجين وكان له بعض الانعكاسات في أن تصبح المرأة تتولى القوامة داخل الأسرة واتكال الزوج عليها في شؤون المنزل، وترك إدارة شؤون المنزل للزوجة التي تتولى تقريبا كل مستلزمات الحياة الزوجية، وهذه صورة تناقض ما كان سائدا في الماضي، لكن الحال اختلف الآن باختلاف معايير القوامة بين الجنسين، فبعدما كانت الزوجة منذ القدم هي الطرف الأضعف في العلاقة الزوجية باعتبار الزوج هو القيم الأول اختلف الوضع، وقد كشفت الدراسات أن أكثر من 35% من حالات الطلاق التي تتم حاليًا، ترجع إلى اضمحلال شخصية الرجل في المنزل وافتقاد دوره وعدم اهتمامه بشؤون البيت وتتجلى صور الاتكالية في عدة ممارسات لعل من أبرزها عدم الاهتمام بشؤون المنزل والاعتماد على راتب الزوجة تحت ذريعة أن راتبها يكفي لسد احتياجات المنزل وعدم الصرف على مستلزمات الأسرة والأبناء وعدم المشاركة في التربية، والأسوأ من هذا كله عندما تصل الاتكالية إلى حد ترك العمل والجلوس في البيت والاعتماد على راتب الزوجة كما أخبرتني إحدى الزوجات التي تعمل موظفة: إن المعاناة التي تعيشها تتمثل في كثرة المشاحنات اليومية لأنها تحولت فجأة إلى العائل الوحيد للأسرة وأصبحت حياتها مليئة بالتوتر، بسبب ترك زوجها لعمله، ورفض الالتحاق بأي عمل آخر.. والجلوس في البيت بلا عمل بحجة أنني أعمل ولا داعي لاستعجاله في البحث عن عمل جديد، وإذا جاء وقت الراتب استقطع لنفسه مصروفا خاصا به.. دون أن يفكر في مسؤولية المنزل أو أبنائه مما جعلني أفكر جديا في طلب الطلاق. أسباب الاتكالية وعزا المحرزي أسباب اتكالية الزوج إلى ضعف شخصية الرجل وتراخيه أمام زوجته، ورغبة الزوجة في تولي بعض الأمور المنزلية، حيث يعتبر من أقوى الأسباب في نشوء الاتكالية من بدء الحياة الزوجية، إلى جانب ضعف الوازع الديني لدى الزوج والذي يمثل أحد أهم هذه الأسباب، عندما يتجاهل الزوج مفهوم الحقوق الشرعية ومدى الالتزام والوجبات الزوجية، كما نجد من بين الكثير من الأزواج الاتكاليين من يبرر تصرفه بكثرة أعبائه ومشاغله وأسفاره تاركا إدارة المنزل لزوجته يساعدها الخدم. ذكورية المرأة وأضاف الخطورة تكمن في مسألة تغفل عنها معظم النساء وهي حقيقة أثبتتها البحوث العلمية مؤخرا، فاستمرار قيام المرأة بواجبات الرجال حتى وإن كانت كارهة لذلك تسهم في رفع مستوى هرمون الذكورة «التسترون الذكوري»، مما يؤدي إلى اكتساب صفات الذكر في التعامل والتخلي عن صفات الأنوثة عندها تكتسب بعض صفات الرجولة. ولكي تنضبط الأمور في الحياة الزوجية، فلا بد أن يقوم الزوج بدوره المناط به فالدين الإسلامي خصه بوظائف تناسبه مثل الإنفاق والإدارة في المنزل وتولى شؤونه كافة، ومتى تنازل أحد الطرفين عن دوره، فإن هذا إيذان بانهيار هذه الأسرة وتزعزعها وتسرب الضعف بين أفرادها. التربية الاتكالية وأشارت المستشارة الاجتماعية د. نوف بن علي المطيري إلى أن الزوج الاتكالي نموذج منتشر في كثير من البيوت وليس حالات شاذة ومن الأسباب التي تجعله بهذه الصورة هو تربيته فالبعض قد تربى على الدلال وعدم تحمل المسؤولية ولم يتم إعداده جيدا لأدواره المستقبلية ومنها دوره كزوج عليه واجباته وله حقوق فيعيش حياته وهو غير مبالٍ وغير قادر على تحمل المسؤولية وحينما يتزوج يرمي المهام على زوجته التي تضطر مرغمة على القيام بها في النهاية لأنها تعلم ألا فائدة من الحديث أو الصراخ فتتحول من زوجة إلى دور الأب والخادم وهذا يشكل عبئًا إضافيًا على الزوجة التي تصبح مطالبه بأن تكون الأب والأم والزوجة والخادمة، وكثير من النساء تعيش هذه المعاناة مرغمة فهي لا تريد الطلاق وحرمان أطفالها من والدهم وليس اصعب على المرأة من حمل لقب مطلقة في مجتمعات عربية لا ترحم ولذا تلجأ تلك السيدات للصمت والبقاء في ظل ذكر تناسى دوره ورمى مهامه ومسؤولياته على زوجته المسكينة وحتى أكون منصفة هناك زوجات يصنعن هذا النموذج بدون قصد طبعا فلا توجد امرأة تعشق حمل المسؤوليات، والقيام بكل الادوار ولكن بعض السيدات تربت في منازل يكون فيها الأب اتكاليا وتظن أن هذا الأمر طبيعي وأن على الزوجة القيام بكل المهام وتدليل زوجها وحمل المسؤوليات عنه ومنها المسؤوليات المالية والصرف على المنزل والأطفال ورعايتهم والاهتمام بشؤون المنزل ليبقى هو في عالمه الخاص حرا طليقا بلا مسؤوليات ولا هموم. راتب الزوجة حينما يفقد الرجل وظيفته أو يكون بلا عمل ثابت يعتمد على زوجته الموظفة حتى يجد وظيفة أخرى، بعض الرجال يعتمد على راتب زوجته في الصرف على المنزل والأطفال ودفع رواتب الخدم وشراء احتياجات المنزل أو شراء سيارة للبيت حتى السفر قد يطلب منها دفع تكاليف سفرها هي والأبناء!، طبيعة عمل الزوج: بعض الرجال تكون طبيعة عمله تتطلب السفر بشكل مستمر ولفترة طويلة وبالتالي تصبح الزوجة هي الأب والأم وبالتالي تتحول من شخص يحتاج إلى من يرعاه إلى شخص يقوم بكل المهام وهذا ظلم كبير لها ومخالفة لوصايا المصطفى عليه السلام حينما قال «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته». آثار اتكالية الزوج وأضافت: من أبرز الاثار واهمها التأثير السلبي على الحياة الزوجية. الزواج قائم على التكامل وعلى أن يقوم كل طرف بمهامه وواجباته فكل الطرفين له حقوق وعليه مسؤوليات وحينما يتخلى طرف عن مهامه ويهرب من المسؤولية يشعر الطرف الثاني بأن الآخر قد خذله ويشعر بالمرارة والغضب مما يؤثر على علاقتهم ويشعر كل طرف بأنه يعيش بمفرده وتخلي الزوج عن مسؤوليات ومهامه قد يدفع بالمرأة خارج محيطها الطبيعي وتتحول من أنثى بحاجة للرعاية والاهتمام إلى تغيير طبيعتها وتصبح رجلا بمسمى انثى وتصاب بحدة في الطباع وخشونة لا تتفق مع طبيعتها الرقيقة. فقدان الاحترام: الزوجة التي تشعر بأنها تعيش في ظل ذكر هرب من مسؤولياته لن تحترمه وقد يؤدي اهماله لمسؤولياته إلى تعرضها للتحرش خارج منزلها لأنها مضطرة للتعامل مع الرجال الغرباء، وقد تبقى معه فقط من أجل ابنائها وحتى لا تحمل لقب مطلقة والأبناء سوف يفقدون قدوتهم وعماد المنزل والشعور بأن هناك أبا يمكنهم الاعتماد عليه وتلقي النصيحة منه والمساعدة وسوف يتولد لديهم شعور باللامبالاة وربما عدم احترام هذا الأب الاتكالي. وأكدت المطيري أن الزوج الاتكالي يعد مشكلة عصرية وتعاني منها كثير من الزوجات وخصوصًا الموظفات وأفضل حل هو المصارحة، وتوزيع المسؤوليات بينهم وتخبره بكل صراحة أنها لا تستطيع القيام بكل المهام والمسؤوليات ولا الجمع بين اعباء المنزل ومهام العمل إن كانت موظفة فلكل إنسان طاقة قد تنفذ وينهار، فعلى الزوجة أن ترسم الحدود وتوزع المسؤوليات والمهام وتكون حازمة وجادة في طلب التغيير الذي لن يتم بسهولة ودون مقاومة أو اعذار من الزوج وعليها أن تتحلى بالصبر والإرادة لتحدث التغيير. السبب المرأة وأعرب الداعية الإسلامي د. إبراهيم بو بشيت عن أن الزوج الاتكالي يعد كارثة أسرية في حقيقة الأمر وذلك لأن لهذه المشكلة أسبابا كثيرة تجعل من الزوج اتكاليا ومنها الزوجة الموظفة قد تصاب بهذا الداء فالزوج يتكئ على راتبها وعلى تسيير شؤونه الخاصة فتصبح المرأة هي التي تقضي أمورها بدون حاجة للزوج، كما أن شخصية المرأة القوية تسهم في وجود الزوج الاتكالي، شخصية الزوج التي تبحث عمن يريحها كما أن المرأة اللجوجة والتي تجعل الرجل يكلها لنفسها فهي تنتقد كل شيء ولا يعجبها أي فعل يفعله الزوج وتعيب كثيرا على الزوج أو العكس الرجل الذي يعيب كثيرا فيلجأ كلا الطرفين أن يقضي أموره بنفسه، كما أنه يقود إلى هذا الأمر ضعف القوامة لدى بعض الرجال فليست القوامة أن يزجر المرأة وينهاها بل عليه أن يقوم بشؤونها فإذا خرجت من بوتقة الملك وأصبحت تعمل فمعناه أنها خرجت من الأنوثة والوداعة وأصبحت في صفوف الرجال، كما ان الظروف العائلية لها دور في جعل المرأة تعتمد على نفسها ولا تعتمد على زوجها، والظروف الاجتماعية قد تقود المرأة في بعض الأحيان إلى مثل هذا التيار الخطير وهو استرجال المرأة، كما أن رفقة بعض النساء «والصاحب ساحب» فحينما تسمع الزوجة من رفيقاتها أو زميلاتها في العمل بأنهن يذهبن بأنفسهن لقضاء حوائجهن ولا يعتمدن على أي احد فهذا يفرز مثل هذه الشخصيات، وقد مرت عليّ حالات تقوم بأفعال لا يقوم بها الرجال أصلا لذا أؤكد أن المرأة هي السبب في وجود مشكلة اتكالية الزوج فالمرأة هي التي ساهمت في إيجاد مثل هذه الشخصيات الاتكالية من خلال سكوتها وعدم طلبها للزوج للقيام بواجباته وأوقات تقوم بشؤون المنزل لأجل لا تتعبه أو خوفا من خصامه وخاصة أن الرجال يحبون الكسل حبا جما ويتمنون أمنية أن يتوفقوا بامرأة تكفيهم مؤنة السوق والمراجعات ومتابعة الأولاد ومذاكرتهم.