أربع ملايين زائر ل «موسم الرياض» في أقل من شهر    نونو سانتو يفوز بجائزة مدرب شهر أكتوبر بالدوري الإنجليزي    جازان: إحباط تهريب 200 كغم من القات    ترقية بدر آل سالم إلى المرتبة الثامنة بأمانة جازان    جمعية الدعوة في العالية تنفذ برنامج العمرة    «سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر هندسة البيانات    الأسهم الاسيوية تتراجع مع تحول التركيز إلى التحفيز الصيني    انطلاق «ملتقى القلب» في الرياض.. والصحة: جودة خدمات المرضى عالية    تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع من أراضي شمال الرياض ومشروع تطوير المربع الجديد    الإتحاد يُعلن تفاصيل إصابة عبدالإله العمري    بطلة عام 2023 تودّع نهائيات رابطة محترفات التنس.. وقمة مرتقبة تجمع سابالينكا بكوكو جوف    نيمار: 3 أخبار كاذبة شاهدتها عني    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    5 طرق للتخلص من النعاس    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    «مهاجمون حُراس»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    حديقة ثلجية    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    الهلال يهدي النصر نقطة    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أنهت الثورات العربية نتائج 11 أيلول؟
نشر في الحياة يوم 11 - 09 - 2011

أطلق تدمير برجي نيويورك موجة عارمة من الأحكام والاستنتاجات في شأن المسار الذي اتخذته الشعوب العربية والإسلامية في التعبير عن نفسها وعن قضاياها.
وراجت في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) مقولات شاركت في وضعها وتكريسها مجموعة من المفكرين الغربيين البارزين كجان بودريار وجاك دريدا وغيرهما، تتلخص في التركيز على حلول «العنف المشهدي» الذي يسعى منفذوه والمسؤولون عنه إلى صدم وعي المجتمعات والحكومات الغربية وحملها على تغيير سياساتها في بلدان الشرق بسبب العجز عن دفعها الى القيام بالأمر ذاته بوسائل أخرى، في ظل الاختلال الكبير في موازين القوى بين المجموعات «الجهادية» وبين الدول المسيطرة سياسياً واقتصادياً على البلاد التي خرج «الجهاديون» منها.
وبدا في الأعوام الأولى التي أعقبت هجمات نيويورك وواشنطن، أن الجهات السائرة في طريق العنف المشهدي، تكتسب المزيد من الزخم وأن الإرهاب بات قادراً على انتخاب الخاصرة الرخوة وتوجيه ضرباته القاسية الى أعدائه. ومن السياح الأستراليين في بالي الإندونيسية الى صغار الموظفين الإسبان في قطار الضواحي في مدريد، إلى قطارات الأنفاق في لندن، كان منفذو الهجمات يراهنون على أن إيقاع العدد الكبير من القتلى المدنيين في صفوف العدو وترويعه، عبر نشر الفوضى التي تعقب الهجمات وإظهار ضآلة قدرات الأجهزة الأمنية وأجهزة الدفاع المدني على التعامل مع هذا النوع من الهجمات، كلها عناصر ستنتهي الى اقتناع المجتمع المستهدف بأولوية الانسحاب من الشرق الأوسط، المصدر الأساسي لمنفذي الهجمات.
وباستثناء إسبانيا التي قررت الحكومة التي جاءت في أعقاب تفجيرات قطارات مدريد سحب قواتها من العراق، فإن أياً من الحكومات الأخرى لم تخضع للمطالب التي كان الإرهابيون يوجهونها إلى الحكومات الأوروبية والأميركية، عبر رسائل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن ومساعديه. لكن هذا لا ينفي أن تلك الهجمات والتهديدات أدت دوراً في القرارات التي اتخذتها دول في إعادة جنودها إلى بلادهم من العراق وأفغانستان.
تبين هذه الدائرة مقتل الإرهاب حتى في طوره المشهدي. فهجمات الحادي عشر من أيلول، جاءت رداً على الدور الأميركي في العالم العربي وعلى انحياز الإدارات الأميركية الى جانب إسرائيل. وتسببت هذه الهجمات في احتلال أفغانستان، القاعدة الأولى ل «القاعدة» ثم العراق الذي قررت إدارة جورج بوش احتلاله لما يمكن أن يشكل من تهديد وليس لكونه تهديداً واقعياً. وجد «الجهاديون» أنفسهم حينذاك أمام واقع جديد فاضطروا الى خوض حروب في البلدين المحتلين وفي البلدان الغربية. أي أنهم فتحوا على أنفسهم جبهات كبيرة لم يكن من العسير إدراك صعوبة تحقيق النصر على أي منها. ويستدعي الحديث عن الإنجازات التي حققتها المقاومة العراقية أو حركة طالبان الأفغانية، بنجاحهما في إخراج القوات الأميركية من دون أن تتمكن هذه من تحقيق الأهداف السياسية التي جاءت من أجلها، سؤالاً مقابلاً عن قدرة الأفغان والعراقيين على صوغ توافقات سياسية عابرة لانقساماتهم الأهلية الطائفية والجهوية، ولولاءاتهم الخارجية، في سبيل بناء دولة مستقرة.
ويعيد السؤال المذكور التأكيد على أن الطابع العبثي للعنف المشهدي لم يكن خافياً على أحد منذ هجمات 11 أيلول، وأن الحدود التي سيبلغها لم تكن غامضة. بل كان الظن يغلب أن «الجهاديين» ليسوا أكثر من تعبير صاخب عن الأزمة الحضارية والسياسية التي تعاني منها المجتمعات العربية والإسلامية، خصوصاً في جانب العلاقة بين هذه المجتمعات والغرب والحداثة. وكان بعض الكتاب الغربيين مثل برنارد لويس قد ذهب الى حدود تشخيص الأزمة تلك بأسباب تكمن في جذر الحضارة العربية- الإسلامية، بالتالي استحالة التعامل مع شعوب الشرق إلا بصفتها كائنات ملوثة بجرثومة العنف الديني. وجاءت الأعوام التي أعقبت أحداث مانهاتن وفشل المساعي الأميركية في تعديل المناهج التعليمية ونشر الديموقراطية في الدول العربية، لتكرس رؤية سكونية الى المجتمعات العربية بصفتها غير ملائمة للديموقراطية وغير جاهزة للتعامل مع ثمرات الحداثة الفكرية والسياسية.
ورسخت المقاربة هذه التعامل الأميركي والغربي مع قضايا المنطقة بصفتها مشكلات يمكن حلها عن طريق إبقاء خيوط التواصل مفتوحة مع حكام مستبدين. وتراجعت أفكار ساذجة عن فرض الديموقراطية لتحل مكانها أفكار لا تقل سذاجة عن التسليم بشرعية حكام عرب وديمومتهم.
الثورات العربية التي بدأت من تونس، تساهم في إدخال تغيير جذري على هذا التصور. والحاكم السعيد الذي يملك زمام الأمور ويدير دولة شديدة التعقيد والتنوع مثل مصر مستخدماً الهاتف، نموذج يقترب من الاندثار. وسيتعين على الغرب بدء التعامل مع دول المنطقة بما هي عليه واقعاً من تعدد في مراكز القرار وصعوبة في فهم أمزجة ومصالح شرائح اجتماعية متنوعة ومختلفة. وليس سراً أن إدارة الاختلاف في العراق كانت كارثة على المستوى الأميركي. وقد يبدي الأميركيون البؤس ذاته في المستقبل في ظل تعاملهم مع الشؤون العربية بأسلوب المياومة، أي السياسة التي توضع كل يوم بيومه.
السؤال يبرز هنا عن العلاقة بين أحداث 11 أيلول، وما تمثل من صعود لتيارات العنف الجهادي الى حدودها القصوى وبين الثورات العربية الجارية اليوم.
الأرجح أن الفشل الكبير الذي منيت به الحركات الجهادية، على صعيد السياسات الداخلية، وعدم قدرتها على تحقيق إنجاز بسيط واحد في صراعها مع أنظمة الاستبداد، بل انطواء الحركات ذاتها على بذور استبداد وقمع يبدوان أسوأ من ذلك الذي تمارسه الحكومات القائمة، قد حمل الفئات المتضررة من الأنظمة الراهنة، على البحث عن أساليب جديدة لتحقيق أهدافها في التغيير السياسي، عبر التظاهرات السلمية والعمل الإعلامي والتنظيمي من خلال وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة.
ربما من المبكر نعي الحركات الجهادية المسلحة. فعلى رغم الضربات العسكرية والأمنية الشديدة التي تعرضت لها وعلى رغم ظهور إفلاسها وعجزها عن التغيير بسبب احتقارها للعمل الجماهيري وانفصالها عن مجتمعاتها، إلا أن المكمن الأول لقوة هذه الجماعات أي العلاقة المختلة بالغرب، وهيمنته الثقافية والاقتصادية وانحيازه الى من يصنفون كأعداء للمسلمين، ما زال يشكل مصدر حياة للحركات الجهادية. ويطرح ذلك على الثورات العربية مهمة جديدة وكبيرة لعلاج هذا الاختلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.