«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    حلول ذكية لأزمة المواقف    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أرصدة مشبوهة !    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    فعل لا رد فعل    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 29 - 04 - 2011

لايقف الحديث مع المفكر الإسلامي مروان شحادة الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية عند حدود التفاؤل بنتائج الثورات العربية فقط، بل يذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيده على تراجع الفكر الجهادي بسبب نشوء البيئة الحاضنة للثورات وانكسار حركة القاعدة وتفككها من الداخل، خصوصا بعد نجاح أسلوب الردع الفكري والأمني لوزارة الداخلية السعودية في شل حركتها والقضاء على خلاياها النائمة. شحادة أكد على فشل المشروع الفارسي الصفوي في المنطقة العربية وحذرحركة حماس من الثمن الغالي الذي ستدفعه لتحالفها مع إيران، أوضح بصراحة: أن التخوف من صعود الإخوان المسلمين للسلطة في مصر لامبرر له؛ لأن قادة الإخوان لايتمتعون بالثقة، واصفا نظامهم الداخلي بالترهل وعدم النضج، بل وحملهم مسؤولية فشل كل مشاريع النهضة الإسلامية. وعن النموذج القادم قال بلاتردد: لابديل عن التجربة المدنية الناعمة لإسلام سياسي مدني غير متشدد التي يطبقها حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة رئيس الوزراء الحالي رجب طيب اردوغان.
تفاصيل صاخبة بين السطور والكلمات لرجل مارس العمل الجهادي في شبابه ضد الإسرائيليين في لبنان، وظل مطاردا ومنفيا يقارع بقلمه وحجته وفكره المحاولات الصهيونية لطمس الحقائق ليصل إلى مرحلة قراءة الواقع الإسلامي المعاش، بدأتها بسؤال هادىء جاءت بعده الريح عاصفة.
• أين تقف الحركات الإسلامية اليوم من واقع الأحداث التي يشهدها العالم العربي؟
ابتداء دعنا نشخص المشهد في الثورات الشعبية، وكما تعلم فالحركات الإسلامية في العالم العربي مرت بظروف مختلفة، وهناك حركات الإسلام السياسي الدعوي وحركات الإسلام السياسي الحركي وحركات الإسلام السياسي الإصلاحي والجهادي والحركات الإسلامية كانت في معظم الدول العربية التي تسمح بحرية ترخيصها ومشاركتها في العمل السياسي بشكل علني، ولكن ضمن محدودية الحركة وإن لم يكن يعلن عن هذا الأمر ففي تونس حصل غياب كامل للحركات الإسلامية ولا أقول فقط للحركات الإسلامية، بل أقول للإسلام في تونس على سبيل المثال فقد كان غائبا بالكامل ولا يمكن فصل الحركات الإسلامية للوصول إلى أهدافها التي تسعى إليها ليس فحسب باستهداف الأحوال الإسلامية كما تعلن غالبية الحركات الإسلامية والتي تستخدم وسائل شتى سواء سلمية أو عنيفة للوصول إلى السلطة.
وأعتقد أن الحركات الإسلامية التي تسعى لاستئناف الإسلام منذ سقوط الخلافة مازالت حركات فاشلة في إحداث إصلاح معنوي للأمة العربية والإسلامية بسبب المؤامرات الغربية التي تقف سدا منيعا من أجل توقيف هذه النهضة من خلال وكلائها وعملائها.
• ألم يكن مشروعها فاشلا من البداية أصلا بعيدا عن نظرية المؤامرة التي نحاول أن نستخدمها دائما؟
أنا أعتقد أن الإطار العام لفشلها بدأ مع اتفاقية سايس بيكو وتقسيم الوطن العربي والعالم الإسلامي في نظم سياسية لا تملك إرادتها السياسية وتبعية هذا النظام السياسي سرية أو علنية أو مباشرة أو غير مباشرة مع النظم الاستعمارية في السابق وفي ظل تغير النظام العالمي الجديد منذ بداية التسعينيات إلى الآن أصبح النظام الدولي نظاما أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك اعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما نتحدث عن النظام الدولي نقول: إن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تحارب أي مشروع نهضوي إسلامي.
• بالرغم من التنازلات التي قربت المسافة بين الطرفين؟
أنا أعطيك دلالات أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وضعت الإسلام والمسلمين وأنا أقصد بالإسلام ليس النظم، بل أقصد الحركات الشعبية والحركات الإسلامية التي وضعتها في سلة واحدة، وأصبح كل ما يمت للإسلام بصلة إرهاب بالنسبة لها لا تثق بحركات الإسلام السياسي التي لا تؤمن حتى بالعنف وحركات الإسلام السياسي التي تؤمن بالديمقراطية والتعددية السياسية وتؤمن بإجراء انتخابات حرة نزيهة، وأعتقد أن هذه الثقة التي غرستها الولايات المتحدة الأمريكية بحق حركات الإسلام السياسي في محاولة منها لإيجاد شبكات حركات الإسلام المعتدل، وأوجدت تسميات لا حصر لها بعيدة عن الواقع لإيجاد نموذج إسلامي الهدف منها طمس الهوية الإسلامية ليكون الإسلام سياسيا بثوب أمريكي.
• وهل أفلح أسلوب توظيف الجانب الديني لتحقيق أغراض سياسية في تحقيق مكاسب لهذه الأحزاب؟
عزل الدين عن السياسة خطر من الناحية العقدية وبروز مايعرف بالفتاوى السياسية لمواجهة الحراك الإسلامي السياسي أمر لايجب أن يحدث وفي رأيي أن الديني خدم السياسي في الحصول على ثقة القاعدة الشعبية من الناس خصوصا بعد تجربة الجماهير العربية للقومي والعلماني والليبرالي، حيث انتشر الفساد والمصالح الخاصة، بل إن كل هذه التجارب أثبتت أنها لاتمتلك إرادتها السياسية وتخدم المشروع الصهيوني.
• هذا يعني أن الخطاب الإسلامي بحاجة إلى تجديد؟
نحن لم نصل إلى هذه المرحلة وأنا أريد أن أشخص لك حالة النظم السياسية أو الإسلامية التي وقفت سدا منيعا ضد المشروع الأمريكي الصهيوني العالمي، فالحركات الإسلامية مرت بطور لم يكن فيه المشروع النهضوي مكتمل النضوج وكل محاولة لإيجاد مولود من خلال حركات دعوية أو حركية أو جهادية لقيت معارضة شديدة ووجهت بالقوانين، والسبب بالإجمال أن الحركات الإسلامية بمجملها لم يكن لهم حضور سياسي سواء كان سلميا أو جهاديا، وكانت النظم السياسية لدول ما بعد الاستقلال دول قومية، ولذلك واجه أي مشروع إسلامي يريد أن يشارك ويؤمن بالقوانين القومية والديمقراطية للوصول إلى السلطة أوعلى الأقل المشاركة فيها قوة شد عكسي ممانعة علمانية أو قومية.
• تقصد الأحزاب التي نشأت في الخمسينيات والستينيات الميلادية التي اختطفت الحركات السياسية؟
نعم.
• مع أن الأحزاب القومية كانت قائمة على توجه إسلامي في بداياتها لتحرير فلسطين؟
لكنها لم تكن واضحة المعالم إسلاميا.
• حتى الإخوان المسلمين؟
للأسف أن الإخوان حتى هذه اللحظة لا يملكون مشروعا نهضويا إسلاميا متكاملا في كل العالم العربي؛ لأنهم يتلونون بحسب مصالحهم وليس بحسب عقائدهم.
• هناك من قال إنهم سبب البلاء في العالم العربي؟
وأنا أتفق كثيرا مع هذه المقولة، فالإخوان المسلمين ساهموا في إجهاض أي مشروع نهضوي حقيقي مفيد للأمة الإسلامية وحالوا دون وصوله للهدف.
• ما الذي يستدعيهم لاتخاذ هذه المواقف؟
بسبب أن استراتيجيتهم لم تتطور. لديهم جمود وترهل ولديهم بنية متهالكة من عام 1928 وحتى الآن لم تتغير وتتطور، فهم نفس القيادات التي تحاول أن تحافظ على مكتسباتها ومصالحها الدنيوية وتركيزهم على العمل السياسي أكثر من الدعوي.
• مع أنهم أنشأوا حزبا جديدا وأرسلوا رسائل بريئة لمرحلة مابعد الثورة؟
هذه رسائل عاجزة لأنهم لا يملكون القدرة على الحكم كما أنهم لايثقون بقدراتهم على تولي الحكم.
• رغم أن الثورات قامت بحثا عن القيم التي يدعون إليها تقريبا؟
ولكن ما يميز الثورات العربية أنها غير مؤدلجة وتتمحور حول الحريات والحقوق والموارد بمعنى أن الإنسان يريد أن يعيش بحرية وبكرامة ويريد أن يمتلك شخصيته على الأقل وأعتقد أن الجماعات الإسلامية كما الآخرين فوجئت بهذه الثورات.
• ألا تتخوف من إمكانية القفز على هذه الثورات؟
ربما يكون هناك استثمار من قبل الجماعات الإسلامية التي تمتلك مشروعا إسلاميا سياسيا استثماريا ناضجا، كما حدث في مصر وأنا أعتقد أن كثيرا من الجماعات الإسلامية بما فيهم الإخوان المسلمين سارعوا لتسجيل أحزاب سياسية وحصلوا على تراخيص وهناك دراسات واستطلاعات المركز الأمريكي الذي أجرى دراسة على مصر فوجد أن 95 في المائة من الشعب المصري يريد الإسلام، فالجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي التي كانت في أقصى التطرف الإسلامي والتي كانت لا تؤمن بالتغيير إلا باستخدام القوة وخيارها الوحيد هو بالجهاد بدأت الآن تؤمن بالاسترجاع عن طريق حركات إسلامية وتشارك في العمل السياسي .
• هل هذا التغير يعتبر تطهرا من آثام سابقة؟
أنا لا أسميه تطهيرا؛ لأن هناك طرقا في الجهاد غير القتال كالتبسم في وجه أخيك وهذا يعتبر نوع من الجهاد.
• أقصد التطهر من ملوثات القاعدة؟
السلفية الجهادية في كل أدبياتها ونظرياتها ومنظريها كتبوا ما يعرف لدى الفقهاء مرحلة النكاية والنكاية سواء بالأنظمة أو ثورة بالمفهوم المعاصر، ولم يكتبوا عن مرحلة ما بعد النكاية أو ما بعد الثورة التي هي مرحلة التمكين بالمفهوم الفقهي وهذا يكشف أنهم لا يملكون مشروعا سياسيا مدنيا.
والحقيقة أن القاعدة في بنائها السياسي ورؤيتها السياسية فقيرة إلى حد كبير لانشغالها بالفتاوى والمسائل المتعلقة بالنكاية وبالوصول لمرحلة التمكين، لذلك فشل مشروعها السياسي في العراق فشلا ذريعا بسبب عدم امتلاكها لرؤية أو مشروع ما بعد الثورة.
• إلى أي مدى نجحت الضربات الاستباقية في إضعاف الخلايا النائمة لحركة القاعدة؟
لاشك أن المقاربة الأمنية التي اتبعتها المملكة بالتزامن مع المقاربة الفكرية من خلال برامج المناصحة تعتبر النموذج الأمثل لردع حركات الإسلام السياسي العنيفة والمتشددة مثل تنظيم القاعدة. وقد أكدت التجارب والمحاولات التي قامت بها كثير من الدول أن المعالجة الأمنية لوحدها لاتكفي. وفي تصوري أن هذه الضربات ساهمت في تغيير رؤية السلفية الجهادية والتي تعتبر القاعدة ذراعها الأبرز فيما يتعلق باستهداف النظم السياسية.
• تعتقد أنه تحول شامل أم تراجع تكتيكي؟
أعتقد جازما أنه تحول بفعل الضربات الأمنية والمطاردة، وكذلك بفعل عدم جدوى هذه المعركة؛ لأن المعركة الأساسية في الواقع ليست ضد جيش عربي مسلم وكلما شاهدنا كيف حمى الجيش المصري البلاد في ثورة 25 يناير، وهناك تغيير جذري نحو رفض هذه الأفكار والتعامل بأساليب جديدة وماحدث في العالم العربي من ثورات لم تحدث من قبل أنشأ سننا كونية جديدة في أحداث التغيير، وكمثال فالسلفية الجهادية في الأردن فشلت بالرغم من مشاركتها في الاعتصامات إلا أنها فشلت في الاستمرار بنفس نهج الاعتصامات السلمية ولو في تحقيق بعض المطالب الجزئية وقاموا بحمل الأسلحة البيضاء في مواجهة المناوئين لهم فأحدثوا صداما أدى إلى إصابات كبيرة وهذا يدل على أنهم لم يستوعبوا المرحلة الحالية وغاب عنهم تصور وفهم طبيعة المرحلة واستثمارها بشمل جيد ومن السهل اختراقهم وتوجيههم.
• إذن لا نتوقع ولوفترة قريبة حدوث تسونامي جهادي جديد؟
ثورات التغيير التي يشهدها العالم العربي حاليا والحراك السياسي في مختلف البلدان العربية أضعفت خطورة الحركات الجهادية وأصبحت البيئة الحاضنة للثورات إرادة كونية لإحداث التغيير، وأي نظام سياسي لن يسابق الزمن في التغيير والإصلاح سيتأثر من هذه التغيرات من جراء نفسه.
• من خلال الفيس بوك؟
هذا وهم صهيوني صنعته أمريكا من جراء الصدمة وصنعت منه أبطالا، بعد أن وجدت أنها أمام حراك شعبي غير موجه من أطراف خارجية.
• لكن إسرائيل الآن أكثر تخوفا مما يجري في العالم العربي حاليا؟
لأن العالم العربي إذا امتلك إرادته السياسية فإن هذا يعني زوال دولة إسرائيل وهذا أمر حتمي على المدى المنظور وربما يحدث من خلال ثورة شعبية كما حدث مع النظم العربية.
• الكثير من المتابعين يرى أن مشروع السلفية الجهادية فشل أيضا في الشيشان وفي أفغانستان؟
هذا صحيح والسبب أن مثل هذه المشاريع الجهادية تصلح لمرحلة مقاومة الاحتلال أو مرحلة النكاية؛ لأنها مشروع مرحلي ولا تصلح لمرحلة ما بعد الثورة أي التمكين بحيث تبني دولة أو مؤسسات أو بنية تحتية أو تقديم خدمات وهناك تجربة فقيرة لدى حركة الشباب المجاهدين في الصومال ولكنها لم تنضج بعد.
• وهل يمكن إيقاف النبتة الشيطانية لظهور الأحزاب المتطرفة؟
أعتقد جازما أن توسيع مساحة الحرية كفيل بمحاصرة الحركات المتطرفة بالتزامن مع معالجة معضلة الاستبداد السياسي في العالم العربي بإتاحة مناخ أوسع من الحرية للحركات الإسلامية المعتدلة.
• الغريب أن هناك حساسية عالية من كلمة السلفية في أي مكان في العالم؟
مفهوم (السلفية) من أكثر المفاهيم التباسا وغموضا لما ينضوي تحت جناحه من مدارس متنوعة الفكر ومختلفة المحتوى، ومن ثم فإن تعريف مفهوم السلفية وتصنيفه، ربما يثير جدلا لدى البعض، ومن الممكن أن يندفع المخالفون إلى توجيه الانتقادات لهذه التصنيفات.
• بسبب ما بينها من تنافر؟
لا يجب أن نغفل أن هناك مساحة التقاء بين المدارس السلفية الدعوية والإصلاحية والجهادية في كثير من المفاهيم العقدية من الناحية النظرية، إلا أن هناك فرقا شاسعا بين تلك المدارس من حيث أولويات العمل واستراتيجيات التغيير، بمعنى: هناك فروق بسيطة من الناحية النظرية في مسائل تتعلق بالإيمان والكفر، ومسألة الحاكمية. وتتراوح مواقف الحركات السلفية من أنظمتها السياسية في العالم العربي والإسلامي، بين الرؤى الإصلاحية التي تؤمن بالعمل السياسي السلمي من داخل الأنساق السياسية، وبين الرؤى الجذرية التي تطرح نفسها بديلا عنها، كما يلاحظ أن بعض هذه الحركات انطلقت أول ما انطلقت إصلاحية ثم تحولت إلى جذرية كما هي الحال بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وبعضها تحول من الجذرية إلى الإصلاحية ومثال ذلك جبهة الإنقاذ الجزائرية، والجماعة الإسلامية في مصر.
• هل يمكن أن يكون لحزب النهضة في تونس مسار مؤثر في قادم الأيام؟
حزب النهضة في تونس هو شكل من أشكال الاخوان المسلمين وسيرخص الآن لكن القوانين البديلة في مرحلة مابعد الثورة لم يحدث فيها تغيير جذري، وبصفة عامة فقد تباينت مواقف الاسلاميين وفتاواهم من الاعتصامات والمسيرات السلمية كما تباينت أراؤهم في المشاركة بشكل فاعل أم لا ، والواضح أن الجماعة الاسلامية في مصر مع الاخوان المسلمين عززوا هذه الثورة وساندوها والتحقوا بها لتحقيق أهدافهم والحال كذلك لبقية الفروع.
• ألم يكن متوقعا أن تخفف نسائم حرية التعبير وتفكيك المقاربة الأمنية التي تحققت في هذه الثورات خصوصا في مصر وتونس من رغبة الاصطدام لدى الإسلاميين؟
لكن هذا الأمر لم يحدث على أرض الواقع حتى الآن، والتغيير المنشود الذي ستصل إليه الثورات العربية قريبا سيحدث من خلال صناديق الانتخابات، وستظل الدول التي تشهد تسامحا بين الناس هي آخر الدول التي سيطالها التغيير.
• وهذا يعني أن المستقبل لن يكون لحركات الإسلام الجهادي؟
بدون شك فالمستقبل لحركات الإسلام السياسي، ولكن بحكم مراقبتنا للأحداث فهناك نقطة أكثر أهمية بالنسبة لحركات الإسلام الجهادي التي تتواجد في الأماكن التي تكثر فيها الفوضى ويحدث فيها صدام مباشر مع أعدائها، وأعتقد أنها في النهاية يمكن أن تتحالف مع حركات الإسلام الإصلاحي وهناك دافع بتوحد هذه الحركات مستقبلا طالما بقيت إسرائيل موجودة في أرضنا العربية.
• لكن الملاحظ أن الخطاب السلفي الجهادي أعلى صوتا من الخطاب الإصلاحي؟
لأن الخطاب السلفي الجهادي تهيمن عليه النزعة التسييسية العنيفة على عكس الخطاب السلفي التقليدي الذي يعتمد على الخطاب الدعوي السلمي المتدرج الذي يرفض العنف كآلية للتغيير.
• وهذا يعني أن خطاب التراجع إلى مرحلة المقاومة السلمية لن يحدث في الأراضي المحتلة ؟
المشكلة أن تيارات المقاومة الفلسطينية ليس أمامها إلا خيار عولمة الجهاد بعيدا عن الخيارات السلمية والتسويات الآنية طالما استمرت إسرائيل في فرض سياستها القائمة على تفكيك بنى المقاومة وضرب البنية التحتية للمجتمع الفلسطيني وإذلاله وتجويعه وتركيعه بحجة الحرب على الإرهاب، خصوصا مع استمرار اختلال ميزان القوى وانحياز الإدارة الأمريكية الفاضح إلى منطق القوة.
• هل ينسحب هذا الوضع على حركة حماس أيضا؟
حماس حركة براغماتية، وثقتها بين الناس بدأت تتزعزع بسبب تناقض إرادتها السياسية بالوقوف مع شباب الثورة في مصر وعلى العكس تماما بوقوفها مع النظام السوري، بعد أن صرح خالد مشعل من أن مايحدث في سوريا شأنا داخليا، إضافة إلى عدائها للسلفية الجهادية. وحماس في مرحلة الثورة تختلف عن حماس في مرحلة السلطة بمعاداتها لكل مخالف.
• هل يعني هذا أنها حركة مرحلية؟
أعتقد أن دخولها في التحالف الإيراني السوري الذي بدأ يضعف سيضعفها كثيرا.
• هذا يقودني لأسأل عن رؤيتك لمحاولات التدخل في شؤون الدول العربية التي تمارسها إيران حاليا، وهل يمكن أن تتحول بوصلة الصدام بين الحركات الإسلامية وحكم الملالي مستقبلا؟
إيران لاتحتاج لمثل هذه المواجهة؛ لأن مشروعها الفارسي الصفوي في المنطقة العربية فاشل، وبدأت سلسلة حلقاته تنفرط وتضعف مع الثورة الشعبية التي يغلب عليها السنة، وأعتقد أن التأثير لن يقف عند حدود إيران الداخل وإنما إلى العراق، حيث ستضعف الحكومة الموالية لطهران والأمر كذلك ينسحب على الشيعة في لبنان، إضافة إلى المحاولات والمبادرات الإصلاحية الجادة داخل إيران منذ عام 2005م وهناك آلاف من المعتقلين كما قتل الكثير من النشطاء الإيرانيين، والآن كبار قادتهم مثل موسوي وغيره مطلوبين للاعتقال؛ لأنهم بدأوا حركتهم الإصلاحية ضد حكم الملالي والمرشدين، وفي تصوري أن الأسلوب الذي استخدم في قمع المتظاهرين هو نفس أسلوب الحرس الثوري سواء في إيران وسوريا أوماقامت به حماس أيضا في ضرب المعارضين لها كما حدث في مسجد ابن تيمية في غزة العام الماضي.
• لماذا انتقدت أسلوب الشيخ عبدالله عزام -رحمه الله- ووصفت رؤيته بالعمومية في الوقت الذي يعتقد الكثيرون أنه كان النموذج الأكثر مقاربة للواقع بتسامحه مع الحكومات ووقوفه إلى جانب الجهاد ضد المستعمر وهوما تحتاجه حاليا الحركات الإسلامية؟
أنا لم أنتقده وإنما ذكرت كلاما علميا دقيقا لا مجاملة فيه، فقد كان مفهوم الحاكمية واضحا عند الشيخ عبدالله عزام لكنه لم يعتبره من أولويات العمل. حيث يمثل العدو الصهيوني المرتبة الأولى عنده وهدفه القريب البعيد وكلنا يتذكر أنه كان يردد دائما مقولته المشهورة : إن الطريق إلى القدس يبدأ من كابل، ولذلك فأنا أرجح أن عملية اغتياله كانت على يد الموساد وعملائهم في المنطقة. وأكثر ما كان يمكن وصفه للرجل بأنه داعية ومجاهد قام بدور التوجيه المعنوي والحشد والتعبئة ولم يكن قائدا عسكريا أو أمنيا كما لم تكن له رؤية سياسية أو أمنية أو عسكرية واضحة.
• ألم يحن الوقت لتراجع الأحزاب الإسلامية رؤيتها وبرامجها لتحقق المقاربة المطلوبة لثقة التعايش معها؟
ينبغي علينا التفريق بين مختلف التيارات الإسلامية السياسية وبرامجها المتنوعة، كما أن النظر إلى الجماعات الإسلامية كتيار موحد يتوافر على أيديولوجيا وبرنامج عمل واحد، أمر لا يتمتع بالدقة والمصداقية النظرية والعملية، حيث يتمتع تيار الإسلام السياسي المعاصر بتنوع وتعدد في الرؤى والأطروحات، إذ يوجد في هذا التيار قطاعات واسعة تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة كأمر استراتيجي وليس تكتيكيا مؤقتا، كما هو شأن حزب العدالة والتنمية في تركيا، وحزب العدالة والتنمية في المغرب ومثيلاتها من الأحزاب الإسلامية المنتشرة في العالمين العربي والإسلامي، إذ تستند أطروحات هؤلاء وأمثالهم على اجتهاد فقهي ينبني على تدبير الشأن الديني من خلال إنشاء دولة مدنية إذ يبدو أن أنصار الدولة المدنية لدى هذا التيار يحققون تقدما كبيرا في بعض البلدان، وتراجعا في بلدان أخرى.
• كيف ترى الشكل المتوقع؟
لا أشك مطلقا في أننا سنشاهد النظام العلماني المدني الناعم الشبيه بالنموذج التركي وإن كان بصور متباينة قد تقترب من الإسلام أكثر أوربما بنفس صورة حزب العدالة والتنمية التركي من حيث المرجعية الدينية، وأتمنى أن يطلع كل المهتمين بالشأن الإسلامي على التجربة التركية التي أراها نموذجا مستقبليا للمنطقة في ظل إسلام معاصر مدني بلاتشدد أي دولة مدنية لادينية وهذه مسألة في غاية الأهمية وينبغي أن تنصب كل الرؤى والأطروحات لمرحلة ما بعد الثورة لخلق نموذج سياسي ديمقراطي يقترب إلى الإسلام بمرجعيته الإسلامية ويكون السقف الأعلى فيه النموذج التركي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.