شكل قرار مجلس الوزراء السعودي الذي صدر الشهر الماضي بتفريغ قضاة في المحاكم العامة أو تكليفهم خارج وقت الدوام الرسمي، من أجل سرعة بت القضايا المتعلقة بالمساهمات العقارية حلاً جذرياً لمشكلة بت قضايا المساهمات العقارية بعد أن تجاوزت حاجز ال30 مساهمة متعثرة وشكلت مشكلة اجتماعية لا زالت آثارها ماثلة حتى اليوم. وجاء قرار مجلس الوزراء بإحالة أعمال لجنة المساهمات العقارية إلى جهة قضائية للفصل فيها بعد أن تبين عدم جدوى قرارات اللجنة لمعالجة جذرية لهذه المشكلات في المساهمات العقارية، إضافة إلى حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على إرجاع حقوق المساهمين بشكل كامل وإحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة. وعلى رغم الإجراءات التي اتخذتها وزارة التجارة لمعالجة جروح آلاف المساهمين ممن وقعوا ضحايا للمساهمات العقارية في السعودية من خلال تعيين مصفين قانونيين لتصفية ومعالجة أكثر من 60 مساهمة إلا أنها لا تزال قيد الانتظار. وحاولت لجنة المساهمات العقارية من وراء إسناد عدد من المساهمات العقارية لتصفيتها من مكاتب محاسبية وقانونية إلى التسريع بتصفية المساهمات العقارية، بعد أن أبدى عددٌ من ملاكها موافقتهم على ذلك، وتنفيذ التوجيهات العليا. واتفق قانونيون على أن القرار سيعالج الكثير من المساهمات المتعثرة، التي أضرت بالآلاف من المساهمين بسبب الثغرات الموجودة في النظام، خصوصاً أن الكثير من ملاك المساهمات آثروا التنصل والهروب من إكمال المشروع والاكتفاء بما أنجز، ليقينهم من تعذر الملاحقة وإمكان استرداد حقوق المساهمين، مشيرين إلى أن قرار مجلس الوزراء لتفريغ القضاة سيعيد حقوق المساهمين بالطرق الشرعية قضائياً عبر المحاكم الشرعية التي ستنظر في تلك القضايا خلال الفترة المقبلة بعد الانتهاء من الإجراءات المتبعة في ذلك. «وأوضح المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز الزامل أن نظام المساهمات العقارية السابق لم يتضمن احترازاً أو معالجة لإخفاق قيام المساهمة، وذلك من خلال وجود ثغرة فيه كعدم اشتراط تملك الأرض لصاحب المساهمة، الأمر الذي ترتبت عليه تداعيات الإخفاق في تنفيذ المشاريع العمرانية. وقال: «لم يكن بإمكان صاحب المساهمة أن يقوم بكل الإجراءات اللازمة لقيام المشروع العمراني من دون أن يكون مالكاً للأرض التي عليها المساهمة العمرانية»، فحين واجهت بعض أصحاب المساهمات عقبات تنفيذية آثروا التنصل من إكمال المشروع والاكتفاء بما أنجز، ليقينهم من تعذر الملاحقة وإمكان استرداد حقوق المساهمين». وأضاف: «حين تفاقم الوضع تم تشكيل لجنة مختارة من عدة جهات حكومية لمعالجة الوضع القائم، وقد شاب تشكيل هذه اللجنة قصور هيكلي، وآلية عمل قاصرة، فضلاً عن العنصر الزمني اللازم لحل هذه المشكلة المعقدة، وعدم تفرغ أعضائها للنظر الدقيق لكل مساهمة على حدة، من حيث نشأة المساهمة وقيامها، وعدد المساهمين، والقوائم المالية وعدم دعمها بالخدمات اللوجستية». وأشار الزامل إلى أنه نتيجة لذلك شابت قرارات اللجنة ازدواجية بصورة جماعية كلية، إذ إن البعض من المصفين لا يعنيه من أمر المساهمة إلا نصيبه من التصفية، بغض النظر عن تطوير المساهمة أو مراعاة ظرف المساهمة ومصلحة المساهمين، وحين تبين عدم جدوى قرارات اللجنة صدر قرار مجلس الوزراء بإحالة أعمال اللجنة إلى جهة قضائية للفصل في ذلك، إذ نص على أن «يفرغ قضاة في المحاكم العامة أو يكلفون خارج وقت الدوام الرسمي من أجل سرعة بت القضايا المتعلقة بالمساهمات العقارية»، حرصاً من خادم الحرمين الشريفين على إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة. من جهته، قال المحامي والمستشار القانوني محمد المؤنس إنه وعلى رغم أن قرار تشكيل لجنة تصفية المساهمات العقارية وما تبعه من قرارات ذات صلة قد نص على أن ما يحال إلى القضاء من تلك المساهمات يأخذ بصفة الاستعجال، إلا أن مثل ذلك لم يفعل، نظراً إلى ظروف انشغال المكاتب القضائية كافة بقضايا وجلسات سابقة، ما جعل من غير الممكن تنفيذ ما أشير إليه من صفة الاستعجال. وأضاف: «في صدور الأمر السامي تحقيق للغاية المنشودة التي استهدفها ولي الأمر من تشكيل لجنة تصفية المساهمات العقارية المتمثل في إنهاء معاناة آلاف المساهمين وتلافي ما صدر من بعض الجهات الحكومية ذات الصلة من أخطاء صاحبت نشوء مثل تلك المساهمات». واعتبر الدكتور إبراهيم الأبادي قرار مجلس الوزراء القاضي بتفريغ قضاة في المحاكم العامة نقطة تحول في تاريخ المساهمات العقارية في السعودية، لافتاً إلى أن القضاء سيحل الكثير من مشكلات المساهمات العقارية. وأشار إلى أن قضايا المساهمات العقارية ستتم إحالتها إلى القضاء، مؤكداً أن الفصل الأخير في هذه المساهمات سيكون من صلاحية القضاة الذين سيتم تفريغهم خلال المرحلة المقبلة بعد التنسيق بين المجلس الأعلى للقضاء ووزارة التجارة.