اكد وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه للبطريرك الماروني بشارة الراعي، خلال عشاء العمل الذي أقامه له في الخارجية الفرنسية ليل الثلثاء، في حضور السفيرين اللبناني في فرنسا بطرس عساكر والفرنسي في لبنان دوني بييتون، حِرْصَ فرنسا على ان تبقى السلطات اللبنانية متيقظة كي لا يحصل أي تطور مسيء للقوات الدولية في جنوب لبنان والجنود الفرنسيين، مؤكداً أنه تلقى من الرئيس نجيب ميقاتي والسلطات اللبنانية تاكيداً لذلك. وطرح جوبيه أسئلة على الراعي حول الحكومة اللبنانية وكيف تسير، وقال انه التقى ميقاتي على هامش المؤتمر حول ليبيا. وتطرق الوزير الفرنسي الى النظام في سورية، قائلاً انه ضلل نفسه باختيار المزيد من العنف والقمع وعدم الاصلاح. وسال جوبيه الراعي عن بديل النظام في سورية فأجاب، كما قال في كل لقاءاته في فرنسا، بأنه مع الديموقراطية وحقوق الانسان، ولكنه يفضل أحياناً السيء على الأسوأ، والأسوأ هم الإخوان المسلمون، لأنهم يضطهدون المسيحيين. وقالت مصادر فرنسية مطلعة على زيارة الراعي، إنه لم يدافع عن النظام في سورية، إنما أعرب عن مخاوفه مما قد يأتي بعده، وطلب مساعدة فرنسا لاحقاً إذا انتهى النظام السوري ليحترم النظام المقبل الأقليات. وأعرب جوبيه أيضاً عن مشاركته بعض المخاوف من المستقبل السوري، وقال إن المعارضة منقسمة، ومحاولات الأتراك لتوحيدها لم تسفر عن نتائج. وكرر الراعي موقفه من أن هناك تعايشاً جيداً بين المسلمين والمسيحيين، وأن لا مشكلة في ما بينهم، ولكن الصراع سياسي بين الشيعة والسنة، وهو مرتبط بالخارج. وشرح فكرة عقد مؤتمر قمة بين المسيحيين والمسلمين على مستوى الشرق الاوسط، مشيراً الى العمل مع الازهر لتنظيم عقد مثل هذه القمة. وأعرب جوبيه عن تفهمه لمخاوف الراعي من الإخوان المسلمين، مشيراً الى ان مسألتهم مطروحة في تونس ومصر وغيرهما، وأن إخوان سورية بعثوا برسائل الى فرنسا، وباريس مستعدة للتحدث معهم لكن بحذر. وطالب الراعي بمساعدة لبنان على تعزيز جيشه، وقال إن لا تحفظَ فرنسياً عن تعزيز الجيش اللبناني، و «يونيفيل» موجودة منذ 1978، وليست هناك الى الأبد، علماً ان اي انسحاب لها قد يؤدي الى زعزعة الاستقرار وينبغي ان تبقى في لبنان. ولخص الراعي مواقفه أمس أمام رئيس الجمعية الوطنية برنار أكوييه، وقال إن التعايش الإسلامي المسيحي في لبنان استثناء في المنطقة، وبإمكان لبنان أن يكون دولة مدنية غير قائمة على الدين، وأن المشكلة الحالية بعد 2005 واغتيال الرئيس الحريري، هي صراع سياسي بين الشيعة والسنة مرتبط بالصراعات الإقليمية. وقال: «نحن المسيحيين نلعب دورنا ونأمل للمنطقة الديموقراطية وحقوق النسان والتنوع والمشاركة في الحكم، ولكن العالم الاسلامي كله قائم على انظمة دينية، وآمل بأن يؤدي التغيير إلى ديموقراطيات لا إلى حرب أهلية، والخطر في سورية هو من الصراع الطائفي، ومَثَل العراق يؤكد ذلك، والمسيحيون يدفعون الثمن، وإذا أضاع المسيحيون موقعهم في الشرق الاوسط، يضيِّعون القوة المعنوية التي كونت العالم العربي». وتساءل: «هل تتم التضحية بهذه الثقافة والقيم التي كانت بابَ دخول فرنسا إلى الشرق الاوسط؟». وتطرق الراعي خلال لقاءاته إلى الخلل في اتفاق الطائف بالنسبة الى صلاحيات رئيس الجمهورية، وقال إنه لا يطالب بتعديل الطائف ولكن يطلب من الاسرة الدولية التي كانت أساسه، أن تتدخل لتصحيح الخلل فيه. وقالت مصادر فرنسية إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ينتظر أداء الحكومة اللبنانية في موضوعي المحكمة الدولية و «يونيفيل» وتنفيذ تعهدات رئيسها قبل ان تتم دعوته رسميا لزيارة فرنسا. وأضافت المصادر أنه إذا موَّلت الحكومة المحكمة سيؤدي ذلك الى خلق الظروف المواتية لدعوة الرئيس نجيب ميقاتي الى باريس.