واشنطن، سوبوت (بولندا) - رويترز - سعى الاتحاد الأوروبي الى التوصل الى موقف مشترك أول من أمس في شأن مسعى فلسطيني الى الانضمام كدولة الى الأممالمتحدة، لكن يبدو أن خلافات سياسية عميقة ستقوض المسعى الأوروبي. في هذه الأثناء، يلعب المبعوث البريطاني توني بلير دوراً محورياً لكن غير معلن لإحياء محادثات السلام وربما تجنب المسعى الفلسطيني في الأممالمتحدة. وقال وزير خارجية النمسا مايكل سبينديلغر إن أحد الحلول قد يكون أن يقترح الاتحاد الأوروبي حلاً من جانبه للأمم المتحدة في شأن هذه القضية الحساسة، لكن ديبلوماسيين آخرين قالوا في أحاديث خاصة أن دولاً عدة في الاتحاد الأوروبي اعترضت على ذلك. وصرح في منتجع مطل على البحر في بولندا حيث يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي محادثات غير رسمية لمدة يومين، بأن الاتحاد قد يستخدم بياناته السابقة في شأن الشرق الأوسط كأساس لوجهة نظر مشتركة، مضيفاً: «المواقف في الاتحاد الأوروبي متباينة جداً حتى الآن. أتعشم أن نستطيع كأوروبا أن نبعث بإشارة... وصوع نص ربما يعرض في نهاية الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة». وقد يضع التصويت في الأممالمتحدة أوروبا في حرج شديد في ظل التوترات المتفاقمة في الشرق الأوسط إذا ما انقسم أعضاء التكتل المؤلف من 27 دولة الى معسكرين يؤيد الأول الجهود الفلسطينية ويعارضها الآخر. كما سيؤدي الكشف عن وجود صعوبات داخل الاتحاد في صوغ رؤية مشتركة الى تقويض جهود التكتل الساعية لأن يصبح أكثر تأثيراً في الشؤون الدولية. وحاولت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون تعزيز نفوذ الاتحاد الأوروبي عالمياً منذ توليها المنصب عام 2009، خصوصاً منذ هيأت أحداث «الربيع العربي» فرصة للاتحاد لأن يكون له كلمة في كيفية تطوير ديموقراطيات جديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت آشتون في سوبوت إن عواصم الاتحاد الأوروبي في حاجة لوقت لاتخاذ قرارات في شأن كيفية التحرك على صعيد الأممالمتحدة، مضيفة إنه ينبغي في الوقت نفسه مواصلة الجهود للتوسط بين إسرائيل والفلسطينيين. وأبلغت الصحافيين: «عدت للتو من مناقشات مع قيادة السلطة الفلسطينية ورئيس وزراء إسرائيل (بنيامين نتانياهو)... في شأن كيفية التحرك الى أمام لتحريك المفاوضات». وتابعت: «هدفي هو استئناف المفاوضات حتى نتمكن من التوصل الى تسوية فعلية». لكن وزراء الخارجية المشاركين في اجتماع سوبوت أكدوا وجود خلافات عميقة في أوروبا، وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جين اسلبورن إن الاتحاد يحتاج الى دعم الفلسطينيين ومحاولة تحديث وضعهم في الأممالمتحدة، مضيفاً: «لا يمكن أن أوافق على قول لا». غير أن وزير خارجية هولندا أوري روسنتال أعرب عن وجهة النظر المناقضة لذلك التي تشاركه فيها ألمانياوالولاياتالمتحدة وإسرائيل، وهي أنه ينبغي على الفلسطينيين الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب، والدفع بدلاً من ذلك لاستئناف مفاوضات السلام، وقال: «الموقف الهولندي واضح تماماً... نعارض تماماً أي خطوات أحادية الجانب مهما تكون، وأي خطوة ينبغي أن تكون على أساس اتفاق بين الأطراف المعنية». في هذه الأثناء، يلعب بلير دوراً محورياً لكنه غير معلن لإحياء المفاوضات بما يجنب اللجوء الى الأممالمتحدة. وتعكس جهوده مثلما وصفها ديبلوماسيون غربيون، نوعاً ما حجم الفراغ الذي تركته الولاياتالمتحدة في أعقاب استقالة السناتور الأميركي السابق جورج ميتشل في أيار (مايو) من منصبه كمبعوث خاص للسلام في الشرق الأوسط. ومهمة بلير المحددة هي محاولة التوصل الى اتفاق بين ما يعرف باللجنة الرباعية على بيان ربما يغري كلا الطرفين على العودة الى محادثات السلام. وتتسارع في ما يبدو خطى ديبلوماسية بلير لصوغ بيان يحظى بتوافق في الآراء. وهو التقى الأسبوع الماضي نتانياهو في القدس ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وآشتون في باريس. ويعتزم بلير العودة الى المنطقة مطلع الأسبوع، ومن المتوقع أن يلتقي بنتانياهو مرة أخرى خلال الأيام القليلة المقبلة ويجتمع مع مسؤولين فلسطينيين. ولم يتمخض آخر اجتماع رفيع المستوى للجنة الرباعية عن اتفاق في شأن بيان، وأرجع ديبلوماسيون ذلك الى أربعة خلافات رئيسية، وهي الصياغة الخاصة بالحدود والإشارة الى إسرائيل كدولة يهودية ودور الأممالمتحدة والمستوطنات. في غضون ذلك، أعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أمس في بيان بثته وكالة «وفا» الفلسطينية للأنباء: «الرئيس عباس ومن خلال الحركة السياسية المكثفة، سيلقي خطاباً مهماً للشعب الفلسطيني خلال الأيام المقبلة يستعرض فيه وفي شكل كامل أهمية الذهاب إلى الأممالمتحدة من أجل الحفاظ على حقوق ومكتسبات شعبنا». وأكد أن موقف الرئيس والقيادة الفلسطينية «سيكون شاملاً في ما يتعلق بالقضايا الأساسية». وكان عباس اجتمع أمس مع أعضاء اللجنة المركزية لحركة «فتح». وقال أبو ردينة إن «الاجتماع ناقش كذلك ما تم الاتفاق عليه مع لجنة المتابعة العربية خلال اجتماعها الأخير الذي عقد في الدوحة، إضافة إلى ما تمت مناقشته مع آشتون». وتجري القيادة الأيام المقبلة اجتماعات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على آلية توجهها إلى الأممالمتحدة.