أجرت إيران والدول الست المعنية بملفها النووي في فيينا أمس، جولة محادثات ركّزت على «عناصر لنص يمكن أن يشكّل جزءاً من اتفاق نهائي» يطوي الملف. لكن الهوّة ما زالت ضخمة بين الجانبين، لا سيّما في مسائل تخصيب اليورانيوم وعدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في التخصيب، ومنشأتَي آراك وفردو، والفترة الزمنية لمراقبة برنامج طهران الذري بعد إبرام اتفاق. وبثّت قناة «العالم» الإيرانية أن جلسة المحادثات بين إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) حقّقت «تقدّماً»، مشيرة إلى «ازدياد الآمال في إمكان بدء صوغ نص الاتفاق النهائي» الذي حدّد اتفاق جنيف الذي أبرمه الجانبان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وجوب إنجازه بحلول 20 تموز (يوليو) المقبل. (للمزيد) وعقد الطرفان أيضاً اجتماعاً على مستوى الخبراء الفنيين والقانونيين، أعلن ديبلوماسي إيراني أن هدفها «التوصل إلى نقاط مشتركة حول إحدى المسألتين موضعَي الخلاف بين الطرفين»، معتبراً أن الأمر سيتيح «البدء بصوغ النص المشترك للاتفاق النهائي، ما سينعكس إيجاباً على سائر القضايا». والتقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في فيينا أمس، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، كما اجتمع عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، مع نظيره الروسي سيرغي ريابكوف الذي قال إن «صوغ مسودة الاتفاق (النهائي) بدأت تقريباً». وقال مايكل مان، الناطق باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، إن المحادثات ركّزت على «عناصر لنص يمكن أن يشكّل جزءاً من اتفاق نهائي». وأضاف: «نحن واقعيون جداً، ونأمل بأن يكون الجانب الإيراني كذلك أيضاً، وأعتقد بأن الأمور تتحرّك إلى أمام». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول أميركي إن «المحادثات كُثِّفت وستتواصل على هذا النحو»، مضيفاً: «لا أتصور عدم حصول اجتماع، يومياً في شكل أو آخر، منذ الآن وحتى 20 تموز». أما وكالة «رويترز» فنسبت إلى مصادر ديبلوماسية ترجيحها أن تسعى إيران إلى تمديد المهلة النهائية للمحادثات، مستدركة أن مسؤولين غربيين أصرّوا على أن أي تمديد سيحدث باتفاق جميع الأطراف وسيكون لأسابيع فقط، لا لستة أشهر كما ورد في اتفاق جنيف. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ديبلوماسيَّين غربيَّين قولهما إن المحادثات في جنيف الأسبوع الماضي، بين عراقجي ووليام بيرنز، نائب وزير الخارجية الأميركي، لم تسوِّ الخلافات الكبرى التي عرقلت بدء صوغ اتفاق نهائي في جولة المفاوضات السابقة الشهر الماضي. وأشار الديبلوماسيان إلى أن طهران ترغب في الاحتفاظ بنحو 20 ألف جهاز طرد مركزي تملكها الآن، وزيادتها مستقبلاً إلى 150 ألفاً، أو إبدالها بطرز حديثة تنتج الكمية ذاتها من اليورانيوم المخصب. أما الولاياتالمتحدة فتريد ألا تملك إيران أكثر من مئات من أجهزة الطرد. ويأمل الغرب من طهران إعادة تحديد وظيفة منشأة فردو المحصنة قرب مدينة قم، وتحويل مفاعل آراك الذي يعمل بماء ثقيل، في شكل يجعله عاجزاً عن إنتاج بلوتونيوم، لا أن يخفّض هذا الإنتاج كما تريد إيران. ويسعى الغرب إلى أن تلي أي اتفاق نهائي مع إيران، قيودٌ على برامجها النووية لمدة 30 سنة، بينها 20 سنة من رقابة مشددة و10 سنوات من تخفيف تدريجي. وقد تقبل دول غربية بخفض الفترة الزمنية الإجمالية إلى 20 سنة، بينها 15 سنة من قيود صارمة، تليها 5 تشهد رفعاً بطيئاً. لكن طهران تأمل بخفض الفترة إلى 15 سنة فقط، مع تخفيف الضوابط تدريجاً بعد سنوات محدودة على فرضها. تزامنت مفاوضات فيينا مع تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين طهرانولندن، إذ أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عزم بلاده إعادة فتح سفارتها لدى إيران، المغلقة منذ عام 2011 بعد اقتحامها ونهبها.