في إطار المساعي المصرية للحفاظ على الحرف التراثية، وما عرفته مصر القديمة من فنون في مجال النحت والفنون التشكيلية، أقيمت في قصر ثقافة القرنة غرب مدينة الأقصر التاريخية، ورشة عمل لتعليم فن النحت للأطفال، في إطار الأسبوع الثقافي للحرف البيئية الذي ينظمه إقليم جنوب الصعيد الثقافي. وتضمنت الورشة التي استمرت سبعة أيام، تدريب عدد من أطفال مدينة القرنة التي تضم بين جنباتها مئات المعابد والمقابر الفرعونية أساسيات فنون النحت التي تشتهر بها مدينتهم التاريخية منذ عصور الفراعنة. وحاضر في الورشة متخصصون في فن النحت، وفنانون فطريون من سكان المنطقة. يقول مدير قصر ثقافة القرنة حسان علي: «فكرة إقامة ورشة لتعليم فن النحت كانت ضرورية للحفاظ على الموروث التاريخي لمنطقة القرنة حيث بدأت حرفة النحت مهددة بالاندثار بسبب منافسة المنتجات الصينية الرديئة لمنحوتات أبناء منطقة القرنة، التي تشتهر بالحرف والصناعات والفنون الفرعونية من تماثيل ولوحات وغيرها من ألوان الفنون التي عرفت بها مصر الفرعونية»، مشيراً إلى حصول إقبال كبير من اطفال المدينة على تعلم حرفة أجدادهم وآبائهم. ويناشد مدير قصر ثقافة القرنة المسؤولين في وزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة دعم ورش كهذه بحيث تقام بشكل أكبر وأوسع وتكون أحد المشاريع القومية في الأقصر نظراً الى طبيعتها الأثرية والسياحية، لافتاً إلى إمكان حضور السياح لمتابعة الورش ومشاهدة كيفية صناعة التماثيل والتحف، ما يساعد في تعزيز السياحة في المحافظة. ويوضح محمد إبراهيم، وهو نحات ومدرّب، أنه تشجع لفكرة تدريب أطفال القرنة على فن النحت ووجد إقبالاً واسعاً على الورشة، ولمس أن لدى الأطفال رغبة كبيرة في تعلم حرفة أجدادهم، بل إن كثراً منهم لديهم مهارات وخبرات جيدة على رغم أعمارهم الصغيرة. ويقول الصغير محمد أشرف: «اغتنمت فترة إجازة نهاية العام الدراسي وجئت إلى قصر الثقافة وشاركت في ورشة تعلم فن النحت لأنني أعشق هذه الحرفة، وكل أبناء مدينتي وعائلتي يعملون فيها، ولدي رغبة كبيرة في تعلم فن النحت من أجل الحفاظ على تراث الأجداد». وتأتي الورشة وسط مطالب بإقامة متحف لمنحوتات الفراعنة الجدد غرب مدينة الأقصر الأثرية في صعيد مصر، على أن يضم المتحف الجديد إبداعات الفنانين الفطريين المنتشرين في منطقة القرنة الغنية بالآثار الفرعونية من تماثيل ولوحات نحتوها وحفروا نقوشها على كل أنواع الأحجار، على غرار ما أبدعه أجدادهم الفراعنة من تماثيل ومنحوتات. ويهدف المتحف إلى حماية هؤلاء الفنانين من ملاحقة الأجهزة الأمنية التي اعتادت ضبط منحوتاتهم من التماثيل واللوحات الفرعونية بعد بيعها على أنها قطع أثرية لا منحوتات حديثة والقبض على مشتريها من السياح والمصريين وإحالتهم على المحاكمة بتهمة الاتجار بالآثار، وذلك بسبب دقة نقوشها ورسومها الفرعونية. يذكر أن الغالبية العظمى من أهل القرنة تعمل في نحت التماثيل واللوحات الفرعونية باستخدام الفؤوس والمطارق والأزاميل والمثاقيب في ورش ومصانع تنتشر في مختلف أنحاء القرية.