في إطار جهودها لحماية الآثار المصرية وترميمها والحفاظ على التراث الإنساني النادر في البلاد والترويج له كأهم منتج سياحي مصري، شرعت وزارة الدولة لشؤون الآثار في الإعداد لتنفيذ عدد من المشاريع الأثرية الجديدة في مدينة الأقصر، إلى جانب إعداد دراسة لفتح المقابر والمعابد الفرعونية غرب المدينة للزيارة ليلاً. وأوضح رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا الدكتور علي الأصفر أن المشاريع التي وافق عليها الوزير محمد إبراهيم، تتضمن تنفيذ مشروع مصري – إسباني لإضاءة مقابر ملوك الفراعنة في وادي الملوك غرب الأقصر وتهوئتها، وتنفيذ خطط جديدة لإضاءة معابد هابو والأقصر والرامسيوم وحتشبسوت، لتكون تلك المقابر والمعابد مفتوحة أمام السياح طوال اليوم، والقضاء على ظاهرة تكدس السياح داخل المقابر الملكية الفرعونية في أوقات معينة وتوزيعهم للقيام بزياراتهم على مدار اليوم. وتهدف هذه الخطوة إلى التخفيف من الازدحام الذي يهدد مستقبل تلك المقابر ويضر بنقوشها وألوانها. وأشار الأصفر إلى أن نظام الإضاءة الباردة الذي سينفَّذ في إطار المشروع المصري – الإسباني لا يتسبب برفع درجة الحرارة داخل المزارات الأثرية. وسيعاد النظر في أنظمة الإضاءة المحيطة بالمناطق الأثرية حالياً مثل معبد الأقصر، والاستفادة من النظريات الحديثة في مجال الإضاءة والتي ترى أن جمال المدن التاريخية ليلاً يكمن في الإضاءة الخافتة لمنشآتها ومعالمها الأثرية. وتدرس الوزارة فتح مقابر ومعابد غرب الأقصر للزيارة ليلاً، خصوصاً مع وجود مشروع إضاءة جبل القرنة التاريخي غرب الأقصر والذي يحوي بين جنباته مئات المقابر لملوك وملكات وأشراف من الفراعنة ويحتضن المعبد الشهير للملكة حتشبسوت، والذي ساعد على إظهار خلفية الجبال الموجودة خلف المناطق الأثرية. وستنفَّذ بانوراما للتراث الحضاري من طريق تشكيل لوحة ضوئية ليلية للبر الغربي وتنسيق الإضاءة التي تربط بين العناصر البيئية الثلاثة المكونة «الجبل – النيل – الأشجار» باستخدام 1200 كشاف. وسيعاوَد العمل قريباً بمشروع كشف طريق الكباش الفرعوني الذي يربط بين معبدي الكرنك والأقصر بطول 2700 متر. ويهدف إلى تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح في العالم. ويأتي استئناف العمل بالمشروع بعد توقف وارتباك في خطط تنفيذه خلال الفترة الماضية بسبب الأحداث المتلاحقة التي تشهدها مصر. وهو أكبر مشروع أثري في العالم أجمع، ويعتبر أحد الأحلام التي راودت أذهان الأثريين وعلماء المصريات في مصر والعالم، إذ سيتمكن السياح من السير من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك عبر طريق الكباش وسط مئات التماثيل المقامة على جانبي الطريق. فقبل أكثر من خمسة آلاف سنة، شقّ ملوك مصر الفرعونية في طيبة الأقصر حالياً طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم خلال احتفالات أعياد الأوبت سنوياً. وكان الملك يتقدّم الموكب، تتبعه عليّة القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المحمّلة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق يرقصون ويهللون. وبادر إلى شقّ هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، تزامناً مع انطلاقة تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر في إنجاز «طريق الكباش» يعود إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية، آخر أُسر عصر الفراعنة.