وسط أفراح العيد وما يحمله من مظاهر البهجة والسرور، يبقى هنالك أناس مهمشون، نسي العيد أن يدق أبوابهم وسقطوا من ذاكرة الأهل والأقارب سهواً، إذ تكشفت لدى جولة نفذتها «الحياة» إلى إحدى الأربطة التقت داخلها عدداً من النساء اللائي روين قصصهن مع العيد، أن أشخاصاً كثراً من هذا النوع يعيشون بيننا وكأنهم لم يكونوا. وتقول أم فراس وهي مطلقة تسكن الرباط منذ أكثر من 20 عاماً: «تزوجت في سن باكرة جداً ووقتها لم أكن تعلمت القراءة والكتابة من شخص اتضح بعد زواجي به أنه لا يصلي، وحاولت نصحه ولكنه رفض فرفضت أن أعيش معه وذهبت إلى منزل أبي الذي طردني وأعادني إلى زوجي مرة أخرى لأعيش معه مكرهة وأنجبت ثلاثة أطفال، وحاولت طيلة عشرتي معه بوسائل عدة حثه على الصلاة ولكن لم تجد مناداتي نفعاً، فامتنعت عن معاشرته مما جعله يسيء معاملتي، وعندما يئس مني طلقني فذهبت لأعيش في منزل والدي وزوجته، بيد أنه رفض أن يعيش أطفالي في منزله وأكرهني على تركهم عند والدهم وكانت تمر أيام وأحياناً أشهر من دون أن أستطيع رؤيتهم». وأضافت: «بعدما قاربت العام من سكني في منزل والدي الذي تجرعت فيه أنواع الذل والمهانة من زوجته، طردني والدي خارج المنزل في وقت الظهيرة لأجد نفسي في الشارع حافية القدمين، فسرت من منزل والدي إلى منزل أحد الأقارب حتى تورمت قدماي من لهيب الأسفلت، وعندما وصلت اتصلت قريبتي بأحد إخوتي الذي رفع بدوره قضية على والدي في المحكمة، وخلال الجلسة طلب القاضي من والدي إعادتي إلى المنزل لكنه رفض بحجة خوفه من فعلي شيئاً في نفسي ومن ثم أقوم باتهامه أو اتهام زوجته». وتابعت: «أخبرت القاضي بعدم رغبتي في العودة إلى منزل والدي، فسألني إذا كنت ارتضي العيش في الأربطة ولم أكن أعلم وقتها ما هي الأربطة فسألته عنها وأخبرني بها فوافقت ولكن رفض والد أبنائي أن يعيش أبناؤه في رباط ولم يسمح لهم إلا بزيارتي، واستطعت أن احصل على وظيفة مراسلة في أحد المستشفيات وبذلك كنت أوفر قوتي من دون حاجة إلى أحد». وعن العيد تقول: «بعد أن اجتمعت ساكنات الرباط وخرجن للصلاة في المصلى سوياً ذهبت لمعايدة والدي ومن ثم والدتي بعدها عدت إلى غرفتي لأجد إحدى ابنتي وقد حضرت لزيارتي ومعايدتي، أما ابنتي الأخرى وابني فقد اكتفيا بمهاتفتي والمعايدة علي هاتفياً. وفي قصة مماثلة، تحكي أم سعود التي تسكن الرباط منذ ما يزيد على السبعة أعوام، أنها سكنت الرباط هي وبناتها الثلاث وابنها بعد أن تطلقت من زوجها بسبب سوء معاملة «ضرتها» لها، ولكن بسبب قوانين الأربطة التي تمنع سكن الأولاد بصحبتها اضطرت لاستئجار غرفة صغيرة لإيواء ابنها فيها، وبعد وفاة زوجها رفض أهله أن تعيش البنات معها في الرباط، فذهبن للعيش مع أخيهن، بيد أنه لضيق المكان لم يستطعن العيش معه، أما عن العيد فذهبت للصلاة مع ابنتها وابنها ومن ثم خرجوا جميعاً ليحتفلوا حارج «الرباط». ومثلها، تروي أم صالح وهي أرملة تقطن الرباط منذ خمسة أعوام بسبب وفاة زوجها وعدم وجود أهل لها (على اعتبار أنها مصرية حصلت على الجنسية بعد زواجها) وبعد رحيل زوجها عن الدنيا لم يبق لها سوى ابنتين وابن لم يكمل عامه الرابع رفض شقيق زوجها بقاء الأبناء معها في الرباط وأخذهم للعيش معه في منزله، وقام بطردها، وبعد محاولات عدة من أهل الخير - على حد وصفها- سمح العم لأبناء أخيه بزيارة والدتهم من فترة إلى أخرى. وعن واقع عيدها، أوضحت أم صالح أن إحدى ابنتيها زارتها في الرباط لمعايدتها، بينما أكتفت الأخرى مع شقيقها الصغير بمعايدة والدتهم هاتفياً.