أعرب عدد من المستثمرين العراقيين عن خيبة أملهم من عدم تطبيق الحكومة للقوانين التي أقرتها قبل سنوات، خصوصاً قانون فَسْح المجال للاستثمار في تكرير النفط واستيراده. وكشف عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية عدي عواد، عن دفع حكومي واضح باتجاه مَنع الاستثمارات في الصناعات النفطية، لكن وزارة النفط العراقية نفت تلك الاتهامات وأكدت التزامها بمعايير قانون الاستثمار في انشاء المصافي النفطية. وقال رجل الأعمال العراقي غالب الشمري الذي يعمل في توزيع المشتقات النفطية، إن القطاع الخاص العراقي لديه القدرة من الناحية المالية للخوض في مشاريع كبرى، مثل تكرير النفط وفقاً لنظام الاستثمار الخاص. وأضاف ل «الحياة»، إن مجموعة من الشركات التركية والعربية والآسيوية كانت تحرّكت سابقاً لإنشاء مصافي نفط صغيرة ومتوسطة الحجم، وفقاً لنظام المشاركة، لكن هناك عراقيل عدة تقف أمام هذا النوع من الاستثمار من وزارة النفط العراقية. وسبق للبرلمان العراقي إن اقر القانون رقم 64 لعام 2007، منَح بموجبه حق الاستثمار في نشاط تصفية النفط الخام وإعطاء تراخيص للقطاع الخاص بإنشاء مصافي تكرير داخل العراق، لكن هذا القانون تضمن 29 شرطاً إجرائياً ومالياً وفنّياً وسلسلة من الموافقات التي وجدتها الشركات المستثمرة «تعجيزية»، خاصة شرط يتعلق بتحديد مدّة الإنشاء وتأمين تقنيات محددة وطاقات إنتاجية محددة لكل مادة مُنتجة. وقال النائب عواد ل «الحياة»، إن «هناك محاولات لتكريس المركزية في الانتاج النفطي عامة، وفي مجال الاستثمار في الثروات الطبيعية، ما أدى إلى حصر الصلاحيات في يد حكومة بغداد ومَنْع المحافظات وهيئات الاستثمار من إعطاء موافقات لبناء مصافٍ، او أي مشروع من شانه حل جزء بسيط من مشكلات تأمين المشتقات النفطية للعراقيين». ويعاني العراق أزمة حقيقة في المشتقات النفطية، حيث يجري استيراد كميات كبيرة من وقود السيارات والزيوت من الخارج، بسبب عدم تمكن المصافي العراقية من سدّ حاجة السوق المحلية. وأضاف عواد ان «لجنة النفط والطاقة» وجّهت كتاباً لوزارة النفط العراقية داعية إلى «فسح المجال إمام القطاع الخاص لبناء مصافٍ صغيرة ومتوسطة الحجم، أو حتى بناء محطات تزوّد بالوقود خاصة، والسماح لها باستيراد المشتقات النفطية وبيعها بالأسعار التجارية»، وفقاً لما هو معمول به في دول الجوار وفي إقليم كردستان، لكن حتى الآن، كل محطات الوقود هي حكومية وتؤمن منتجاتها عبر وزارة النفط حصراً. وتابع أن لجنته «تلقّت كثيراً من طلبات تأسيس مصافٍ، ورفعتها إلى وزارة النفط التي تعمّدت عرقلة هذه الطلبات. وطلبت شركات استثمارية من البرلمان العراقي التدخل لدى وزارة النفط، لكن ردَّ الوزير كان مخيِّباً للآمال، إذ رفض التعاون مع أي مستثمر خارج سيطرة وزارته ورفض إنشاء مصفاة في أي محافظة. وأكد الناطق باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد ل «الحياة»، إن الوزارة شكّلت قسماً خاصاً بتلقي طلبات إنشاء المصافي، وفقاً لنظام الاستثمار، اعطى عدداً من الرخص، آخرها لشركة «القلعة» المصرية، التي ستنشئ مصفاة كبيرة في محافظة نينوى (شمال العراق). وتابع أن «هكذا مشاريع تتم وفقاً للقانون وتتضمن مواصفات وشروط يجب تأمينها عند تقديم الطلب عبر الدائرة الفنّية التابعة للوزارة، مؤكداً إن «هذا الأمر ليس عرقلة، بل تعليمات يجب تأمينها، ولا يمكن لجهة تجاوزها». التحضير لمؤتمر ولفت إلى إن «على الجهات التي تدّعي وجود معوِّقات متعمَّدةٍ، مراجعةَ الوزارة وتحديد الجهة التي عرقلت طلبه، كي يتسنى لها متابعة الأمر وتبيان مدى استيفاء الشروط المطلوبة، موضحاً أن مؤتمراً كبيراً سيُعقد في بغداد لطرح ملف الاستثمار في تكرير النفط ستشارك فيه شركات عالمية. وأضاف أن اهم شروط القانون أن لا يقل الإنتاج عن 150 إلف برميل نفط يومياً، وأن «معظم الطلبات كانت اقل من هذه الطاقة فرُفضت». وعن مقدرة القطاع الخاص العراقي، اوضح جهاد ان «القطاع الخاص غير قادر على هكذا مشاريع، لكونه لا يملك خبرات في مصافي التكرير وتقنياتها وتفاصيل فنّية اخرى، لم يسبق له التعامل معها. وحول معدلات الإنتاج المحلية، أفاد بأن «الإنتاج الكلي يبلغ 500 إلف برميل يومياً من مختلف المشتقات النفطية، وهناك قدرة لزيادة معدلات الإنتاج إلى مليون ونصف المليون برميل يومياً». وسبق أن أعلنت وزارة النفط العراقية على لسان وكيلها لشؤون التصفية وصناعة الغاز احمد الشماع عزمها إنشاء أربع مصافي في أربع محافظات، لرفع إنتاج البلاد من المشتقات النفطية إلى مليون و500 ألف برميل يومياً، لتتحول من مستورد للمشتقات النفطية إلى مصدِّر لها. وأوضح الشماع أن «وزارة النفط تجري اتصالات مع عدد من المستثمرين بغرض إنشاء المصافي الأربعة في محافظات كربلاء وميسان وكركوك بطاقةٍ تصل إلى 150 ألف برميل يومياً لكل واحدة منها، إضافة إلى مصفاة الناصرية في محافظة ذي قار، بطاقةٍ 300 ألف برميل يومياً. وأشار إلى أن الاستثمار في المصافي الأربع سيكون إما استثماراً قائماً بذاته، أو عبر المشاركة مع وزارة النفط.