مدينة عمّان وتفاصيلها عنوان جديد لأعمال التشكيلية الشابة روان قاقيش التي تتناول في معرضها «المدينة - بُعدُها الثالث» عوامل إنسانية وتقنية ولّفت بها لوحة معاصرة في الشكل والمضمون. لوحات أساسها فوتوغرافي، لكن النتيجة أسطح ومواد مختلفة وأحاسيس جديدة تحاكي من خلالها المدينة بوصفها فكرة قابلة للنقاش والاقتراح. في هذا المعرض، تتابع الفنانة التشكيلية الخط الذي اشتقّته منذ سنوات لوضع اسمها على الخريطة المعاصرة للفن التشكيلي الأردني، وتعني به البحث في قسمات مدينتها - عمّان. المعرض ضم 25 عملاً، تتراوح أحجامها بين الكبير (200× 60 سم) والصغير (30× 60 سم)، وتُقرأ في معظمها ملامح مدينة عمّان بصرياً، إضافة إلى أعمال أخرى مستمدة من فضاءات المدن العالمية الكبرى. تجربتها المتفردة الأولى في معرض شخصي، جاءت نتيجة مشاركات في معارض جماعية استطاعت من خلالها أن تحجز لنفسها مكاناً وتفرد فيه أفكاراً لأعمال جديدة. فبعد مشاركات لها في عدد من المعارض الجماعية، وآخرها «سلام في مدينتي»، عرضت أعمالاً لافتة مستمدة من البيئة الحضرية لعمّان. عكست قاقيش المدينة بتفاصيلها: الجبال والأبنية الحجرية والإسمنتية، مروراً بناسها وتقاسيم حياتهم، مستخدمة في رصدها البصري للمدينة لوحة تعتمد على تقنيات متنوعة. لا تعيد إنتاج عمّان القديمة، أو وسطها القديم، فوتوغرافياً أو توثيقياً، وإنما تعيد تركيب مشاهدها المألوفة من طريق القص واللصق والحذف والإضافة، فأسلوبها يعتمد على «الكولاج» الذي تنتزع به الرتابة عن الصورة المألوفة وتُدخل عليها دهشة الاكتشاف، من خلال مساحات لونية تعطي العمل الفني بعداً تشكيلياً وبصرياً جديداً من ناحية نتيجة الفكرة والموضوع. كما تتناول قاقيش مقاطع مختارة من أحياء وشوارع في عمّان، كالأدراج أو الأبواب المشرعة على أدراج داخلية لمنازل بعينها. بل وتذهب خطوة أبعد باتجاه تصفّح ملامح الناس، لا سيما ذلك «الإسكافي» العتيق القابع وراء ماكينته في إحدى زوايا شارع المهاجرين، يصلح الأحذية ويترك المجال مفتوحاً أمام الناظر ليخمّن في ما يفكّر هذا الحرفي العجوز. لا تكتفي قاقيش بمادة واحدة، أي الصور الفوتوغرافية، لتركيب أعمالها أو بنائها، وإنما تلجأ إلى مواد متناقضة في طبيعتها مثل الصفيح والخشب وقصاصات الصحف والورق المزخرف بالنقوش الشرقية والإسلامية، فتضفي على لوحتها نوعاً من المفاجأة أو الصدمة التي تجمع بين الواقعي والخيالي على سطح واحد. تتميز قاقيش، من خلال معرضها الشخصي الأول «المدينة - بعدها الثالث»، في أنها تبيّن بصمتها الخاصة كتشكيلية من جيل الشباب في الأردن، خصوصاً من حيث اختيارها لطبيعة موضوعها، أي مدينة عمّان، بأبنيتها وأسواقها وأدراجها ومهن سكّانها، لتوجد تنوعاً عاطفياً وبصرياً لعملها الفني، من خلال توليفات عكستها المواد المستخدمة، إضافة إلى التكوينات الخاصة بأعمالها، مستفيدة من خلفيتها المعمارية ودراساتها المتنوعة في الفنون البصرية. يُذكر أن روان قاقيش من مواليد عمّان- 1983. تخرجت في جامعة العلوم والتكنولوجيا عام 2006، حاملة بكالوريوس هندسة معمارية وتصميم، والتحقت عام 2008 بكلية الفنون البصرية (SVA) في نيويورك، إضافة إلى جامعة نيويورك، حيث تلقت المزيد من الدراسة الفنية، وشاركت أخيراً في عدد من الورش الفنية والمعارض داخل الأردن وخارجه.