ساد الغموض أمر قرار مصر سحب سفيرها في إسرائيل احتجاجاً على قتل القوات الإسرائيلية ضابطاً وأربعة جنود وإصابة آخرين على الحدود المشتركة بين البلدين ليل الخميس - الجمعة، وظل الأمر ملتبساً حتى على ديبلوماسيين في وزارة الخارجية تحدثت إليهم «الحياة»، إلى أن اتضح جلياً أنه لا قرار بسحب السفير بل استدعاء سفير إسرائيل في القاهرة لإبلاغه الاحتجاج على هذا الحادث. وكان مجلس الوزراء المصري اجتمع مساء الجمعة في حضور ممثل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وكذلك الاستخبارات. وألقى وزير الإعلام أسامة هيكل بياناً عقب اجتماع المجلس لم يأت فيه على ذكر أي شيء عن سحب السفير المصري في إسرائيل، لكن بعد ذلك بنحو ساعتين أرسل مجلس الوزراء بياناً آخر لوسائل الإعلام جاء فيه: «لحين موافاتنا بنتائج تحقيقات السلطات الإسرائيلية واعتذار قياداتها عن تصريحاتها المتعجلة والمؤسفة تجاه مصر، سيتم سحب السفير المصري من إسرائيل». ونشر المجلس البيان على صفحته الرسمية على موقع «فايسبوك»، كما اعلن التلفزيون الرسمي ان المجلس قرر سحب السفير المصري في إسرائيل، وكذلك فعلت الإذاعة الرسمية التي ذكرت أن «مصر قررت سحب سفيرها من إسرائيل لحين تقديم اعتذارات رسمية». وما أن هلّ الصباح حتى تبدلت المواقف وتوارت فقرة سحب السفير من بيان مجلس الوزراء، واستبدلت وسائل الإعلام الرسمية قرار سحب السفير في إسرائيل باستدعاء السفير الإسرائيلي في مصر. ونفت الدوائر الرسمية الإسرائيلية تلقيها أي إخطار من مصر بسحب سفيرها، وبررت مصادر رسمية هذا التخبط إلى تسريب نسخة لم تكن نهائية من بيان مجلس الوزراء لوسائل الإعلام. وقالت ل «الحياة» إن مجلس الوزراء تداول على مدار ساعات في الرد المناسب على الخرق الإسرائيلي، وفي سبيل ذلك دُرست صياغات عدة كان بينها سحب السفير المصري من إسرائيل، وهو ما سرب الى وسائل الإعلام من طريق الخطأ ولم يكن نسخة نهائية. وبدا مجلس الوزراء في حال من التخبط بعد أن خرجت تظاهرات للترحيب بقرار سحب السفير، فعلى رغم أن وسائل الإعلام ظلت تتداول قرار سحب السفير المصري وتُحلله، إلا أن مجلس الوزراء لم يصدر لساعات طويلة أي بيان يوضح حقيقة الأمر، ربما خشية من الغضبة الشعبية. وفعلاً صدرت مواقف انتقدت تراجع الحكومة عن قرار سحب السفير واعتبرته «خذلاناً وسوء إدارة للأزمة». وذكرت مصادر مطلعة أن الرد الديبلوماسي على التعدي الاسرائيلي يتدرج في العادة من استدعاء السفير الإسرائيلي، إلى سحب السفير المصري، ثم طرد السفير الإسرائيلي، أو حتى قطع العلاقات، مشيرة إلى أن سحب السفير عادة ما يكون مرهوناً بأمر إن أنجز عاد السفير إلى ممارسة مهامه. وأضافت أن من الواضح أن مجلس الوزراء أراد أن يرهن عودة السفير باعتذار رسمي، لكن بعد تداول الأمر فضل عدم سحب السفير، وطلب تقديم اعتذار رسمي. ومنذ توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، لم تسحب مصر سفيرها من إسرائيل إلا مرة واحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2000 احتجاجاً على «الاستخدام المفرط للقوة» من جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين في الانتفاضة الثانية.