السعودي يبكي عند ولادته، ترى هل لذلك علاقة بالبيروقراطية التي سيعيشها طوال عمره؟ وعندما يشب يبكي أحياناً؛ لأن البيروقراطية التي وُلد عليها يعيشها، وعندما يموت يبكي أيضاً، لكن هنا بسبب أنه سيتخلص من تلك البيروقراطية. وإذا كنا نتحدث عن الولادة والموت فالسعودي أيضاً يُولد وهمُّه تأمين مسكن يجمع شمله وأسرته، ويموت وهو لم يتمكن من تأمينه أو يسدد أقساطه إذا وجد مَن يموله! ولعل صندوق التنمية العقارية يلقي بظلاله على كل مواطن؛ فهو «مع الناس، ولكنه مع الناس، هو ميت والناس حية». يقال -والعهدة على الصندوق- إن أكثر من مليوني ونصف المليون تقدموا للحصول على قرض إسكان بالتنظيمات الجديدة، ترى متى سيتمكن هؤلاء من الحصول على القرض «الموعود»؟ لسنا في حاجة إلى الجدل، لكن نقول للمواطنين من أمثالنا مثلما يقال: «لكم الآخرة». وهنا اعتدل شهريار، وعلامات الاستغراب على وجهه، وسأل شهرزاد: «ماذا تعنين بكلمة «لكم الآخرة» أيتها الجارية؟»؛ فارتبكت؛ لأنها تعلم أنه عندما يستخدم كلمة جارية يكون «ناوي شر»، فقالت بصوت مرتعش: «هي قصة يا مولاي يتم تداولها بين الناس»، فقال: «أتحفينا بها»، فقالت: «كان رجل طاعن في السن يأتيه الناس ليشتكوا له مشكلاتهم؛ فيسعى إلى حلها، وعندما يعجز عن ذلك يقول لهم: لكم الآخرة، واستمر هكذا إلى أن ضاق الناس بمقولته تلك؛ فاجتمعوا عنده، وسألوه: ماذا تقصد بكلمة لكم الآخرة؟ فقال: نظراً إلى ما لاحظته من سذاجتكم، ولما شعرته من طيبتكم، كنت أرى أنكم تستحقون التشجيع؛ لذلك قلت لكم تلك الكلمات لتعزيز صبركم، فقالوا له: وماذا تتوقع أن يكون لنا في الآخرة؟ فقال: عطفاً على ما شاهدته أتوقع لكل منكم كيسين من الشعير». وهنا ضحك شهريار حتى استلقى على قفاه، وقال وقد احمرَّت وجنتاه من الضحك: «تباً لكِ أيتها الجارية، وهل الكيسان بالأسعار المدعومة أم أنهما بأسعار السوق السوداء؟»، وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وسكتت عن الكلام المباح. [email protected]