مفارقات عجيبة جداً نعيشها في عالمنا العربي من نواحٍ عدة، لعل أبرزها وجه المقارنة الكبير في ما بين الأوضاع التي تعيشها بعض البلدان الإسلامية والعربية، فتلك هي الصومال المسلمة مزقتها ويلات الحرب، ومن ثم قتلتها المجاعة الكبرى التي تشهدها في تلك الأشهر العجاف التي نلاحظها جميعاً على شاشاتنا المتلفزة وصحافتنا المقروءة، تلك المجاعة التي خلفت القتلى والضحايا من الأطفال وكبار السن وحتى الشباب التي أصبحت عاراً على أمتنا، يرجع لجوانب عدة، منها غفلة الدول الغنية التي تعيش طرباً في تلك الليالي المباركة في أمسيات رمضانية تزهو فرحاً وتموت ضحكاً، كما يموت الصومال جوعاً. الغريب في الأمر هو ليس الجوع الذي يضرب أحبتنا وإخواننا في الصومال، ولكن الأغرب هو كيف وصلت تلك الحال إلى الجوع القاتل منذ أشهر عدة من دون تدخل أو إعلان باكر لحال الطوارئ من الجهات المسؤولة في الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجلس التعاون وغيرها من الندوات العربية والإسلامية التي تدعو إلى الأخوة والتماسك والعروبة والدين، وما إلى ذلك من الأساليب التي اعتدنا عليها وعلى سماعها بشكل مستمر؟! كما أنه من الغريب أيضاً وصول المساعدات الإسلامية والعربية عندما يتم الإعلان عنها من أي بلد كان، إذ نلحظ وصول المنظمات الأجنبية والتبشيرية والتنصيرية، ومن ثم تصل مساعداتنا المتقهقرة، أمور عدة يندى لها الجبين لتلك الحالات المتزايدة في عالمنا الإسلامي الحزين. وعليه أقول إن الصومال هذه الأشهر معاناته ليست فقط مقصورة على الدعم، وإنما هناك مأساة أخرى وهي حروبه المتكررة التي لم يتدخل فيها طرف عربي بشكل ملاحظ، ولذلك ألقت تلك المآسي بظلالها على الشعب الذي لا حول له ولا قوة، وبالتالي شهدت البلاد تلك المجاعة الكبرى التي هي بمثابة اختبار لنا أمام المولى جلت قدرته، فهل من متيقظ من أصحاب الرأي وصنّاع القرار لتلك الكارثة الإنسانية التي سبقنا إليها بالدعم والمساندة دول الشرق والغرب، بينما اكتفينا حتى هذه اللحظة بالصمت وتحليل الدراما المحلية والعربية، وصيغة الخطاب الثقافي لمنهجية البرامج والتسالي التي أماتتنا وأماتت قلوبنا من الفكاهة والضحك، كما أمات الجوع أهالي الصومال. [email protected]