حال قرار رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري اقتصار جلسة المجلس النيابي العامة أمس على التشريع من دون التكلم في الأوراق الواردة على ما درجت العادة وحتى الانتهاء من مناقشة وإقرار البنود الواردة على جدول الأعمال، دون اتساع حدة السجال الدائر بين بعض الأفرقاء السياسيين، واعداً بجلسات متتالية للأسئلة والاستجوابات. وأقر المجلس 9 مشاريع قوانين وأحال ثلاثة اقتراحات الى اللجان المختصة لمزيد من البحث، وذلك قبل عملية تطيير النصاب القانوني. ورفع بري الجلسة عند الواحدة والنصف الى الأربعاء المقبل. وأبرز ما أقره اقتراح القانون الرامي الى الحد من التدخين معدّلاً بعد إضافة بعض العبارات عليه. وكان المجلس استأنف صباح أمس، جلسته التشريعية، بمناقشة مشاريع واقتراحات وإقرار ما تبقى من بنود، من دون مداخلات سياسية في الأوراق الواردة، لأنها جلسة استكمال للجلسة الماضية. لكن ذلك لم يمنع إثارة بعض المواضيع والتعليقات بخلفية سياسية. وقبل البدء بالتشريع أثار النائب محمد الحجار الذي طلب الكلام بالنظام موضوع خطف الأستونيين وقال انه تقدم باسم كتلة «المستقبل» بسؤال عن هذه القضية منذ ثلاثة أسابيع ولم يأت الجواب بعد. ورد بري طالباً منه تحويل سؤاله اللى استجواب. وبعد مداخلة للنائب زياد القادري والمطالبة بالتحدث بالأوراق الواردة كبداية كل جلسة رد بري: «عندما تنتهي الجلسة التشريعية لك مني عقد جلسات أسئلة وأجوبة أسبوعية الى ما شاء الله». وهنا سأل النائب علي عمار لماذا لا يستدعى السفير الفرنسي (دونيو بييتون) لسؤاله عن قضية الأستونيين وهم كانوا في السفارة التي كان لها الدور الأساس في هذا الملف. فقال النائب أحمد فتفت: «يمكن أيضاً استدعاء السفير السوري (علي عبد الكريم علي) لسؤاله عن تصريحاته». وعقب عمار: «والسفير السعودي (علي بن عواض عسيري) أيضاً». فتدخل بري سائلاً: «ما هذا التوتر؟» فقال نواب: «هذا توتر عال». وعلق النائب حسن فضل الله: «ويولد كهرباء». وقطع بري الجدل بالقول: «قلنا المرة الماضية إن الجلسة مستمرة وهي تشريعية وكل أوان لا يستحي من أوانه عندما يكون تشريع نستفيد من التشريع وعندما تكون مناقشة نستفيد من المناقشة». ثم طرح القانون المتعلق بتحويل سلاسل رواتب القضاة فطالب عدد من النواب بتفعيل التفتيش القضائي وإقرار القانون لإنصاف القضاة الحاليين والمتقاعدين. وسأل النائب سامي الجميل: «كيف نطمح لإصلاح القضاء من دون تحسين أوضاع القضاة؟». وكان للرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة موقف مغاير إذ توجه الى الرئيس ميقاتي ووزير المال محمد الصفدي سائلاً: «هل درستم الكلفة الحقيقية لذلك والتداعيات على القطاعين العام والخاص معاً؟ وهل ندرك ما نحن مقبلون عليه»؟ وأجاب الصفدي: «النواب من فريقي 8 و14 آذار وافقوا على القانون في جلسة لجنة المال والكلفة هي في حدود ال 27 بليون ليرة سنوياً. لكن القضية هي ما سيلحق ذلك من خلال مطالبة قطاعات أخرى بالزيادة». وعندما قال النائب علي فياض: «استغرب الطابع التهويلي» علق بري ممازحاً: «كيف بتستغرب؟ هذه ليست شغلة جديدة». وعقب السنيورة: «المادة ليست للهزل وليس القصد التهويل لكن التجربة علمتنا ورأينا كيف كانت التداعيات». وقال بري: «الرئاسة حريصة دائماً في كل شيء يتعلق بالموضوع المالي». وقال السنيورة: «سألت سؤالاً واضحاً، وأعترض على مسألة الزيادة وتداعياتها على القطاعين العام والخاص، وأرجو من دولة الرئيس أن يجيب عن هذه الأسئلة». وقال ميقاتي: «ما يقوله السنيورة صحيح، ولكن السلك القضائي وافق الجميع عليه وشعروا انه يجب تفعيل هذا السلك، ولا أعتقد أن له تداعيات كبيرة على التضخم إلا إذا كبرت كرة الثلج، ولكن لا يمكن أن تكون الحكومة حجر عثرة أمام تمويل سلاسل القضاة». ثم طرح اقتراح النائب بطرس حرب لجهة شموله القضاة المتقاعدين، كما أضيف على الاقتراح قضاة الشرع ثم أقر الاقتراح معدلاً». الحد من التدخين وطرح اقتراح القانون الرامي الى الحد من التدخين وتنظيم صنع وتغليف ودعاية منتجات التبغ. وقال النائب روبير غانم: «توصلنا الى هذه الصيغة، وحرصنا على الالتزام الكلي بكل ما هو مفروض في منظمة الصحة العالمية، قلنا إننا سنفرض حظر التدخين في كل الأماكن العامة، وحتى طالبنا الفنادق والملاهي بذلك ووجدنا أنه صعب جداً، إذ من الصعب أن تتقيد الناس بالمواصفات التي تضعها وزارة الصحة. وخصصنا في الفنادق 20 في المئة من الغرف، وأوقفنا الدعاية اعتباراً من ستة أشهر بعد نفاذ القانون وفي المقاهي والمطاعم بعد سنة من نفاذ القانون. وهناك توافق تام على هذا الموضوع، وطلبت الميدل ايست منا أيضاً أن يشمل الموضوع الركاب والطواقم». وركز مقدم الاقتراح النائب عاطف مجدلاني على الأسباب الموجبة، مشيراً الى أن الاقتراح أخذ وقتاً منذ عام 2004 الى 2011، وقال: «أصبح آفة اجتماعية صحية وهو يسبب مرض السرطان والقلب والعجز الجنسي عند الرجال، وعند النساء يزيد التجاعيد ويزيل النضارة عن الوجه، واقتصادياً يتسبب بوفاة 3500 لبناني في عمر العطاء والإنتاج، وكلفة العلاج في لبنان لا تقل عن 350 مليون دولار في السنة، إضافة الى الآفة الاجتماعية المتمثلة بالأركيلة ولا سيما ظهورها عند الشباب والشابات في عمر ال15 و16، وهناك 40 في المئة من الفتيان يستخدمون الأركيلة، لذلك هذا الاقتراح مهم». واقترح سامي الجميل وضع غرامة على أصحاب المقاهي والمطاعم الذين لا يلتزمون. أما النائب نديم الجميل فاقترح التصويت عليه بمادة وحيدة. وقال النائب أيوب حميد «هناك مثالية مطلقة في ما يتعلق بالتدخين، نحن في بلد هناك أمور لا نستطيع أن نضع لها ضوابط». ورأى فياض أنه «لا يجوز منع أي مواطن من التدخين في سيارته الخاصة». وطرح الاقتراح على التصويت عليه مادة مادة، فاقترح النائب نواف الموسوي أن تخصص أماكن للمدخنين. وسأل: «كيف تتم المراقبة في الأماكن المغلقة؟». وقال غانم: «على صاحب المطعم أن يتصل بالضابطة العدلية عندما يرى شخصاً داخل المطعم يدخن». وعلق وزير السياحة فادي عبود: «الضابطة السياحية هي أكثر وجوداً، ومحاضر الضبط التي نظمت في مطار بيروت ضد المدخنين هي من الشرطة السياحية، وأرى أن يعطى دور لهذه الشرطة»، وطلب إضافة عبارة الشرطة السياحية. وأضيفت مادة الى الاقتراح وهي المادة 17 التي تنص على: «يعاقب بغرامة بضعفي الحد الأدنى للأجور أصحاب المطاعم المخالفون» فيما تم التسجيل في المحضر انه يحظر على الركاب والطواقم التدخين في الطائرات بناء على طلب شركة «الميدل ايست». وبعد تلاوة المواد ومناقشتها وإقرار الاقتراح معدلاً طلب النائب غسان مخيبر أن يُمنع التدخين في مجلس النواب ليكون المجلس أول المؤسسات التي تمنع التدخين. فرد عليه بري بالقول: «هيدا مش بالنظام وراح امنعك تحكي بالنظام ثلاث مرات». وعند البحث باقتراح قانون تعديل المادة 93 من قانون مجلس شورى الدولة دعا الوزير نقولا فتوش الى اقراره أسوة بقانون القضاة مدافعاً بقوة عنه وهنا تبين أن النصاب فقد، اذ راح نواب المستقبل يخرجون من القاعة تباعاً. فدعا بري النواب في الخارج بالعودة الى القاعة للتصويت فلم يجد أحداً فرفع الجلسة. وبرر الذين غادروا القاعة انسحابهم بأن هذا الاقتراح فصله الوزير فتوش على قياسه، لأن مجلس شورى الدولة أكسبه في دعوى الكسارات 250 مليون دولار.