لم يكن في وسع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون ونوابه الخروج عن الإجماع النيابي الذي تجلى أمس في الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني بتبني النواب مشروع قانون الكهرباء. ولم يبدل تحفظه عنه حرفاً فيه، على رغم ما أطلقه ووزراؤه في الحكومة من تهديدات بالانسحاب منها في حال لم يؤخذ بوجهة نظر وزير الطاقة جبران باسيل الذي كان طرفاً وعدد من زملائه في الاشتباك السياسي الذي سيطر على جلسة مجلس الوزراء في جلسته مساء أول من أمس. فعون، ومن خلاله، الوزراء والنواب المنتمون الى تكتل التغيير، لم يلتقطوا النصائح التي أسداها اليهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الجلسة المشتركة للجان النيابية أول من أمس وتجاهلوا الموقف الذي أعلنه نائب «جبهة النضال الوطني» أكرم شهيب في جلسة اللجان وفيه التزام نواب الجبهة بالمشروع الذي أقره مجلس الوزراء من دون زيادة أو نقصان. وهو يتضمن الضوابط لعملية تنفيذ المشروع التي اعتبرها فريق عون مساً بصلاحيات الوزير. وفي رأي أوساط نيابية أن الجنرال اعتقد بأنه قادر على تغيير واقع الحال في جلسة مجلس الوزراء، وبالتالي في البرلمان فلجأ وزراؤه الى التهديد بدءاً بالوزير شربل نحاس مروراً بالوزير جبران باسيل مروراً بآخرين من التكتل، بالانسحاب من الجلسة معتبرين أنه سيدفع مجلس الوزراء الى التسليم بشروطهم، بشطب بعض ما تضمنه مشروع القانون من ضوابط لكنهم اصطدموا بحلفائهم، أولاً «حزب الله» ثم بالمعاون السياسي لرئيس المجلس الوزير علي حسن خليل ثم بموقف متشدد عبّر عنه الوزير غازي العريضي. وعلى رغم أن بعض حلفاء عون من الوزراء رفض التهديد بالانسحاب من الحكومة إذا اعتمد نص المشروع غير الذي اقترحه باسيل وقالوا لنحاس وباسيل: «أنتم أحرار في الانسحاب من الحكومة، فإن «الجنرال» بقي على إصراره ولم يستجب للجهود التي قامت بها قيادة «حزب الله» ولا لوساطة بري الذي انشغل ليل اول من أمس في إقناعه لعله ينضم الى النواب المجمعين من دون تحفظ على تأييد المشروع. ولم يصمد تشدد عون في اتصالات الليل طويلاً الى أن قرر صباحاً في اجتماعه مع بري قبل عقد الجلسة التراجع عن شروطه بعدما أحس بأنه سيبقى وحده وأن لا جدوى من تهديده بنسف الحكومة طالما أن الظروف غير مواتية لتغييرها. وهو كان ساهم في جمع حلفائه في الأكثرية و «جبهة النضال» والمعارضة تحت سقف تأييد خطة الكهرباء انسجاماً مع ما توصل اليه بري في اجتماع اللجان. ورأت الأوساط النيابية أن عون سعى من أجل تنظيم «تراجعه» الى التصرف وكأنه المنتصر في وجه من عارضه في التعديلات التي أدخلت على المشروع خلافاً لرأيه. فالحكومة والمجلس مشيا معاً في خطة الكهرباء ما اضطر عون الى اللحاق بهما ولو من باب التحفظ! افتتحت الجلسة قرابة الحادية عشرة برئاسة بري وحضور ميقاتي. وطلب النائب نبيل نقولا الكلام وقال إن احد المواقع الإكترونية نقل عن لسانه انه وصف نواباً بأنهم أولاد شارع، نافياً أن يكون صدر مثل هذا الكلام عنه. ثم طلب النائب الكتائبي سامر سعادة السماح له بإلقاء كلمة يطرح فيها قضية «الاعتداء عليه» ، فقال بري إن «ما حصل كان أثناء غيابي وأتمنى عليك انتظار التحقيق»، فرد سعادة: «إن ما يحصل يخصني وأتمنى أن تعطيني الوقت استثنائياً وأنا نائب في هذا المجلس ومن حقي أن أتحدث». فرد بري: «القضية باتت في يد القضاء وتم توقيف المتسببين في الحادث». وانتهت الجلسة من دون أن يعطيه الوقت الكافي لإلقائها فغادر سعادة وصرح أمام الإعلاميين قائلاً: «الانفعالية المتزايدة في أقوال عون وتصرفاته تشكل خطراً على الاستقرار». وأثار النائب عاصم عراجي قضية أسعار الأدوية التي ترتفع يوماً عن يوم وتتخطى أسعار بلد المنشأ، إذ هناك أدوية تصل أسعارها إلى أكثر بأضعاف من أسعار الدول المجاورة خصوصاً في الأردن والسعودية، وسأل: «لماذا لم تتدخل وزارة الصحة لوضع حد لهذه الفوضى؟». ورد لاحقاً وزير الصحة علي حسن خليل واعداً بخفض سعر 690 دواء في وقت قريب 35 في المئة. وتمنى النائب بطرس حرب أن يؤكد موقف رئيس الجمهورية في الأممالمتحدة احترام مقدمة الدستور وقرارات الأممالمتحدة، وأن يترجم هذا الأمر في مجلس الوزراء. وعندما حاول بري الإشارة للبدء بجدول أعمال الجلسة قال النائب سامي الجميل: «أنا منذ ثلاثة أشهر طلبت الكلام ووعدتني». بري: «يذهب هذا الأمر مع مرور الزمن». ولفت الجميل إلى المجارير، بحيث ترمي كل قرية نفاياتها إلى القرية المجاورة. ورد النائب أغوب بقرادونيان: قائلاً: « وكل هذه النفايات تتجمع في برج حمود». وطلب النائب خالد الضاهر الكلام بالنظام فلفت إلى الدعوى التي أقامها وزير الدفاع في حقه وقال: «كنت أتمنى أن يكون موجوداً لأسمعه كم كلمة، كلامه يطالك لأنني أنا نائب عن الأمة. وسأل هل نحن في نظام ديموقراطي أم نظام عسكري؟». وقال بري مقاطعاً: «هذا الكلام ليس بالنظام وآمل منك بأن تمر إلى مكتبي لنتحدث عن الموضوع». وذكّر النائب محمد الحجار بسؤاله إلى الحكومة حول موضوع الإستونيين وتمنى تحديد جلسة للأسئلة والاستجواب. جدول الأعمال ثم بوشر بجدول أعمال الجلسة فطرح اقتراح القانون المعجل المكرر المتعلق بإعطاء السائقين العموميين بدل صفائح بنزين وعندما طرح على التصويت بصفة الاستعجال، لفت النائب نواف الموسوي إلى العديد من الملاحظات حول إعطاء الدعم للسائقين العموميين خصوصاً أن بعض الشركات الخاصة تحصل على هذا الدعم للباصات «ونحن نرفض إعطاء الدعم للشركات الخاصة. الدعم لدعم السائق العمومي وصاحب اللوحة العمومية وإن تم خرق هذا الأمر في محطة الوقود فيتم بمرسوم». ورد الوزير غازي العريضي: «ما تفضل به الزميل صحيح لكنه حل من خلال قرار مشترك صادر عن وزارتي الأشغال العامة والنقل والداخلية، هناك الكثير من الأشخاص الذين يشغلون اللوحات إلى أكثر من سيارة في المناطق. وعملنا على ضبط هذا الأمر وكان لدينا ما يقارب العشرة آلاف سائق لم يسجل اسمه وأبرزوا الوثائق فعملوا على التسجيل والعدد الإجمالي حوالى 55 ألف شخص». ثم طرح الاقتراح على التصويت فصدق. عون وافق بتحفظ على قانون الكهرباء بعد ذلك تم طرح مشروع القانون المعجل المكرر لإشغال الكهرباء كما عدلته اللجان المشتركة. وقال النائب عون: «حفاظاً على التضامن الحكومي نوافق على مشروع القانون، ونتحفظ عن وضع بنود قرار مجلس الوزراء في القانون، وذلك احتراماً لمبدأ فصل السلطات، ونتمنى أن يضم إلى الأسباب الموجبة أو أن يبقى في محضر الجلسة التي اتخذ فيها القرار. المهم أن القانون البرنامج سيقر وسيكون للبنان كهرباؤه ولكن على الجميع أيضاً أن يساهموا في الامتناع عن وضع العراقيل». وأمل بعد خروجه من الجلسة «من كل من عارض برنامج الكهرباء أن يصفّي النية ولا يضع عراقيل للتنفيذ ونحن بحاجة إلى أن يساهم الجميع بالمشروع للوصول به إلى نهاية سعيدة». ولفت إلى انه «كانت هناك آراء مختلفة حول الموضوع وكلها حسمت في مجلس الوزراء وأصبح المشروع نافذاً وعقبال المياه». وعن الانتصارات السياسية قال: «الانتصار للذي أعد الخطة، والإنجاز يعود للوزير وفريقه ومجلس النواب، ولمن أقر قانون البرنامج، إنه انتصار لكل اللبنانيين، ولكل من يريد الكهرباء». وكان عون التقى قبل بدء الجلسة الرئيس بري في مكتبه. وأشاد الرئيس فؤاد السنيورة بالصيغة التي تم التوافق عليها وقال: « أريد أن أنوه بالتأكيد الذي صدر عن رئيس الحكومة في جلسة اللجان المشتركة». بري: هذا قلناه كلنا، وإذا أردت التنويه، نوّه بينك وبينه». وطلب حرب اضافة لجنة البيئة إلى اللجان المشتركة. وبعد التصويت على هذا القانون الذي لم يستغرق دقائق معدودة غادر عون والنائب وليد جنبلاط الجلسة. سجال عنيف ولدى مناقشة اقتراح قانون يقضي بتعديل المادة 93 من نظام مجلس شورى الدولة المقدم من النائب نقولا فتوش الذي يطالب بالتعويض على كسارته بقيمة 250 مليون دولار، والذي لم تدفعه له الدولة لغاية تاريخه، اعترض رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وقال: «هذا الاقتراح يتناول قضية محددة شابها الكثير من الملابسات والممارسات ووصلت إلى مجلس النواب قبل سنوات واستمرت وقدمت دعاوى عدة وفي فترة مضت بحثنا هذا الموضوع مع أصحاب الشأن على أساس رفع الدعاوى الأخرى وإجراء مفاوضة لإيجاد حل لهذه المسألة المتعلقة بهذا الاقتراح، وكان هناك 34 دعوى». وهنا علق بري ممازحاً: «لماذا لم تعالج هذا الأمر عندما كنت رئيساً للحكومة. (ضاحكاً) تنذكر وما تنعاد». وقال النائب جورج عدوان: «هذا الاقتراح يكلف الخزينة 400 مليون ليرة لبنانية، ولم يحصل أن سنت قوانين لأشخاص وأتمنى أن يسحب هذا الاقتراح». ولفت النائب سيرج طور سركيسيان إلى أن «هذا الاقتراح يخلق شرخاً كبيراً بين المحاكم العدلية وبين المحاكم الإدارية» وتحدث بإسهاب عن الموضوع. بري: «بصراحة كل عمرك تحكي سيّء لكن أسوأ من هذه المرة ما حكيت. والله ما فهمت شيئاً». وتوجه النائب فريد حبيب إلى فتوش قائلاً: «أنت لك حصة في الكسارات»، فقال له فتوش: «فشرت أنت واحد كذاب، أنا لا املك حصة، هذا افتراء». فتدخل بري مخاطباً فتوش: «مش مسموح لك أن تقاطع»، وطلب شطب كلامه من المحضر. لكن بعد مرور اكثر من نصف ساعة على هذا السجال وقف النائب حبيب بعدما ابلغه احد النواب بما نعته فتوش وخاطب الأخير بالقول: «لقد وصفني فتوش بالكذاب، هو الكذاب»، فحصل هرج ومرج فتدخلت مطرقة بري وطلب شطب هذه العبارة من المحضر. وقال النائب سامي الجميل: «كلنا يعلم أن مجموعة كبيرة من الكسارات توقفت ويحق للوزير فتوش التعويض. لكنني اقترح عليه أن يقدم المبلغ الذي سيتقاضاه لتحسين الوضع البيئي عبر التشجير وسيقدر له اللبنانيون هذا الموقف ويصبح بطلاً وطنياً». ورد فتوش قائلاً: « الشيخ سامي يمون على كل شيء». وتوجه إلى السنيورة بالقول: «لا يوجد أي سلطة في لبنان تستطيع أن تتعرض للأحكام المبرمة»، لافتاً إلى «أن السنيورة مارس خطأ قانونياً جسيماً، ولو كان هناك دولة لأحيل إلى القضاء لأنه طلب وقف التنفيذ». وزاد: «انتم ترفضون أحكاماً مبرمة وتلهثون وراء المحكمة الدولية لاستيراد قرارات مشبوهة وتريدون إلباسها لنا». وقال النائب نواف الموسوي: «إما أن نحترم قرارات مجلس الشورى، أو فلنرسله إلى البيت». وطلب النائب احمد فتفت الكلام فقال: «سمعت كلاماً مستغرباً من وزير وهذا فيه إهانة لكلام رئيس الجمهورية في الأممالمتحدة ( اول من ) امس». فتوش مقاطعاً:» الرئيس يدافع عن نفسه، وأنت قل ماذا تريد». وتابع فتفت: «خلفية القضية منطلقة من موضوع شخصي». فتوش:» مثل الشاي في مرجعيون». فتفت: «ولا يهمك بعزمك على الشاي أينما تريد، لكن مش على الدبابة الإسرائيلية اللي طلعت عليها». وطلب فتفت توضيحاً من الرئيس ميقاتي ووزير المال عن كلفة التعويض وأعبائه. ولاحظ النائب نوار الساحلي أن « نقطة ضعف القانون أن الذي تقدم به هو نقولا فتوش». واستغرب النائب علي عمار التمنع عن الدفع على رغم وجود حكم قضائي مبرم، محذراً من تثبيت هذه السابقة الخطرة التي قد تنسحب على الأحكام البرمة الخطيرة. داعياً إلى مناقشته والتصويت عليه. وقال النائب ايلي ماروني: «حرام أن نمشي في هذه الجريمة القانونية المقدمة من هذا النائب إذ هناك عدد كبير من الأحكام صدرت تحت الضغط». فتوش مقاطعاً: «أنا ما اسمي هذا، أنا دكتور غصباً عنك». ماروني:» انت واحد بلا تهذيب». بري: « تشطب هذه العبارات من المحضر». فتوش: «الذي أخذ بنزين ب 18 مليون ليرة على حساب الحكومة لا يحق له التكلم». ماروني:» والذي يسرق مغارة جعيتا. وإذا أردت أن تفتح ملفات أنا جاهز». واقترح السنيورة التصويت على اقتراح القانون فسقط وتم رده على أن يصار إلى تقديم اقتراح بصيغة أخرى. كما طرح خلال الجلسة مشروع قانون يتعلق بتعديل بعض مواد قانون تنفيذ العقوبات فصدّق. واقتراح قانون يرمي لإعطاء مراسيم ترقية الضباط في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والضابطة الجمركية مفعولاً رجعياً بتاريخ 1-1-2011 وصدق. وعندما حاول بري طرح اقتراح آخر تبين أن النصاب القانوني قد فقد فرفع بري الجلسة وكانت الساعة تشير إلى الثانية إلا ربعاً. السنيورة: الإيضاحات «إنجاز» وعلق السنيورة على الجلسة بعد خروجه منها بالقول: «الجلسة وإن شابها بعض التوتر في بعض المراحل، فهي كانت مهمة جداً. ففي موضوع الكهرباء، اعتقد أن ما تم التوصل إليه نفى ذلك الادعاء بأن هناك من يريد الكهرباء، من المواطنين ومن النواب، وهناك فريق آخر لا يريدها. الإيضاحات هي أمور أساسية، وفي ذلك إنجاز كبير لكل اللبنانيين. هناك أمور كثيرة ينبغي على الوزارة وعلى مجلس الوزراء أن يوضحها في ما يتعلق بمواضيع السياسة التي يجب أن تعتمد في مواضيع التوليد والنقل والتوزيع والتعرفة والجباية».