واشنطن – «نشرة واشنطن» - للهند تاريخ طويل وعريق في مجال الري الاصطناعي. وكانت الممارسة الزراعية الهندية التقليدية تشدد على مشاريع الري الصغيرة النطاق التي تديرها المجتمعات الأهلية. لكن عندما باشرت شركة «الهند الشرقية» في حكم الهند مطلع القرن ال 19، أدخلت أنظمة ري واسعة النطاق تشمل كل أحواض الأنهار، وهي تقنية كان يُقصد منها زراعة المحاصيل التي تدر المداخيل ومكافحة أثر الجفاف. وحددت تقنية الري الأجنبية هذه، المسار المعتمد في ممارسات الري في شبه القارة الهندية في السنوات ال 200 التالية. لكن برزت في السنوات الأربعين الماضية المياه الجوفية كمصدر أولي للري، وعندما بدأت البنية التحتية وإدارة برامج الري الواسعة النطاق تتدهور، بادر المزارعون إلى استخراج المياه الجوفية التي أصبحت عماد الزراعة في 85 في المئة من المناطق الزراعية في الهند الواقعة خارج سلطة قيادات الأقنية الكبيرة. ويزرع مزارعون كثر حالياً مجموعة أوسع من المحاصيل الأساسية، غير الرز والقمح، التي تحتاج إلى إمدادات أكثر للمياه. ومع قيام ملايين من المزارعين بسحب المياه من الآبار عشوائياً، بدأت إمدادات المياه الجوفية تتضاءل. وفي عام 2000، كانت المؤسسات الهندية جمعت بيانات واسعة النطاق تتعلق بالري، لكنها لم تكن تعرف الكثير حول كيفية استخدام المعلومات للتأثير في السياسة. وبدأ فريق يضمّ 30 عالماً اجتماعياً وخريجاً من كليات الإدارة، البحث عن طرق لدمج أنظمة الري المُدارة مركزياً مع الاتجاه نحو الاستخدام الكثيف للمياه الجوفية. وساعد المعهد الدولي لإدارة المياه صنّاع السياسة في الهند على اكتساب دروس من جهود إعادة إصلاح مشاريع الري في الصين، والمكسيك وأفريقيا. كما برز موضوع استخدام المياه الجوفية في الهند في مقدم المناظرات حول الري. وتركز الجهود الحالية على معالجة استنفاد المياه الجوفية من خلال إعادة ملء الطبقات الصخرية الجوفية المائية بالأمطار التي كانت ستسيل وتهدر. وأوصى المعهد الدولي لإدارة المياه بتنفيذ برنامج لإعادة ملء المياه الجوفية ضمن نسبة 65 في المئة من الهند. ويتمثل أحد التحديات في استعادة إمدادات مياه الأمطار في مناطق الطبقات الصخرية المائية الجوفية والحفاظ عليها. وتستطيع هذه التكوينات الجيولوجية تخزين كميات اقل من مياه الأمطار مما تستطيع تخزينه الصخور الرملية أو الصلصالية المسامية. وخصصت الحكومة الهندية 400 مليون دولار لتمويل مشاريع إعادة تعبئة الآبار المحفورة في مناطق حيث استُعملت الطبقات الصخرية الجوفية المائية في شكل مفرط، وهذه الآبار المحفورة واسعة غير عميقة تبطن في أحيان كثيرة بالخرسانة، وستسدد هذه الأموال تكاليف إنشاءات تعود لسبعة ملايين بئر محفورة لتحويل المياه المنسابة من الأمطار الموسمية إليها. وتتلقى المزارع الصغيرة والمتوسطة إعانات حكومية تغطي نسبة 100 في المئة من تكاليف المعدات، وتستفيد مزارع أخرى من إعانات حكومية تغطي نسبة 50 في المئة من هذه التكاليف. وبدأت ولايات تاميل نادو ومهاراشترا وغوجارات، استخدام هذا التمويل لتنفيذ برامج إعادة تعبئة طبقة المياه الجوفية. وباتت ولاية غوجارات في طور إكمال خطتها لإعادة تعبئة الطبقات الصخرية الجوفية، وتحتوي السدود ال 191 في الولاية على ما يزيد على 20 ألف بليون متر مكعب من المياه، لكنها تعاني من خسائر عالية في كميات المياه بسبب التبخر في خزانات السدود والأقنية المكشوفة. وتتوافر كمية إضافية تبلغ 17600 مليون متر مكعب، لكنها تُهدر من خلال التسرب. وتهدف الخطة إلى تخزين 11 ألف مليون متر مكعب من المياه في بحيرة كالباسار المقترحة في خليج خامبهات، بينما ستحوّل ال5600 مليون متر مكعب المتبقية إلى جوف الأرض من ضمن برنامج إعادة تعبئة الطبقات الجوفية. وستستخدم ولاية غوجارات التمويل لتركيب 21200 خزان ترشيح، وإنشاء 22400 بئر لإعادة التعبئة، وبناء 23600 سد لمنع التسرب. واقترح «بنك التنمية الآسيوي» والبنك الدولي، أن توقف الحكومة الإعانات لتغطية تكاليف الكهرباء، وان تحمّل المزارعين التكاليف استناداً إلى استهلاك الطاقة المقاسة بالعدادات. لكن عندما حاولت ولايات القيام بذلك، شكل المزارعون مجموعات ضغط قوية وخسر رؤساء وزراء مقاعدهم، لذا بات المطلوب إيجاد حل مختلف. واقترح المعهد الدولي لإدارة المياه، أن تدخل الحكومات «تقنيناً ذكياً» للكهرباء المزوّدة للمزارع من خلال فصل الكابلات التي تنقل الكهرباء إلى المزارعين، عن تلك المنقولة إلى مستخدمين ريفيين آخرين، مثل منازل الأسر والصناعات. وعليهم بعد ذلك تزويد المزارعين بطاقة كهربائية من نوعية عالية على مدى ساعات محددة كل يوم بسعر يستطيعون تحمله. ويعمل المعهد الدولي لإدارة المياه أيضاً مع مديري السياسة في أحواض نهر السند والغانج والنهر الأصفر، لتحليل قضايا المياه الجوفية انطلاقاً من وجهات نظر مادية، واجتماعية - اقتصادية، ومن منظور السياسات. ويساعد هذا العمل صنّاع القرار في التفكير باستخدام المياه الجوفية على نحو مثمر ودائم، وصوغ سياسات إدارية فاعلة للمياه الجوفية.