واشنطن - «نشرة واشنطن» - تواجه باكستان تحديات كبيرة في تزويد شعبها ومزارعها وصناعاتها بالكميات الكافية من المياه. ولمواجهة هذه التحديات، استجابت الدولة بتوظيف استثمارات كبيرة في البنية التحتية وتوصلت إلى اتفاق لتوزيع المياه مع جارتها الرئيسة الإقليمية. وعلى رغم ذلك، تبقى مشاكل تتمثل في احتمال تغير المناخ، وعلى الباكستانيين مضاعفة جهودهم في هذا المجال. وتُعدّ باكستان من بين بلدان العالم الأكثر جفافاً، ويبلغ المعدل السنوي لهطول الأمطار فيها 240 ملليمتراً فقط. ومقارنة بالدول ذات المساحة المماثلة، تتلقى نيجيريا أكثر من 1500 ملليمتر، وفنزويلا أكثر من 900 ، وتركيا نحو 100. ويعتمد سكان باكستان واقتصادها بدرجة كبيرة على المياه من مصدرين، الأول من التدفق السنوي إلى نظام السند البالغ نحو 190 بليون متر مكعب من المياه، والمستمدة في معظمها من ذوبان الثلوج في جبال الهمالايا. ويشمل نظام السند أنهار السند وجهلوم وشناب وكابول. وتعيش نسبة 77 في المئة من سكان باكستان في حوض السند. وتختزن الطبقات المائية الجوفية في باكستان البالغة مساحتها 16 مليون هكتار، 68 بليون متر مكعب من المياه الجوفية، وتُعاد تغذيتها في معظمها من خلال شبكة من قنوات المياه، وجزئياً من خلال بعض الترتيبات الإنشائية المحدودة مثل البرك في القرى، وعدد من السدود الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم. وتتوافر نسبة 81 في المئة من المياه السطحية في موسم الأمطار الذي يمتد من نيسان (أبريل) إلى أيلول (سبتمبر)، لكن حالات النقص تحصل عادة خلال موسم الجفاف الطويل، خصوصاً في نهاية الخريف ومطلع الربيع (تشرين الأول/ أكتوبر حتى آذار/ مارس)، ولا يُستبعد تفاقم هذا الوضع بسبب تغير المناخ. وتتميز باكستان بتاريخ طويل في تطوير البنية التحتية اللازمة لقطاعاتها الزراعية والمنزلية والصناعية والبيئية. واعتُمد نظام الأقنية الأول عام 1840، وبُنيت منذ ذلك الحين منشآت مائية لتوسيع رقعة المساحات المروية. وأثرت معاهدة مياه السند لعام 1960 الموقعة بين الهند وباكستان بعمق على نمط التطورات اللاحقة. وتقاسمت الدولتان بموجب هذه المعاهدة الأنهار الستة التي يتشكل منها حوض السند. تطوير البنية التحتية وحصلت الهند على الحقوق المائية الحصرية للأنهار الشرقية الثلاث (رافي وسوتليج وبيز). فيما خُصّصت المياه من الأنهار الغربية الثلاث (السند وجيلوم وتشيناب) لباكستان. ولأن سلة باكستان الغذائية الزراعية الرئيسة تقع في الشرق، وكانت تاريخياً تروى من الأنهار التي خُصّصت الآن للهند، برزت حاجة إلى إنشاء بنية تحتية ضخمة جداً لنقل مياه الأنهار الغربية إلى المنطقة المروية في الشرق. واستجابت باكستان للأمر بإنشاء سدود وحواجز مياه رئيسة وأقنية بين الأنهار لنقل هذه المياه شرقاً. في المناطق المروية، يستخدم الناس مياه الأقنية والمياه الجوفية لتلبية حاجاتهم المنزلية. وفي ضوء التفاوت الشديد في توافر المياه السطحية، ركّب المزارعون آباراً عمودية واسعة لاستكمال حاجاتهم. وأدى الاستخراج المفرط للطبقة المائية الجوفية إلى تسرب المياه المالحة إلى الآبار وتدهور نوعيتها. ويعتمد معظم مناطق المدن والضواحي في باكستان على المياه الجوفية لسد حاجاتها من مياه الشرب ومياه الصرف الصحي. ومع التوسع العمراني المتزايد، بدأ مخزون المياه الجوفية ينخفض بسرعة. ويدخل تدريجاً نظام إعادة تدوير المياه المهدورة في المدن وإعادة تحلية المياه المالحة لسد النقص الحاد في المياه. وتعتمد باكستان في شكل كبير على حوضها الوحيد، ولا يوجد حوض إضافي يمكن أن تنقل منه إمدادات إضافية إلى المنطقة التي تعاني شح المياه، كما لا تملك الدولة أي موارد مياه إضافية. لذا عليها أن تدير الموارد المائية التي تملكها في شكل أفضل. وتُعتبر هذه التحديات حقيقية، إذ إن باكستان بلد يعاني من شح المياه مع تباين كبير في معدل هطول الأمطار، وارتفاع مؤشرات الإجهاد المائي (اختلال التوازن بين استخدام المياه والموارد المائية المتوفرة) وتدهور كبير في النظام الإيكولوجي. ويعقّد التنقيب عن المياه الجوفية خارج الحدود وتلوث المياه السطحية هذه القضية، كما يهدد تغير المناخ بزيادة حدتها. ولمواجهة هذه التحديات، يجب أن تستجيب باكستان بعدد من الطرق، تشمل مجالات تحسين الكفاءة في استخدام المياه، وإمكان الحصول على مياه الشرب النظيفة ومياه الصرف الصحي، وصيانة البنية التحتية للمياه، فضلاً عن ضرورة زيادة قدرة تخزينها الحالية. كما تتطلب الإدارة الرشيدة للمياه بنية تحتية جديدة لرفع معدلات الطاقة المائية، وزيادة الإنتاجية الزراعية.