قبل التاسع من ذي الحجة، موعد الاحتفال بكسوة الكعبة المشرفة، يتشرف بالعمل على إنتاجها نحو 240 عاملاً سعودياً في مصنع أشبه بمتحف، يشمل أعمال الصباغة والنسيج والطباعة والتطريز، بعبارات تكتسي بماء الذهب، وتطرز بخيوط الحرير الصافي، بكلفة تصل إلى 20 مليون ريال، لينبهر بها الملايين، ويعيش عبقها العباد والطائفون. وذكر أحد العاملين في كسوة الكعبة أيمن المورعي أن مبلغ الإنفاق على كسوة الكعبة حالياً يصل إلى أكثر من 20 مليون ريال، وأنه يعمل على تجهيز ثوب الكعبة نحو240 عاملاً معظمهم سعوديون، يتوزعون على مصنع يشمل الصباغة والنسيج والطباعة والتطريز، وأصبح متحفاً يزوره الآلاف سنوياً، لافتاً إلى أنه على رغم استخدام «الميكنة» الحديثة في بعض أعمال الكسوة، إلا أن الإنتاج اليدوي مايزال يحظى بالإتقان والجمال، إذ يتفوق في الدقة واللمسات الفنية المرهفة، وأن الكعبة تستبدل ثوبها مرة واحدة وتغسل مرتين في العام الواحد، وغسلها يتم بماء زمزم والورد وطيب المسك، والأرضية والجدران تجفف وتعطر بدهن العود الخالص. وأضاف أن الكعبة تكتسي بثوبها الجديد يوم التاسع من ذي الحجة في احتفال إسلامي بهيج، تنظمه الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام، ويحضره كبير سدنة البيت الحرام، إضافة إلى عدد كبير من المسؤولين السعوديين، ويتم في هذا اليوم السماح لبعض عامة الناس الدخول إلى جوف الكعبة والصلاة فيها، بمن فيهم النساء لينلن نصيباً من الأجر والثواب. من جانبه، أوضح أحد المهتمين بتاريخ الكعبة محمد القرشي ل«الحياة» أن لكسوة الكعبة قصة شهيرة، عندما هم أحد ملوك اليمن وهو التبع الحميري بهدم الكعبة، حتى إذا ما اقترب جنوده من مكة اعترضت طريقه عاصفة شديدة، ليصاب بعدها بمرض خطير، فنصحه بعض أحباره بالعدول عن فكرته، ووجوب تعظيم هذا البيت والطواف حوله، وأن يذل له ويحلق رأسه عنده، ففعل التبع واستجاب لرأي أحباره، وأقام بمكة ستة أيام بلياليها أحضر خلالها أفخر الثياب وأغلاها لكسوة الكعبة، ومن هنا بدأت قصة كسوة الكعبة، لافتاً إلى تأرجح الروايات عبر كتب التاريخ حول بنائها، فمن يذكر أنها شيدت عن طريق ملائكة السماء، وبعضها بواسطة آدم عليه السلام، وثالثة تذكر أنها خلقت قبل الأرض بألفي عام. ولفت، إلى أن الكعبة كانت تكسى أيام الجاهلية في يوم عاشوراء، ثم جعلته قريش في يوم النحر، وأنه عندما جاء الإسلام كساها النبي صلى الله عليه وسلم عند حجة الوداع، كما أنه كساها بالثياب اليمانية عندما احترقت على يد امرأة أرادت أن تطيبها بالبخور، لافتاً إلى أن بعض الروايات ذكرت أن أول من أدخل الكتابات على ثوب الكعبة، هم المماليك سنة 761 للهجرة، وعثر على بعض تلك النقوش والكتابات التي تعود إلى ذلك العصر، وأنه إبان حكم الدولة العثمانية كان يأتي ثوب الكعبة من مصر، حتى جاء العهد السعودي، فعملت داراً خاصة لعمل الكسوة، وبعدها أمر الملك فيصل بتجديد مصنع الكسوة، ليفتتح على يد الملك فهد عام 1397ه حينما كان ولياً للعهد.