ربما لم يتأثر عدد المسلسلات الرمضانية كثيراً بأحداث الربيع العربي المتأجج، وأغلب الظن أن بعضها تمكن في آخر لحظة من إضافة بضع جمل هنا أو حشو بعض لقطات هناك من هذه الثورة العربية أو تلك. صحيح أن برامج الحوارات الفنية المعتادة خضعت هي الأخرى ل «نيو لوك» ذكي بحصر نفسها في استضافة فناني القائمتين البيضاء والسوداء. وربما لم تصب الإعلانات بنكسة كانت متوقعة قبل بدء شهر رمضان بحكم الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة، فتحولت دفة إعلانات السمن والمشروبات الغازية والصابون من فواصل المسلسلات والبرامج الفنية إلى البرامج السياسية. وقد يعني كل ذلك أن نسب المشاهدة للتلفزيون في رمضان لم تتأثر كثيراً، أي أن المشاهد لم ينصرف بعيداً عن الشاشة الفضية بحجة أن مزاجه غير رائق لمتابعة قصة عشق وهوى في هذا المسلسل، أو أن قلقه على وضع بلده يمنعه من التمعن في الحرب الكلامية بين فنانتين على الهواء. ما حدث هو ترجيح لكفة برامج الحوارات السياسية والفنية المصطبغة بالسياسة. إلا أن كل هذا لا يعني فقط أن «الربيع العربي» لن يلقي بظلاله على موسم رمضان التلفزيوني فقط، بل سيؤثر كذلك في الموسم التالي له، والذي يمكن تسميته ب «موسم المراجعات الرمضانية». اذ بات من المعروف أن يكون «شوال» على الصعيد التلفزيوني موسماً للبرامج المحللة للمسلسلات الرمضانية. كما بات من المعروف أن يستهل شهر «شوال» أيامه بجرعة برامح وأفلام العيد المطعمة بنهايات مسلسلات رمضان، لتبدأ في اليوم الرابع من الشهر فقرات النقد الفني للمسلسلات، من حيث القصة والسيناريو مروراً بأداء الممثلين وانتهاء بالديكورات والملابس. ويعرف الجميع أن كل تلك المراجعات تصب في نهاية «شوال» مع بدء موسم الإعادة – إعادة المسلسلات - الذي يبدأ في «ذي القعدة» ويستمر حتى «شعبان» من العام التالي. ولا مانع في أن تتخلل تلك الإعادة الدرامية أو تلك حفنة من برامج الحوار التي تعيد تدوير مسألة التحليل والانتقاد لهذه الأعمال الدرامية الرمضانية. مرة أخرى، لا يتوقع أن يشهد رمضان 2011 الكثير من التحليل والانتقاد والبحث والتفنيد في ملف المسلسلات المعروضة على رغم كثرتها. فرياح «الربيع العربي» ما زالت عاتية، وأزهاره تأبى أن تتفتح، ونسيمه تعرقله سحب منخفضة متخمة بالمواجهات، أو ركامية قد تجلب أعاصير، وأخرى مرتفعة تبدو بعيدة من سطح الأرض لكنها تنبئ إما بزعابيب ورياح عاتية وإما بنسمات رقيقة تلطف جو الأرض. وإلى أن تتضح ماهية السحب المرتفعة ونية السحب المنخفضة المخيمة على دول «الربيع العربي»، تبقى آثارها قوية ملحوظة على محتوى رمضان التلفزيوني العربي، وعلى ميول المشاهد العربي.