دخلت أزمة الشعير في حفر الباطن، مرحلة جديدة؛ بضبط الدوريات الأمنية شاحنة محملة بالشعير في حي أبي موسى الأشعري، حيث كانت متوقفة إلى جوار المقبرة القديمة، ويعتقد أنها كانت ستباع في «السوق السوداء»، وتم التحفظ عليها من قبل رجال الشرطة، وقال الناطق الإعلامي في شرطة المنطقة المقدم زياد الرقيطي: «تم القبض على السائق والتحقيق معه كالمعتاد، وتم إخلاء سبيله وتسليم الكمية للجنة المختصة؛ لاستكمال إجراءات البيع». ويرى مربو الماشية أنه، رغم التطمينات والتصريحات التي تفيد بزوال أزمة الشعير وانحسارها إلا أنها «أضحت ككرة الثلج التي تكبر يوماً بعد يوم»، مشيرين إلى أن العابر على طريق سوق المواشي في حفر الباطن يستطيع أن يلحظ حجم الأزمة من تكدس السيارات في طوابير طويلة تتجاوز الألف سيارة على صفوف عدة، إضافة إلى الوجود الأمني المكثف. وبحث رئيس غرفة حفر الباطن التجارية صالح التركي مع متعهدي وناقلي الشعير لحفر الباطن، وبحضور أمين الغرفة التجارية في حفر الباطن عثمان العسكر، الأزمة المتفاقمة وإيجاد حلول لها. وقال التركي: «الاجتماع يأتي لإيجاد حلول لأزمة الشعير بمحافظة حفر الباطن التي تعد أكبر سوق للمواشي، بعد أن ألقت الأزمة بثقلها على تربية المواشي وعمليات والبيع والشراء في هذه السوق». وتركزت أبرز مطالب المتعهدين على الرفع للمقام السامي بمتابعة توزيع الحصص العادلة، إضافة إلى معرفة الاحتياج الفعلي لحفر الباطن، معتبرين أن «أقل من 60 شاحنة لحفر الباطن يومياً يعد خطأ، والكل يعلم حجم سوق حفر الباطن للمواشي، إضافة إلى البيئة الرعوية». وأبان المتعهدون أنهم يتلقون الملامة وينالهم التجريح؛ كونهم مقصرين، في حين أن خبايا الأمور التي يجهلها الناس أنهم يعانون الأمرين من أجل الحصول على الشاحنات في ظل دخول متعهدين جدد وسيطرتهم على نسب أكبر وتوجههم إلى مناطق لا تضاهي حفر الباطن احتياجاً. وأكد التركي أن «الغرفة تبذل جهودها لتذليل العقبات وتسعى لتأمين احتياج سوق حفر الباطن من خلال مخاطبة الجهات ذات العلاقة، وعلى رأسها وزارة التجارة لضمان وصول كميات مناسبة لحفر الباطن، ولوضع آلية عادلة في التوزيع بين المتعهدين وبين المناطق بحسب الاحتياج»، مشيراً إلى أن حصر الاستيراد على مستورد واحد أسهم في استمرارية أزمة الشعير، مشدداً على أن تكون هناك رقابة صارمة على الشاحنات لضمان وصولها للتوزيع في الأسواق المعتمدة؛ لضمان عدم توجهها إلى جهات غير معلومة. من جانبه حذر أمين غرفة حفر الباطن عثمان العسكر (العضو المكلف متابعة ملف الشعير في الغرفة)، من تبعات أزمة الشعير في حفر الباطن وآثارها التي ستظهر على سوق المواشي من خلال التناقص الحاد ولجوء غالبية المربين إلى بيع مواشيهم بعد فشلهم في الحصول على الكميات المناسبة من الشعير، مضيفاً أن بعضهم لجأ إلى بيع الأمهات المنتجة وعرضها للذبح؛ مما سيؤدي إلى ضعف الإنتاج خلال المواسم المقبل. ورغم أن متوسط ما يصل يومياً يعادل خمس شاحنات، إلا أن ذلك لم يعد كافياً؛ نظراً إلى كون سوق مواشي حفر الباطن هي الشريان الرئيسي لتجارة المواشي في حفر الباطن. ويؤثر كثيرون قضاء يومهم الرمضاني الحار داخل سياراتهم وفي ظلالها حيث يجتمعون منذ الظهيرة حتى إفطارهم بعيداً عن أسرهم في انتظار الساعة التاسعة مساءً حيث يبدأ التوزيع. ولا يزال سبب نشوء هذه الأزمة مجهولاً بغياب حلقة مفقودة بين نزول أطنان الشعير للموانئ ووصولها إلى سوق حفر الباطن، وذكر أصحاب مواش أن ما يحصل «تجفيف» وهو مصطلح يتردد كثيراً هذه الأيام بينهم، ويعني أن بعض المتعهدين يخفي بعض الشحنات ويخزنها لتقليل ما يعرض في السوق حتى يباع بسعر أعلى، ويرون أن هناك شاحنات تنزل بعض حمولتها في بعض الطرق، فيما يطالب عدد منهم بأن يتم تكليف جهة حكومية لرصد ومتابعة الشاحنات يومياً، برقابة صارمة فما يصل إلى الميناء هو كافٍ. ويرى آخرون أن الأزمة نشأت بسبب التوزيع غير العادل وما يحصل من تحايل، رغم جهود رجال الأمن الذين يقومون بعمل كبير، كما يحدث تحايل وزيادة حصص وبيع من خلف عين الرقيب؛ مما يفقد المنتظر لساعات أعصابه وهو يرى التلاعب، خصوصاً من العمالة التي تقوم بإنزال الحمولة. ويتفق كل مربي الماشية على أن ما يحدث هو أزمة ستلقي بظلالها على استهلاك لحوم الأغنام في المملكة؛ فبعضهم أصبح يغالي في أسعار أغنامه نظراً إلى ارتفاع الأسعار، وآخرون اضطروا أن يطعموها ما يتوافر بغض النظر عن جودته؛ وبالتالي سيؤثر ذلك في لحومها، وتنشئتها، وبعضهم الآخر اضطر لبيعها؛ لأنه -على حد قوله- «لا يريد أن يتحمل وزر نفوقها؛ فما يوزع لا يغطي نصف ما يملكه؛ وبالتالي الوضع أشبه بمجاعة، وكأنه ذنب لا أستطيع أن أحمله؛ لذلك أبيع بخسارة بدلاً من أن أفقدها وأبوء بذنبها». ورغم السوداوية التي تسود سوق الأعلاف إلا أنهم يأملون ضخ الأعداد الكافية من أكياس الشعير للحفاظ على سوق الماشية الأكبر على مستوى المملكة والشرق الأوسط، مع متابعة وتدقيق لما يتم إخراجه من الميناء والضرب بيد من حديد على من يتم القبض عليه.