ينضم يومياً المزيد من الأسرى الفلسطينيين من الفصائل المختلفة إلى الأسرى الإداريين الذين يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام تحت عنوان إلغاء الاعتقال الإداري، لكن الفصائل السياسية التي يراهنون على قيامها بتحريك الشارع تضامناً معهم تبدو أكثر انشغالاً في الانقسام وتداعياته. ويوجه الأسرى المضربون عن الطعام منذ 52 يوماً رسائل ونداءات استغاثة، مطالبين الفصائل والشارع الفلسطيني بالتحرك وتشكيل حالة ضاغطة على السلطات الإسرائيلية للاستجابة لمطالبهم. لكن الانقسام والصراع على السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة بين الفصيلين الكبيرين «فتح» و «حماس»، لا يحمل أنباء سارة لهؤلاء الأسرى، إذ وقعت خلال الأسبوع الماضي سلسلة حوادث عنف بعضها موجه ضد أنشطة تضامنية مع الأسرى. ونشرت حركة «حماس» في الضفة أمس بياناً استعرضت فيه سلسلة طويلة مما قالت إنه عمليات قمع تعرض لها ناشطوها أثناء قيامهم بفعاليات تضامنية مع الأسرى. وذكرت أن أحد الناشطين في مدينة جنين شمال الضفة تعرض أول من أمس لإطلاق النار وأصيب بأعيرة عدة نقل على أثرها إلى مستشفى في نابلس، واصفة إصابته بأنها «صعبة». وتابعت أن العشرات من أعضائها، بينهم نواب في المجلس التشريعي، تعرضوا للقمع والضرب والتفريق أثناء المسيرات التضامنية مع الأسرى. وردت حركة «فتح» والأجهزة الأمنية باتهامات مماثلة ل «حماس»، وقال الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري، بأن «حماس» تحاول استغلال إضراب الأسرى لتحقيق مكاسب سياسية على حساب السلطة والأجهزة الأمنية التي قال إنه يحلو لها أن تشيع بأنها «أجهزة قمعية». وأضاف أن ناشطي «حماس» في الضفة يتعمدون افتعال مواجهات مع رجال الأمن لهذا الغرض. وتابع أن «هناك نساء ونواباً وأعضاء يستفزون رجال الأمن ويعتدون عليهم أثناء تظاهرات لا يجري حتى الإبلاغ عنها، بغية القول إن السلطة الفلسطينية تقمع الفعاليات التضامنية مع الأسرى». وأكد أن «حماس» التي لا زالت تسيطر على قطاع غزة، تمنع «فتح» من القيام بأنشطة وفعاليات شعبية. وطاولت الاعتداءات عدداً من الصحافيين الذين يقومون بتغطية تلك الفعاليات. وكانت «فتح» و «حماس» توصلتا أخيراً إلى اتفاق مصالحة تمخض عن تشكيل حكومة مركزية لإدارة الضفة وقطاع غزة، لكن الفصيليْن واصلا على الأرض الممارسات القديمة التي سادت خلال سنوات الانقسام السبع الماضية. ويشير كثير من المعطيات إلى أن المصالحة توقفت عن تشكيل الحكومة التي تتمتع بسلطة شكلية في قطاع غزة، وان فرصة تقدمها إلى الملفات الكبيرة، مثل إجراء انتخابات عامة للسلطة ولمنظمة التحرير، تبدو ضئيلة. وفي السجون الإسرائيلية، ينضم يومياً المزيد من الأسرى من الفصائل المختلفة إلى الإضراب عن الطعام الذي يخوضه الأسرى الإداريون. وأعلن أمس 20 أسيراً من «الجبهة الشعبية» انضمامهم إلى الإضراب. وجاء في بيان أصدره الأسرى العشرون: «تلبية لنداء الأسرى الإداريين من خلف قضبان السجون الصهيونية، من عتمة الزنازين ورطوبتها، وبعد أن ضاقت الجدران كما ضاقت صدورنا من شدة الألم على رفاقنا الأسرى الإداريين المكبلين بالسلاسل والقيود في مستشفيات العدو الصهيوني، وبعد أن باتت أعيننا لا ترى سوى حدود الموت التي تنتظر الأسرى الإداريين، قمنا بهذه الخطوة تلبية لندائهم الذي كتبوه بالدم بين غيبوبة وأخرى». وانتقد أسرى الجبهة الفصائل على استمرار مناكفاتها السياسية بعيداً من معركة الأسرى، وقالوا إن إضرابهم «خطوة تضامن مع الأسرى الإداريين، ورسالة احتجاج على الحراك الخجول للمؤسسات الدولية والعربية والمحلية»، وإنه جاء «بعد الإسناد المتردد ممن كنا نتوقع منهم الكثير من العمل النضالي». وكان الأسرى الإداريون المضربون عن الطعام أعلنوا التبرع بأعضائهم إذا قضوا خلال الإضراب إلى من هم في حاجة إلى زراعة أعضاء. وقال الأسرى الذين انضموا إلى الإضراب: «ملتزمون بكل ما ورد في رسالة الأسرى الإداريين، نتبرع بأعضائنا كما تبرعوا، يعانق جوعنا جوعهم وتلتحم آلامنا مع آلامهم». نداء الأسرى ووجه الأسرى أمس نداء إلى الجمهور الفلسطيني أطلقوا عليه «النداء الأخير» جاء فيه: «بعد مغادرة الزنازين التي لم تعد تمسح آلامنا وأمراضنا وأجسادنا المتآكلة، ومن أسرة المستشفيات التي تقيدنا بها السلاسل والقيود وكلاب الحراسة، ومن بين السجانين الذين يراقبون أجهزة النبض المتأهبة لإعلان خبر الموت... من حافة الموت، نوجه نداءنا الذي ربما يكون الأخير للبعض منا». وأضاف البيان: «نوجه وصيتنا التي ربما آن الأوان لإعلانها قبل أن نلقى شهداء شعبنا منتصرين لكرامتنا... نداءنا صوت... صوتنا... نبضتنا... وصيتنا... نحن الأسرى الإداريين الراحلين صوب الخلود... الماضين لعناق شمس الكرامة كنهاية لمعركة الكرامة... نعلي صوتنا ليصل إلى شعبنا المنتفض». وحمل نداء الأسرى المضربين توصيات، منها تكثيف فعاليات مساندة الأسرى، «فالجنود الملتحمين بأجسادهم مع عدونا الفاشي يستحقون وقفة وفاء تمنع استمرار نزيف الدم الذي لن ينضب حتى تحقيق مطالبنا العادلة». وأكد الأسرى مجدداً تبرع من يسقط منهم في معركة الإضراب عن الطعام بأعضائه «لكل المحتاجين لها من المناضلين والفقراء والمضطهدين». ودعوا الصليب الأحمر الدولي إلى زيارتهم والحصول على توقيعهم على التبرع بأعضائهم. من جهة ثانية، أعلنت وزارة شؤون الأسرى والمحررين قيام إدارة سجن شطة بنقل أسرى السجن بشكل مفاجئ، وقال محامي الوزارة أشرف الخطيب إن إدارة السجن نقلت الأسرى إلى سجني «جلبوع» و «مجدو»، وإن هذا الإجراء «جاء بشكل مفاجئ وسريع ومن دون وجود أي أسباب تذكر»، مشيراً إلى أنه جاء على خلفية قيام الأسرى بالتخطيط لتوسيع دائرة الإضراب المفتوح عن الطعام.