أدعوكم لمشاهدة برنامج الدكتور علي العمري، برنامج حواري رائع بمعنى الكلمة، شدتني الحلقة الخاصة بالتعامل مع المرأة والأفكار المتعلقة بها والمغموسة في العادات والتقاليد، والبعيدة كل البعد عن الدين الجميل الذي أجلّ المرأة وأعلى قدرها، وأعجبني تفسير الدكتور علي الرائع، والذي يعكس فهماً عميقاً جداً. توقفت كثيراً عند مداخلة أحد المشاهدين الذي ظل يتحدث عن الحركات التغريبية التي تدعو إلى قيادة المرأة للسيارة، تلك المقولة التي ما زلنا ندور حولها، ويروق لي أن أصرخ بأنها ليست حركات تغريبية، ولا مؤامرة، بل هي مطالبنا نحن نساء السعودية أو غالبيتهن؛ حتى لا يتهمني أحد بأنني أتحدث نيابةً عن جميع النساء، والحل منوط بأصحاب القرار؛ إما بالسماح لنا بالقيادة تحت ضوابط معينة؛ حتى يستوعب المجتمع، برجاله ونسائه، أن المرأة نصف المجتمع، وتمكينها من العيش بكرامة وسهولة، وإما بالحل الثاني الذي لا يغني عن المطلب الأول، وهو توفير شبكة مواصلات محترمة. أعادتني حلقة أحمد الشقيري لموضوع جرّب الكرسي، والذي تناولته في مقالات عدة منذ بدأت الحملة، بعد أن رأيت الحلقة الرائعة عن مدرسة مكفوفي النظر الذين يمارسون حياتهم بكل طبيعية وتلقائية وسهولة في الصين. ماذا بعد أن جربنا الكرسي؟ لا تزال الشوارع لا تمكن ذوي الاحتياجات الخاصة من السير فيها، ولم يتغير شكل العمارات بحيث تسمح لأصحاب الكراسي بالعيش فيها بكل سهولة، وهذا ما يجعلني أتساءل: ما الذي تغيَّر بعد أن جربنا الكرسي، وشعرنا بنفس مشاعر وأحاسيس أصحاب الكراسي؟ منذ سنوات عدة وأنا أتعمد دخول غرفة نومي دون أن أضيء الكهرباء في كل يوم، أقوم بذلك وأحمد الله كثيراً على نعمه الكثيرة والعظيمة، وأولاها نعمة البصر. بالأمس شاهدني ابني الذي يدرس في فرنسا، وتساءل: لماذا أقوم بما أقوم به؟ فشرحت له وجهه نظري، وأنه سلوك متعمد؛ لكيلا لا أنسى النعم؛ فأخبرني بوجود مركز اسمه future scope في مدينة بواتييه الفرنسية، يدخل إليه الناس لمدة ثلاث ساعات في ظلام دامس؛ ليشعر كل فرد منهم كيف هو شعور مكفوف البصر عندما يذهب إلى البحر أو الغابات أو إلى الصحراء أو كيف يشعر عندما يسير في الشارع ويسمع أصوات السيارات. أخبرني بأنها تجربة رائعة خاضها هو وعدد كبير من المبتعثين السعوديين في فرنسا، خرجوا بانطباع رائع عن مشاعر المكفوفين، والأهم عن حقوقهم، رغم أنهم كانوا مفتوحي الأعين، ولكن المكان جهز تجهيزاً رائعاً بكل الأصوات والروائح المصاحبة، وكان يقودهم شخص مكفوف البصر. أعود إلى الكرسي، في زيارتي الأخيرة لابني في مدينة نيس كنت أشاهد يومياً عشرات الأشخاص، وربما أكثر، يقومون بالتنزه على شاطئ البحر بمفردهم دون مساعدة من أحد، ويتسوقون في الأسواق بمنتهي البساطة وعلى وجوههم ابتسامة الرضا، وأعتقد أن الرضا تمكن منهم بسبب عدم اعتمادهم على الآخر في تدبير شؤون حياتهم، سؤالي: متى نمكن هؤلاء ليصبحوا مثل مكفوفي الصين وذوي الاحتياجات الخاصة الفرنسيين؟! [email protected]