من قال إن الإعاقة تقف حجر عثرة أمام تحقيق الأحلام والآمال والوصول إلى أعلى المراتب في المجتمع؟ ومن قال إن الإعاقة نهاية العالم؟ كثير من الناس عندما يصاب بعاهة ما يشعر أن حياته قد تحولت إلى ظلام دامس وبالتالي يصاب بصدمة كبيرة تحول دون تحقيق أهدافه، ولكن للفتاة هنية هاجد حمود السلمي رأي آخر، فهي طالبة بكلية التربية قسم اللغة العربية المستوى الأول رغم إنها تعاني من فقدان نعمة البصر منذ الولادة، إلا أنها لم تقف مكتوفة اليدين واستسلمت لليأس، بل أصرت على أن تثبت للعالم أنها أقوى من الإعاقة وتتحدى كل شيء، فلا مكان للمستحيل في حياتها، تقول هنية منذ ولادتي وأنا أعاني من فقدان البصر فوالدتي عندما كانت حاملاً بي في الشهر السابع أصابتها الحصبة فأثرت في بصري وفي الشبكية بالتحديد وعندما كبرت بدأت أشعر بأني مكفوفة، ففي البداية كنت منزعجة جداً من الوضع الذي صدمت به إلا أني تأقلمت شيئاً فشيئاً ورضيت بالواقع المرير فهذا قضاء الله وقدره ولم ييأس والداي من رحمة الله فذهبا بي إلى جميع المستشفيات لفحصي وخاصة مستشفى الملك خالد التخصصي بالرياض وتمت جميع الفحوصات وكانت النتيجة أن الحالة مستقرة على ذلك وعندما بلغت سن السابعة شجعني والدي على الدراسة فدخلت معهداً في مدينة جدة خاصاً بالمكفوفات وكان هناك سكن داخلي خاص بالمعهد جمعني بصديقات يعانين نفس معاناتي سادت بيننا ألفة ومودة كبيرة خففت من آلامي وفيه تعلمت على طريقة برايل. نعمة البصيرة أما بالنسبة لتفوقي كان موهبة من الله سبحانه وتعالى فقد عوضني الله أشياء كثيرة أبرزها نعمة البصيرة فأنا أمارس حياتي بطريقة طبيعية جداً أحضر إلى الكلية كل يوم مع مرافقتي لكتابة وتسجيل المحاضرات ومن ثم أقوم في المنزل بمراجعة دروسي بمفردي، وكذلك أقوم بأموري الخاصة من غسيل لملابسي وأكل بمفردي وأمارس حياتي بشكل طبيعي جداً، وكان لوالداي أكبر الأثر والدافع لتشجيعي في دراستي وتفوقي في كل شيء، ولي تسعة من الإخوة وكنت الوحيدة بينهم بهذه الحالة، ولا أنسى عندما جئت للتسجيل في الكلية رحبوا بي جداً ولم يشعروني بالنقص أبداً، والآن لي زميلات في الدراسة أحبهم ويحبونني بل ويقومون بمساعدتي فيما يتعلق بالدروس في الصف. وما يضايق هنية بصفة عامة هو عبارات الشفقة والألم والعطف التي تشعرني بالنقص وبأني عاجزة فأنا لست عاجزة أو ضعيفة بل العكس أنا مثل كل الفتيات قوية بإيماني بالله سبحانه وتعالى وأمارس حياتي بكل يسر وسهولة، وان كف البصر ليس بمرض، بل هو مجرد نقص بسيط واستطيع تخطي الصعاب وأتفوق وأصل إلى أعلى المراتب بدليل وصولي إلى المرحلة الجامعية ولله الحمد. وعن زوج المستقبل تأمل هنية أن يرزقها الله برجل ذي دين وخلق وأن يكون مبصراً حتى يستطيع مساعدتي في أموري، وإن لم يشأ الله ويعود بصري في يوم من الأيام مع وجود التقنية الحديثة وهو على كل شيء قدير أن يعوضني بهما الجنة إن شاء الله.