أمير الرياض يتسلم تقرير المياه.. ويعزي رئيس «التوضيحية»    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    بي إيه إي سيستمز العربية للصناعة".. اندماج نوعي يعزز القطاع الصناعي في المملكة    مؤتمر التعدين يشهد 4 إعلانات إستراتيجية تعزز مكانة السعودية في القطاع    السعودية : التضخم 1.9 % الأقل ضمن معدلات التضخم بين دول العشرين    أخيراً «صفقة غزة» ترى النور.. والتنفيذ «الأحد»    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري    وزير الخارجية يصل تايلند في زيارة رسمية    رئيس وزراء سنغافورة يستقبل سمو وزير الخارجية    رالي داكار- السعودية: لاتيغان يستعيد الصدارة من الراجحي… و"دانية" ثالثة    3000 موقع جديد في سجل التراث العمراني    أمير المنطقة الشرقية يرأس الاجتماع السادس لمجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة والخطابة    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    صلاح للأهلي    الخلود يخطف انتصاراً ثميناً أمام الأهلي في دوري روشن للمحترفين    أيام قبل وصول ترمب!    لا تنمية دون تصنيع!    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    وللشامتين الحجر!    ابتكاراً لضيوف الرحمن    برئاسة المملكة؛ انطلاق أعمال الدورة ال44 للجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية في تونس    ضبط إثيوبيين في عسير لتهريبهما (11) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان" الإبلاغ عن مروجي الأفكار الهدامه والمخدرات السامه واجبٌ وطني"    بايدن ينسب للدبلوماسية الأميركية «المثابرة والدقيقة» الفضل في إبرام اتفاق غزة    الإسعاف الجوي للهلال الأحمر يفعل مسار الإصابات لأول مرة بالمنطقة الشرقية    سفاح كولومبي لهجوم الذئاب    إطلاق "معجم مصطلحات الحاج والمعتمر".    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج بجدة    دوري روشن: الخلود يسقط الاهلي بهدف دون رد    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقصيم    وزير الاستثمار: يجب تكامل الجهود لاستكشاف المعادن الموجودة في قشرة الأرض وما تحتها    انطلاق فعاليات معرض دن وأكسجين    معلمة ب«تعليم مكة» ضمن أفضل 50 معلماً على مستوى العالم للعام 2025    24 عملية زراعة أعضاء تنهي معاناة 24 مريضاً بالفشل العضوي    اختتام ملتقى تعزيز قدرات الخريجين من خلال التعليم والتعلم بجامعة الإمام عبدالرحمن    أنشيلوتي يراوغ ويتجنب الإجابة عن أسئلة بخصوص مواجهة برشلونة    أمير القصيم يترأس اجتماع اللجنة العليا للسلامة المرورية    سمو أمير نجران يشهد توقيع 5 مذكرات تفاهم للهلال الأحمر لتطوير الخدمات    «مجموعة خدمات الطعام» تُعزز ريادتها في قطاع الإعاشة بمشاركة إستراتيجية في مؤتمر ومعرض الحج الرابع    أمانة الشرقية: تنظم مبادرة لتقديم خدمات الأحوال المدنية لمنسوباتها    برعاية أمير الرياض ..الجمعية السعودية لطب الأسنان بجامعة الملك سعود تنظم المؤتمر الاقليمي للاتحاد العالمي لطب الأسنان    ارتفاع أسعار الذهب مع ترقب بيانات تضخم أمريكية    الرئيس الكوري الجنوبي المعزول: مثولي أمام التحقيق منعًا لإراقة الدماء رغم عدم شرعيته    فيصل بن بندر يطلع على أعمال أمن المنشآت    المتحدث الأمني لوزارة الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    المملكة والسَّعي لِرفع العقوبات عن سورية    البروتين البديل    سعود بن خالد يشهد اتفاقية «الفاحص الذكي»    مستشفى المذنب يُجري 1539 عملية جراحية    مجلس الوزراء: تشكيل لجنة مركزية دائمة للجهات الأمنية في المنافذ الجمركية    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح» مؤتمر ومعرض الحج 2025»    في انطلاق المرحلة 17 من دوري" يلو".. الحزم يواجه الصفا.. والنجمة في اختبار الجندل    الآثار المدمرة بسبب تعاطي المخدرات    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لانجازات واعمال فرع وزارة التجارة    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الديون الأميركية سياسية
نشر في الحياة يوم 09 - 08 - 2011

إن المقصود بالديون هنا، هي الديون العامة، أو الديون الوطنية التي تقترضها الحكومات ثم يتحمل وزر الوفاء أو عدم الوفاء بها جميع المواطنين الأحياء والأجيال القادمة.
فمن أين تستدين الحكومات وكيف؟
لنأخذ الولايات المتحدة مثالاً. يأتي جل دخل الحكومة الأميركية من الضرائب والرسوم. وجميع دخول الحكومة الفيديرالية يودع لصالح وزارة الخزانة. غير أن وزارة الخزانة ليست من يقرر بنود الإنفاق. فمن يقرر ذلك هو الرئيس ومساعدوه بمن في ذلك وزير الخزانة وقادة حزب الرئيس في مجلس النواب والشيوخ. وكل ما يقرره الرئيس «وربعه» لا يمكن تنفيذه حتى يوافق الكونغرس بمجلسيه عليه. ولكل عضو من أعضاء الكونغرس بمجلسيه أولوياته.
وقد زاد إنفاق الحكومة على دخلها منذ ولادة الولايات الأميركية في عام 1776 في معظم الأوقات. ولذلك اضطرت الحكومات الأميركية المتعاقبة منذ أيام جورج واشنطن وحتى يومنا هذا مع استثناءات قليلة الى الاقتراض بخاصة في وقت الحروب. وتحديداً تنشئ وزارة الخزانة سندات أو ما يسمى أذونات تعد حامليها بتسديدها بعد فترة محددة تتراوح بين ثلاثة أشهر وثلاثين سنة.
وأذونات الخزانة الأميركية، أو سندات قروض الحكومة الفيديرالية، كغيرها من سندات ديون أخرى، تباع وتشترى في الأسواق المالية. وعن طريق بيع السندات يحصل بائعها على ثمنها حالاً وفقاً للسعر الذي تحدده قوى السوق من عرض وطلب، وما هو متوقع في المستقبل، مما يؤثر في قيمتها. ويحصل المشتري على دخل مقابل استثماره تحدد نسبته مستويات تكاليف الاقتراض ودرجة الوثوق بقدرة منشئها على الوفاء.
وبسبب ضخامة الاقتصاد الأميركي وسمو قدرته الإنتاجية، بخاصة في كل ما له علاقة من بعيد أو قريب بتقنية الاتصالات والإنترنت وأخواتها وما يعتمد عليها في مجالات العلوم الطبيعية، فقد أُعطيت أذونات الخزانة الأميركية أعلى تقييم ائتماني (AAA) **. أي أنها أفضل قروض لم يشك أحد من قبل بالوفاء بها. فلذلك عادة تكون عمولات الخدمات أو الفوائد التي تدفع مقابل استدانتها الأقل في العالم.
وفي الفترة من عام 1998 الى 2000 من فترة رئاسة الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون (1992-2000) زاد دخل الحكومة الفيديرالية على إنفاقها بنحو 360 بليون دولار. غير أن ذلك الفائض ما كان كافياً لإطفاء ما تراكم من ذي قبل من الدين العام.
ثم أتى جورج بوش الابن وأركان إدارته من «المحافظين المجددين» أو الجدد. وحينما قدم لهم تنظيم «القاعدة» تلك الهدية الماسية في ذلك اليوم المشؤوم (11/9/2001)، اغتنم قادة «المحافظين المجددين» ذلك العمل الإرهابي المروع، لشن حرب ضد أفغانستان «طالبان» وعراق صدام.
ومن نتائج حروب «المحافظين المجددين» بروز عجز سنوي بدلاً من الفائض الذي تركه الرئيس كلينتون في موازنة الدولة الأميركية، لأن قادة عصابة الحرب تفادوا تمويلها عن طريق ضرائب ورسوم أضافية تفادياً لغضب الناخبين.
ولما تم انتخاب الرئيس أوباما، وجد أن المحافظين المجددين، قد أضافوا أكثر من 6 تريليون دولار، أي أكثر من ستة آلاف بليون دولار، الى دين أميركا العام. ولزيادة الوضع سوءاً أيضاً وجد اقتصاداً وطنياً يتراجع، وكارثة مالية لا يزال الاقتصاد الأميركي وكثير من دول أوروبا وكثير من دول بقية العالم تعاني من آثارها.
وهذا ما اضطر إدارة الرئيس أوباما والتي كانت تتمتع بغالبية ديموقراطية في مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ، الى مزيد من الاقتراض، فتراكم الدين الوطني الأميركي العام الى نحو 74 في المئة من الناتج الكلي قبل رفع سقفه في 2/8/2011. (في اليونان تجاوز 130 في المئة).
وفي الماضي لم يشك أحد بأن اقتصاداً بحجم وكفاءة الاقتصاد الأميركي، يمكن أن يعجز عن الوفاء بقروضه الوطنية على الأقل لمن يطلب الوفاء. وبالطبع من غير المحتمل أن يتم تسييل جميع أذونات الخزانة في وقت واحد. إن احتمال عجز أميركا عن دفع ديونها لا يتجاوز الصفر. والسبب هو إمكانية طبع ما يكفي من دولارات لدفع أي دين يحل موعد دفعه. وهذا بالطبع متعذر بالنسبة الى دول أوروبية تستخدم «اليورو» الذي يحكم ما يتوافر منه البنك المركزي الأوروبي، لا إيطاليا أو إسبانيا أو اليونان.
إذاً، ما تفسير تلك الزوبعة التي أثارها خصوم الرئيس أوباما عن رفع سقف دين أميركا العام؟
بداية، لا بد للحكومة الأميركية من أن تقترض لتمويل النشاط المعتاد لأي حكومة، دع عنك حكومة دولة كبرى تخوض حربين مكلفتين. وهذا يفرض رفع سقف الدين العام الذي تم رفعه عشرات المرات من ذي قبل. ولكن الذي يملك تفويض رفعه، ما عدا في الأحوال الطارئة جداً كدفاع أميركا عن أراضيها، هو الكونغرس بمجلسيه. والذي يسيطر على مجلس النواب وله صوت قوي في مجلس الشيوخ هم الجمهوريون منذ انتخابات 2006.
وكل تلك المهزلة المختلقة عن سقف الدين العام، وما تبعها من حل أملاه الجمهوريون، حتى وان سُمِّي مجازاً بحل وسط، هو ابتزاز سياسي بحت. فالجمهوريون عاجزون، لأسباب انتخابية، عن إلغاء أو الحد من المساعدات الاجتماعية وبخاصة معاشات المتقاعدين وتقديم شيء من الخدمات الطبية لهم، ولذلك منعوا زيادة الضرائب والرسوم على أصحاب البلايين والأثرياء ومنعوا بذلك زيادة دخل الحكومة عقاباً للفقراء والأقليات الذين نادراً ما يصوتون.
وفي نهاية المطاف، من الواضح أن تلك الأزمة المختلقة عن سقف الدين العام ما هي إلا محاولة من الجمهوريين لفرض أجندتهم السياسية وأبعد ما تكون عن هدف تحقيق نمو أسرع ما دام أوباما رئيساً. والطريقة التي أثبت تاريخ أميركا الاقتصادي نجاحها لزيادة الناتج الكلي حينما يتدنى النشاط الاقتصادي وترتفع نسبة البطالة، هي بزيادة الإنفاق (لا خفضه كما أراد خصوم أوباما) لصيانة وبناء محاور الإنتاج العامة، التي تفيد الجميع من منتجين ومستهلكين، كالجسور والأنفاق والموانئ والمطارات والسدود، وتوسعة وتحديث وسائل نقل التيار الكهربائي والمعلومات، وغيرها مما له أثر مباشر وسريع في توفير فرص العمل. كما تفعل الصين حالياً.
إن القطاع الخاص أكفأ وأقدر من الحكومة على تنفيذ مشاريع البناء والصيانة. غير أنه لا مصلحة له بتمويلها. ولا بد من التمويل الحكومي لكل ما يفيد الجميع ويتعدى أثره مؤسسة خاصة بذاتها.
والله من وراء القصد.
* أكاديمي سعودي.
** صباح يوم السبت (6/8/2011) قررت أحدى شركات التقييم الائتماني (S & P) خفض التقييم التاريخي لسندات الديون الأميركية من (AAA) الى أقل منه قليلاً (AA+). وهي نفس الشركة التي لم تُخَفِّض التقييم الائتماني لسندات لصوص نيويورك الملفقة لأن ذلك يتناقض مع مصلحتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.