من جانب آخر أبرز الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالنبي الدكتور خالد الشايع، أن من يتابع فواجع الصوماليين ومعاناتهم يدرك أن معاناتهم تفاقمت لعدد من الأسباب، من أهمها: التدخلات الخارجية الظالمة، ثم الاقتتال بين الجماعات والأحزاب الصومالية. وتابع: «اليوم والصومال يدخل مرحلة شديدة من البؤس والجوع والفقر والخوف لم يعد مقبولاً أبداً أن يستمر حمام الدم وإزهاق الأرواح بهذه الأساليب، مهما تذرع المتذرعون ومهما برر المتقاتلون. مرَّ بقادة أحزاب الصومال فرصة تاريخية عندما بادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بجمع الفرقاء للإصلاح بينهم، ورعى بمدينة جدة في الرابع من رمضان 1428ه 16 (أيلول) سبتمبر 2007 الجلسة الختامية لمؤتمر المصالحة الوطنية الصومالية التي شارك فيها الرئيس الصومالي السابق عبدالله يوسف أحمد، ورئيس البرلمان آدم محمد نور ورئيس الوزراء علي محمد جيدي ورئيس لجنة المصالحة الوطنية علي مهدي محمد ومشايخ القبائل وممثلو الفصائل وكبار الشخصيات الصومالية. ووصل تعدادهم 3000 شخص، ولكن وللأسف الشديد أن الوعود والعهود بين القادة الصوماليين لم ترع، ولم يوف بها. وأكد أن الخطاب في هذا المقام لأمراء الحرب وقادة الأحزاب المتصارعة بالصومال: «بأن يتقوا الله وأن يخشوا يوماً يرجعون فيه إلى الله فيسألهم عما باشروه أو تسببوا فيه من إزهاق الأرواح وإراقة الدماء وإشاعة الخوف والدمار بالصومال والصوماليين، وتذكروا قول نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم: «إنَّكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامةً يوم القيامة، فنعم المرضعة، وبئست الفاطمة» رواه البخاري في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه». قال العلماء: إنما قال «نِعم المرضعة» لأن أول الإمارة حلو لمتعة النفس ووجود حظها فيها، ولكن آخرها مُرٌّ، لفقد تلك الولاية ولو بالموت ولما يعقبه من الذل والهوان. وقال العلامة المهلب رحمه الله: حرص الناس على الإمارة ظاهر العيان، وهو الذي جعل الناس يسفكون عليها دماءهم، ويستبيحون حريمهم، ويفسدون في الأرض حين يصلون بالإمارة إلى لذاتهم، ثم لابد أن يكون فطامهم إلى السوء وبئس الحال، لأنه لا يخلو أن يقتل عليها أو يعزل عنها، وتلحقه الذلة أو يموت عليها فيطالب في الآخرة فيندم. أ.ه، وقد شاهدتم وشاهد الناس في دياركم وفيمن حولكم مصداق هذا الخبر النبوي. ونسأل المتقاتلين بالصومال جميعاً: ماذا تريدون من وراء هذا الاقتتال ورفضكم لوضع السلاح والتحاكم إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم؟! ألا فليتقوا الله، وليعلموا أن الدماء والأرواح عند الله معظَّمة، وأن الله للظالمين بالمرصاد». ويُوجَّه الحديث خصوصاً لأفراد حركة الشباب المجاهدين بالصومال وقادتها: «بأن يتقوا الله ويعملوا بمقتضى الشرع المطهر، وليس وفق الحماس والاندفاع من دون علم ولا ملاحظة للسنن الشرعية والإلهية، فالجهاد ليس دعوى وشعاراً مجرداً، ولكنه فريضة ربانية لها أسسها وضوابطها، ولهذه الفريضة سياسة شرعية تراعي المصالح والمفاسد وتقايس بينها، وتحافظ على المصالح العليا للإسلام والمسلمين». وكمثال على المنهجية الخاطئة: «حينما نشاهد البؤس والفقر والمجاعة التي حلت بالصوماليين ثم لا تزال هذه الحركة وما شابهها تقطع طرق الإغاثة وتخيف العاملين فيها وتأسرهم حتى ولو كانوا من دول إسلامية، بل وتعلن هذه الحركة أنه لا يوجد مجاعة ولا شيء من ذلك. على رغم ما يشاهده العالم أجمع عبر شبكات التلفزة، بل وما سمعته أنا شخصياً من أناس متخصصين موثوقين أعرفهم ممن زاروا الصومال في مقديشو وفي مخيمات الصوماليين في الدول المجاورة، ووصفوا ما يفطِّر الأكباد. ألا يتق الله هؤلاء المتقاتلون ؟! ألا يتفقهون ويسألون عن حكم تقاتلهم؟! فأين هم من محمد صلى الله عليه وسلم رسول رب العالمين وإمام المجاهدين وقد أنزل الله عليه قوله سبحانه: (وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ)، ففيه بيان لحكمة الله تعالى في منع الحرب بين المسلمين وكفار قريش، وهو الحفاظ على المؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكة ولم يكن لهم شيء يميزهم عن المشركين فيجتنبوا. وكان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام مراعاة الأحوال الإنسانية حتى مع المشركين، في مثل أوقات الجوع والجدب، كما صنع مع قريش وهم بمكة وهو عليه الصلاة والسلام بالمدينة. وكان من هديه عليه الصلاة والسلام الاستجابة لأي عهد فيه حقن الدماء ورفع المظالم ورد الحقوق وإشاعة الأمن، وهذا واضح لمن تأمل سيرته الشريفة عليه الصلاة والسلام، ويؤكد هذا اغتباطه عليه الصلاة والسلام ومدحه لحلف شهده قبل النبوة مع أعمامه، إذ يقول عليه الصلاة والسلام: «لقد شهدتُ مع عمومتي في دار عبدالله بن جدعان حِلفاً ما أحب أن لي به حُمْر النَّعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت»، رواه ابن إسحاق وصححه الألباني بشواهده. فأذكر هذه الجماعة على اختلاف قادتها وعموم أفرادها وبقية المتناحرين الصوماليين بأن يرجعوا لكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ويجعلوا لهم مرجعية تتحمل مسؤولياتها أمام الله ثم أمام الناس تسير على علم وبصيرة وحسن سياسة للعباد والبلاد، وبإمكانهم ابتداءً أن يتحاكموا إلى كبار علماء المسلمين، سواءً عبر رابطة العالم الإسلامي أو منظمة التعاون الإسلامي أو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية أو علماء الأزهر بمصر أو غيرهم من علماء المسلمين.