وصف رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة الحكومة الحالية بأنها «حكومة تكاد تشبه شخصيات متحف الشمع، نظيفة لماعة باردة، لكن من دون نبض حياة». وقال خلال رعايته في صيدا إفطار جمعية «جامع البحر الخيرية»: «لقد كانت انتفاضة الاستقلال في لبنان إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بمثابة التجربة الأولى في هذا القرن الجديد في مواجهة الظلم والتعسف والقمع والتسلط، وكانت رسالة عابرة للحدود، لفتت أنظار الشباب العربي وقامت باستثارة وعيهم. رسالة قالت إنه وعبر حركة ديموقراطية سلمية، يمكننا أن نقوم بالتغيير، ونواجه آلة العنف مهما قويت وتكبرت. وكما واجه شباب لبنان وأحراره مؤامرة اغتيال الرئيس الشهيد ورفاقه، وتمكنوا من تغيير الأمر الواقع، فإن أحرار لبنان الآن، لن يتراجعوا عن مواجهة الانقلاب وسلطة الأمر الواقع المفروضة على اللبنانيين إن كان على الأرض أو عبر الحكومة الحالية، هذه الحكومة الحاضرة في الصورة لكن الغائبة عن الفعل والتأثير، الحكومة الحاكمة والمسؤولة أمام الناس والمجلس النيابي وفق الدستور والقانون، والمحكومة والمسيرة بفعل القوى التي أتت بها، أي الواقعة تحت سلطة ولاية السلاح وحزب القمصان السود». وأضاف: «ليس أدل على ذلك من وقائع الأيام الماضية التي تفضح حقيقة الزيف في الادعاء، إذ تثبت الوقائع حقيقة السيطرة العسكرية والأمنية لحزب السلاح والمسلحين. فقد وقعت حوادث متعددة من الجنوب إلى الضاحية إلى بيروت دلت كلها على أن المؤسسات الرسمية غير موجودة أو غير معنية بحماية الناس والمواطنين العزل الذين لا ملجأ لهم إلا الدولة التي غيبت نفسها، أو غيبوها وارتضت هي بذلك. كل ذلك، وفي الوقت ذاته يخرج رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) باستنتاج يعلنه للرأي العام بأن الحكومة بعيدة من المسائل المثارة من قبل النواب في الجلسة التشريعية، ولا علاقة لها بها، لأن ما أثير استهدف ما جرى أيام الحكومة السابقة، من دون أن يتوقف أمام كل هذه الحوادث المتراكمة بسرعة والتي تثبت أن الحكومة الحالية قد أسلمت زمام الأمور إلى جهات من خارج المؤسسات الرسمية». وتابع: «إن أخطر ما بدأت ملامحه بالتكون هو ظاهرة انتشار حالة صم الآذان واللامبالاة بما يتهدد الناس ويقلقهم إزاء حرياتهم وأمنهم وكرامتهم. تبدو الحكومة إزاء الكثير من القضايا وكأنها حكومة تم توضيبها في شكل متقن في برادات الوسطية المزيفة، لكن في الوقت ذاته كأنها حكومة مقيمة في زمن آخر من هذا العالم. يُضرب المتظاهرون المدنيون العزل في الشوارع وتستباح حرمات المواطنين أمام أعين القوى الأمنية والأجهزة الرسمية، والحكومة والمسؤولون فيها لا يحركون ساكناً ولا يعتبرون أن الأمر يعنيهم. تقع انفجارات هنا وهناك ويسقط ضحايا وتحدث خسائر وبالكاد نعرف ما الذي جرى ولا أحد يكلف نفسه عناء الشرح للمواطنين حول ما يجرى من أمور. يتم الاعتداء على مواطنين في قرى لبنانية متعددة في الجنوب بالضرب والتنكيل ولا من يتحرك لنصرتهم أو يقف إلى جانبهم وما من قضاء أو تقارير رسمية. يعلن مخطوفون أنهم بعد أن جرى اختطافهم في لبنان نقلوا إلى بلد مجاور، ولا أحد يهتز أو يتحرك أو يعتبر أنه مسؤول، أو يفتح تحقيقاً أو يستدعي سفيراً معنياً للسؤال والاستفسار». وزاد: «صحيح أن السياسة المطلوبة والمتبعة هي عدم التدخل في شؤون الآخرين، وبخاصة في شؤون الدول الشقيقة بعد أن عانينا الأمرين من التدخلات في شؤوننا، نحن لا نريد التدخل في ما يجرى في الشقيقة سورية. ونحن ما نتمناه لسورية هو ما يتمناه الشعب السوري لنفسه. كذلك فإننا لسنا أيضاً من دون إحساس إنساني أمام صور الدماء المسفوكة والأرواح المزهوقة ومن هنا من صيدا، وفي هذه المناسبة الرمضانية السمحاء، حيث يستشهد إخوان لنا على مقربة منا في شوارع مدن وقرى سورية، أقول لهم، قلوبنا معكم تخفق لصيحاتكم المطالبة بالحرية والإصلاح وبالتغيير السلمي». وأكد أن «مرحلة التغيير بدأت وأن الربيع الذي انطلق في الأرجاء العربية لا يمكن إيقاف اندفاعته ولا بد من أن ينعكس علينا ونتأثر به وعلينا بالتالي أن نتحضر لكي نواكب هذا التغيير ونعمل على أن نتلاءم مع متطلباته وتداعياته. ولا ينبغي لنا أن نخاف مما نراه من مظاهر تدل على لجوء البعض إلى استعمال القوة والبطش وسفك الدماء والإيغال في مقاومة هذه التحولات الجديدة والتصدي لها».