أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الولاياتالمتحدة ستحض الأوروبيين والعرب وسواهم على ممارسة قدر اكبر من الضغوط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد لكي يوقف قمع المحتجين المطالبين بالديموقراطية. وشددت الوزيرة الأميركية على أن النظام السوري «مسؤول عن مقتل اكثر من ألفي شخص»، مجددة التأكيد على أن واشنطن تعتبر أن الأسد «فقد شرعيته لحكم الشعب السوري». وأعربت كلينتون عن أملها بأن يكون البيان الرئاسي الذي صدر الأربعاء عن مجلس الأمن الدولي وتضمن إدانة للنظام السوري «خطوة أولى» من سلسلة خطوات أخرى ستليها في المستقبل لإرغام النظام السوري على «دفع ثمن» قمعه للمتظاهرين. وقالت خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها البريطاني جون بيرد ليلة اول من امس «نحن نعلم أن الأمر تطلب بعض الوقت لحشد تحالف دولي عريض لرفع الصوت بشأن ما يجري في سورية». وأضافت «ولكننا ملتزمون فعل كل ما يمكننا فعله من اجل زيادة الضغط، بما في ذلك فرض عقوبات إضافية ولكن ليس فقط عقوبات أميركية، لأننا بصراحة ليست لدينا الكثير من الأعمال مع سورية». وتابعت أن الولاياتالمتحدة ستطلب من حلفائها ممارسة المزيد من الضغوط على النظام السوري. وقالت «نحن بحاجة إلى دعم الأوروبيين وسواهم. نحن بحاجة إلى دعم الدول العربية. نحن بحاجة إلى صوت موحد أقوى بكثير قادر على ممارسة الضغط على نظام الأسد، ونحن الآن نعمل لتحقيق ذلك». ورحبت الوزيرة الأميركية بالبيان الرئاسي الذي اصدره مجلس الأمن الدولي الأربعاء وتضمن إدانة للقمع في سورية، مؤكدة انه اول الغيث على طريق «محاسبة» المسؤولين عن القمع. وأضافت أن الإجراءات المستقبلية ستهدف إلى إرسال «رسالة شديدة الوضوح إلى نظام الأسد، إلى اتباعه، مفادها أن هناك ثمناً لا بد من دفعه لمثل هذه الأعمال من إساءة معاملة شعبه والاعتداء عليه». وكان البيت الأبيض اعتبر في وقت سابق اول من امس أن الأسد «على طريق الرحيل» وهو يأخذ سورية ومجمل منطقة الشرق الأوسط في «طريق خطير»، في تشديد جديد للموقف الأميركي إزاء النظام السوري. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني «بات من الواضح في سائر أنحاء العالم أن أعمال الأسد تضع سورية والمنطقة برمتها في طريق خطير جداً». وأضاف «أن الأسد على طريق الرحيل ... علينا جميعاً أن نفكر في مرحلة ما بعد الأسد كما يفعل أصلاً ال 23 مليون سوري». وفي الوقت عينه، اعلن الناطق باسم الخارجية الأميركية مارك تونر عودة السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد الموجود حالياً في واشنطن، إلى سورية ليلة اول من امس. وقال تونر «من المهم جداً أن يعود على الأرض ليقوم بالعمل اللازم بالاتصال مع المعارضة السورية وليواصل نقل قلقنا للحكومة السورية». وأثار فورد غضب السلطات السورية الشهر الماضي بزيارته مدينة حماة، احد معاقل الاحتجاجات. وأعرب فورد في تصريح إلى قناة إيه بي سي الأميركية عن نيته الاستمرار في التجول في مختلف أنحاء سورية، مع انه قال انه «يشعر بالقلق على مصير» الأشخاص الذين يلتقيهم. كما أكد فورد أن واشنطن «تدرس اتخاذ المزيد من الإجراءات الفردية» ضد النظام السوري» وأيضاً إجراءات يمكن أن تكون فاعلة مع شركائنا ولجعل الحكومة السورية تتوقف عن إطلاق النار على المتظاهرين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووقف حملات الاعتقال». وقال فورد إن النظام السوري «غاضب جداً من توجهي الى حماة... إنما لا آبه، علينا أن نظهر تضامننا مع المتظاهرين السلميين، وأنا مستعد لأن أعيد هذا الشيء في أي لحظة... وصراحة سأستمر في التحرك عبر البلاد، لا يمكنني أن أتوقف». وفي سؤال حول ما إذا كان خائفاً من تكرار سيناريو حماة 1982، قال فورد: «نعم... أنا أيضاً خائف على مصير أشخاص التقيت بهم، يمكن أن يكونوا إما قيد الاعتقال أو تم قتلهم. نعرف أن الحكومة ذهبت بحثاً عن هؤلاء الذين التقينا بهم وللقبض عليهم». وتعكس مواقف فورد وبحسب الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أندرو تابلر اتجاهاً أميركياً بالتصعيد حيال النظام السوري. ويتوقع تابلر، الذي عمل ثماني سنوات في دمشق، أن تعلن الإدارة عن إدراج المزيد من الشخصيات في قائمة العقوبات على غرار تصنيف رجل الأعمال القريب جداً من عائلة الأسد محمد حمشو. كما أشار تابلر الى أن واشنطن تدرس أيضاً فكرة فرض عقوبات على قطاع الطاقة اليوم، وأخرى على مصارف سورية غير موجودة في العقوبات المدرجة سابقاً. أما عن تلويح فورد بالقيام بزيارات أخرى عبر سورية، قال تابلر أن خطوة كهذه تتم بالتنسيق مع المسؤولين في واشنطن، وأن هدفها يكون مماثل لزيارته لحماة ولحماية المتظاهرين. ورأى أن أي رد فعل من الحكومة السورية ضد فورد في هذا السياق، قد يقابل برد فعل مماثل ضد السفارة السورية في واشنطن. وكان بعض المحللين يعتبرون حتى الآن أن الولاياتالمتحدة تتحفظ على دعوة الأسد مباشرة إلى التنحي خوفاً من نزاع طائفي وحرب أهلية وحصول فراغ في السلطة. كما يعتبر محللون آخرون أن الولاياتالمتحدة في حال دعت أو لم تدع إلى رحيل الأسد فهي لا تملك الكثير من الأوراق للتأثير على الأوضاع في سورية.