السؤال الذي اشترك فيه خمسة قراء هو: ما دخل محكمة الضمان والأنكحة بعدم قبول الطالبات في الجامعات؟ وكنت قد طلبت إعداد قائمتين؛ الأولى بما يمكن للشاب أن يفعله إذا لم يقبل في الجامعة، والأخرى للشابات، وإرسالهما إلى وزارة التعليم العالي، وربما إلى المحكمة المذكورة. السبب في إيرادها أن أبرز طريقين لخريجة الثانوية العامة هما التعليم أو الزواج، وعند فقد فرصة التعليم، يبدأ التفكير، وربما التخطيط، لفرصة الزواج؛ فتتزوج آلاف الصغيرات التي تنتهي ثلث زيجاتهن بالطلاق، وفقاً للإحصاء الرسمي المعلن. بالنسبة إلى بعض الفتيات يبدأ الترشح للزواج بعد إنهاء الثانوية العامة، ولأخريات بعد إنهاء الدراسة الجامعية، ولأخريات أقل، عند «مسك» الوظيفة، وإذا كانت معظم شعوب الأرض تجد حلاً دراسياً أو وظيفياً أو حتى اجتماعياً للشباب، فلدينا إما الدراسة أي القبول، أو العريس، أو الوظيفة. كتبت مرة عن ذلك المتغلغل في ثنايا مجتمعنا وفي نصفه الناعم أكثر المسمى... «اللا شيء»! وهو الحالة الذهنية والعملية التي يعيشها مَن لا دراسة عنده، أو وظيفة له، وبالرجوع إلى القائمتين، نجد أن «اللا شيء» لدى الإناث، أكثر انتشاراً، وأشد وطأةً، وعلى ذمة الدراسات الاجتماعية «المخبأة» في أدراج الباحثين، هو الأكثر تأثيراً سلبياً في شخصياتهن وحياتهن. ومع الإجهاض المتكرر وشبه المتفق عليه من أطراف مجهولة، لفرص العمل للمرأة متوسطة التعليم، تبقى صاحبة «اللا شيء» رهينة الفراغ، أو محاولات العمل المضنية لدى جهات أو منشآت تهتم برسم الكحل على عينيها أكثر من محتويات عقلها وإمكاناتها الحقيقية. «اللا شيء» كان هو الوحش المرعب الذي جعل بعض الطالبات على بوابات الجامعات يخرجن من طور الفتاة الناعمة البريئة الحساسة؛ لأنها تخيلت كيف ستكون حياتها في مقبل الأيام من رحلات مكوكية بين معاهد اللغة الإنكليزية، والحاسب الآلي، تلك «التصبيرة» الاجتماعية، وربما الاقتصادية والأخلاقية، تلك الكذبة التي قال بها التجار، وسكتت عنها بعض الجهات الحكومية؛ فصدقها أولياء الأمور أمام بناتهم، وهم في داخلهم مكذبون لها. الطريف أن الشركات وأصحاب الأعمال باتوا يعرفون «التسليع» الذي تتعرض له هذه الدورات، وقلت جاذبيتها وتأثيرها في قرار التوظيف، لكن كبار السن لدينا يعتقدون أن كون فلذة كبدهم عنده «إنكليزي» و«يعرف كومبيوتر»، وعلى حسابهم أيضاً، وبشهادة مدموغة من جهات التعليم؛ فقد أصبح جاهزاً للعمل والإنتاج. كلاهما (الشباب الذكور والبنات) يعيشون «اللا شيء» في حالة عدم قبولهم للدراسة، أو حتى تخرجهم وعدم إيجاد وظائف لهم، لكن المتخرج يخرج اجتماعياً من الملامة، ولا تعود المجاهر العائلية تطارده، بينما غير المقبول في الجامعة يكون في وضع أكثر حرجاً، وبالنسبة إلى البنات فإن «اللا شيء» الخاص بهن أقسى كثيراً مما تعتقد عميدات القبول والتسجيل. [email protected]