يصادف شهر رمضان لهذا العام شهر آب (أغسطس)، وآب اللهاب وفق تسمية البعض له، وهو أكثر الشهور ارتفاعاً في درجات الحرارة، كما صادقت على ذلك الرئاسة العامة للأرصاد التي توقعت ارتفاع درجات الحرارة في المملكة خلاله إلى 50 درجة مئوية. ومع ذلك، فغالبية الصائمين لا يبالون بارتفاع الحرارة إلى درجات تلامس سقف 50 درجة مئوية، طمعاً منهم في مضاعفة أجر الصيام وفضله. ويشير محمد كرات إلى أن الجميل في شهر رمضان منذ سنوات مضت أنه يصادف الإجازة الصيفية، ما يكفي الطلاب والطالبات تكبد عناء الصوم خلال هذه الأجواء الساخنة. ويتابع: «نحن كموظفين لا يبدو لدينا أي مشكلةٍ في الصوم في رمضان لكوننا ما زلنا في ريعان شبابنا، إضافةً إلى رغبتنا الملحة في كسب الأجر والمثوبة من الله، فغالباً ما تكون بضع كؤوسٍ من الماء قبل الإمساك عند فجر كل يوم من أيام شهر الخير كفيلةً بعدم الإحساس بظمأٍ أو عطش». ولفت خليل اليحيوي إلى أن فترة الدوام خلال رمضان لا تعد مرهقة، لأنها مقلصةً في الأساس، إلا أن طبيعة عمله في المجال الصحي الذي تفرض عليه التعرض للشمس أحياناً، تعتبر كما يقول مصدراً للإرهاق، بحسب الحالات التي تتم معالجتها خلال ساعات النهار. وتأتي الرخص الشرعية في الإفطار كبشارةٍ لمرضى السكري الذين يمثلون نسبة 30 في المئة من السعوديين بحسب إحصاءات رسمية، أو الذين يعانون من أمراضٍ تمنعهم من الصيام. ورأى استشاري الباطنة الدكتور فارس سكر أن هناك عدداً من المخاطر قد يتعرض لها مريض السكّري في الصيام، أهمها انخفاض نسبة السُكّر في الدم. مشيراً إلى إن السُكّر هو الوقود للجسم، وأنه يأتي من مصدرين، يتمثّل الأول في الغذاء، لما يحويه من سُكّريات ونشويات ودهون وبروتينات، مع ملاحظة أن معظم الغذاء يتحوّل داخل الجسم إلى سُكّر. فيما يعمل المصدر الثاني كاحتياطي للمصدر الأول متمثلاً في مخزون السكّر في الكبد. وأضاف: «عند الصيام لما يزيد على ست ساعات، يستنفد الجسم السُكّر، فيلجأ إلى المخزون الموجود بالكبد، فإذا كان الإنسان يعاني اضطراباً في وظائف الكبد أو يتناول بعض الأدوية التي تمنع الكبد من إفراز السُكّر من داخله، فإن هذا يؤدي إلى انخفاض السُكّر في الدم، ومن المعروف أن هبوط مستوى السُكّر يؤدي إلى اضطراب في ضربات القلب، والإصابة بجلطة في القلب أو الدماغ.» وأوضح سكر أنه ينبغي على مريض السكّري ألا يصوم إلا بعد استشارة الطبيب، كي لا يتعرض للجفاف ونقص السوائل في الجسم، إضافة إلى خطر انخفاض مستوى السكّر في الدم ولو لفترة قصيرة مما يؤثر في كفاءة عمل القلب والمخ، مشدداً على أن انخفاض السكّر قد يكون أشد خطراً من ارتفاعه. واستثنى استشاري الباطنة من مرضى السكري الذين يتم السماح لهم بالصوم المصابين بالنوع الثاني منه، والذي يمتاز بوجود ما يُشبه «الفرامل» داخلها، بمعنى أنها تتوقف عن العمل عند انخفاض مستوى السكّر ووصوله إلى المعدلات الطبيعية. وإذا حدثت زيادة في مستوى السكّر، فإنها تبدأ في العمل لخفضه إلى المستوى الطبيعي، وهو ما يعني أن لا خوف عند استعمال هذه الأدوية من تعرّض المريض لهبوط السكّر. وقال: «يستطيع أن يصوم مريض السكّري الذي يأخذ جرعة وحيدة من «الأنسولين» المديد المفعول، أما المريض الذي يأخذ جرعات متعددة منه، فلا ينصح بالصوم إطلاقاً». وبين سكر أن وجبة السحور مهمة جداً لصحة الصائم، إذ إن الصائم يفقد الكثير من السوائل خلال ساعات النهار بسبب الأجواء الساخنة التي تعيشها السعودية هذه الأيام، منوهاً بضرورة حصول الجسم على حاجته من السوائل من الإفطار و حتى آذان الفجر. وشدد على ضرورة تناول القليل من الأطعمة التي تحتوي على «الكربوهيدرات» والتي تتوافر بكثرة في التمور والفواكه، لافتاً إلى أن مثل هذه الأطعمة تساعد على تأخير الإحساس بالجوع لأكبر وقتٍ ممكن. ونصح سكر الصائمين الحرص على ارتداء الملابس القطنية الخفيفة في ساعات النهار، لمنح الجسم القدرة على التنفس بسهولة، إضافة ًإلى ضرورة الابتعاد عن أشعة الشمس المباشرة والبقاء في الظل قدر الإمكان. وأفاد بأن التعرض لأشعة الشمس يفقد الجسم الكثير من السوائل التي لن يكون بالإمكان تعويضها على الفور، وهو ما قد تكون له مضاعفاتٌ صحية السلبية على الصائم. ونبه إلى ضرورة شرب الماء خلال أوقات الليل استعداداً لفقد الجسم خلال النهار الكثير من السوائل المخزنة داخله. ولفت استشاري الباطنة إلى إن كمية السوائل التي يخسرها الجسم في الأيام الحارة أكبر من غيرها، وهو ما يدعو إلى ضرورة الحصول على حاجة الجسم من السوائل وخصوصا الماء، منبهاً على ضرورة شرب ثمانية أكواب ماء خلال الفترة الممتدة من الإفطار حتى السحور، إذ إن الحصول على حاجة الجسم من السوائل سيسهل الصيام في اليوم التالي.