بروكسل- ا ف ب - على الرغم من ضرورة مراعاة القوانين واحترامها وتطبيقها خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالدول الغربية تحديداً التي اتخذت اجراءات ضيقت فيها الخناق على كثير من المسافرين والقاطنين على أراضيها كقانون حظر النقاب..ثمة سؤال مؤرق نابع من ردود فعل الناس.... لماذا تثير قطعة من القماش اختارت بعض النساء وضعها على وجوههن استفزاز الكثيرين؟ ولماذا لا يثير كشف الأجسام السمينة المترهلة والتعري في شوارع المدن اشمئزاز الآخرين وتنفيرهم؟ هذا السؤال يأتي بعد ورود خبر مثير مفاده قيام صحافية أجنبية بالتنكر بارتدائها نقاباً في إحدى شوارع بروكسل بعد دخول قانون فرض حظر النقاب حيز التننفيذ بداية هذا الأسبوع لتعرف مدى ردود الفعل والعواقب التي قد تتعرض لها المنقبة في حال إخلالها بالقانون الساري المفعول... ولم تكن الدهشة من تصرفات الشرطة بل من الناس الذين دفعونني بالفعل إلى اليقين بأن ثمة سراً ما يولده النقاب... ففي مقال طويل، أوردت الصحافية ليفا فان دو فيلدا في جريدة "ستاندارد" الناطقة بالهولندية دوافعها لتلك المغامرة فهي أرادت أن تعرف لماذا تسبب "قطعة ثياب" كل هذا النقاش، وتساءلت "أريد أن أعرف لماذا يقابل ارتداء قطعة ثياب بالعقوبة، وكيف تشعر المرأة عندما ترتدي النقاب"؟ ولتنفيذ تجربتها، لجأت الصحافية إلى أكبر شارع للتسوق في مدينة أنفير، ثاني مدن بلجيكا والتي تحظر بلديتها النقاب مسبقاً ( كان "قانون حظر النقاب والبرقع"مطبقاً عملياً في بعض نواحي بلجيكا منذ سنوات، وذلك استناداً إلى الاستقلالية التي تحظى بها البلديات، ما أجاز لها فرض "عقوبات إدارية" على المنقبات، تتولى شرطة البلدية متابعة تطبيقها قبل أن يتم سريانه في كل البلاد) وشكّل ما حصل معها "بروفة" لما يمكن أن تتعرض له امرأة منقبة، حيث لم تحتج إلى المشي أكثر من 500 م حتى تمثل أمامها كل عواقب تجربتها. اللافت أن الشرطة لم توقف الصحافية المتنكرة نتيجة مرورها بالمصادفة، بل بعد مبادرة عدة أشخاص للاتصال ب"شرطة النجدة"، معبرين عن خوفهم من "ظهور امرأة مشبوهة في الشارع"، وهو ما أدى إلى تعقبها بسيارتي شرطة وأربعة عناصر. فأوقفت مرتين، في الأولى حذرها رجلان من أنها تعرض أمنها للخطر نتيجة "الاستفزاز" الذي تشكله للناس، وفي الثانية كانت نهاية التجربة، حيث خيرها عناصر آخرون من الشرطة بين أن تصعد الى شاحنتهم وتنهي تنكرها، وبين أن تعرض نفسها للاحتجاز 12 ساعة ولمخالفة.وحذرها أحد أفرادها بالقول "هل أنتم واعون بحجم الاستفزاز الذي تسببونه"؟ وتصف الصحافية ردود فعل المارة، وكيف صرخت امرأة في الثلاثينات موجهة كلامها للشرطة "أعطوها مخالفة كبيرة". كما تدثت عن "نظرات استنكار، فضول وكراهية. وشوشات وأصابع تشير اليها: مشاة عاديون يصوروني"، وتضيف "سمعت بعض المارة يقولون: لماذا يفعل هذا الشيء هنا". وبحسب تقديرات غير رسمية، ثمة نحو 200 امرأة منقبة في بلجيكا، لكن الامر لا يتعلق فقط بهذا العدد، بل أيضا بمنقبات قد يزرن بلجيكا كسائحات.ويعرض من يخالف قانون الحظر الوطني نفسه إلى عقوبة تصل إلى سبعة أيام سجن، ودفع غرامة مالية حدها الأقصى حوالى 140 يورو. وانتقد توماس همربرغ، مفوض حقوق الانسان في البرلمان الأوربي القانون معتبرا أن "الحظر بدلا من أن يحرر النساء، فهو يعزل ويسبب وصمة للواتي يلبسن البرقع أو النقاب".وأرجع همربرغ الجدل الذي أحاط بالقانون إلى "الاسلاموفوبيا"وقال إن "الأحكام المسبقة حول المسلمين تستمر في تقويض روح التسامح في أوروبا". لكن القانون محط الانتقاد لا يذكر صراحة لا الاسلام ولا المنقبات، بل يتحدث عن "الثياب التي تغطي أغلب الوجه أو كامله". ويشمل الحظر كل ما يمكن أن يعيق تحديد هوية الأشخاص في الأماكن العامة، واستثنى حالات عدة: خوذة الدراجة النارية والقناع الحامي الذي يضعه عاملو لحام المعادن، والمتنكرون في المناسبات الاحتفالية كما حالة "سانتا كلوس"، إضافة إلى المشاركين في الكرنفالات.