تواجه المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية أزمة حادة تهدد بوقف تقدمها إلى الملفات التالية بعد تشكيل الحكومة، مثل الانتخابات ومنظمة التحرير وإعادة عقد المجلس التشريعي المتوقف منذ سبع سنوات وغيرها. وتفجرت الأزمة عندما صرفت «حكومة الوفاق الوطني» الجديدة رواتب العاملين في السلطة دون العاملين في حكومة حركة «حماس» المستقيلة التي ردت شرطتها بإغلاق البنوك في قطاع غزة لمدة أسبوع من أجل الضغط على السلطة لدفع رواتبهم وضمهم إلى هيكلها الإداري والمالي. وتعهدت دولة قطر دفع رواتب موظفي حكومة «حماس» المستقيلة التي تبلغ قيمتها 35 مليون دولار شهرياً، لكن الحركة تطالب بإدراجهم على السلم الوظيفي للسلطة، الأمر الذي ترفضه الأخيرة خشية قيام عدد من الدول المانحة بوقف دعمها لموازنتها، مثل الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بذريعة أن هذه الأموال تصل إلى موظفين ينتمون إلى الجهاز العسكري لحركة «حماس». وقال مسؤول كبير في السلطة ل «الحياة»، إن الولاياتالمتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي أبلغت الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أنها لا تسمح بوصول أموالها إلى أشخاص متهمين بالانتماء إلى الجناح العسكري ل «حماس» ويتولون وظائف أقامتها حكومة «حماس» المستقيلة، خصوصاً في الأجهزة الأمنية. وقال مسؤولون في «حماس» إن الحركة ترفض استجابة الرئيس عباس للمطالب الأميركية والأوروبية، وتطالبه برفضها والإصرار على ضم موظفي حكومة إسماعيل هنية المستقيلة، وعددهم 50 ألف موظف، منهم 40 ألف موظف منتظم، إلى سلم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية. وأوضح مسؤول في الحركة ل «الحياة»: «لا نقبل أن نخضع لمطالب المانحين، ما يقوله المانحون ليس مقدساً، وعلى الرئيس أبو مازن أن يرفض تدخلهم السافر في أمور السلطة الفلسطينية». وأضاف أن وسطاء ابلغوه بأن عباس طلب إقامة صندوق خاص لتمويل رواتب موظفي «حماس»، الأمر الذي ترفضه الحركة. وأبدت قطر استعدادها لتمويل رواتب موظفي حكومة هنية حتى نهاية الفترة الانتقالية. وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» الدكتور موسى أبو مرزوق أن رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد الله سيتوجه إلى الدوحة قريباً على رأس وفد من الحكومة للقاء رئيس وزراء قطر والتباحث معه في كيفية تقديم الدعم القطري. لكن أبو مرزوق قال إن حركته تصر على دمج موظفي الحكومة المستقيلة مع موظفي السلطة. وأضاف: «النص في الاتفاق واضح، وهو أن حكومة الوفاق الوطني ستتعامل بعدل ومساواة مع جميع الموظفين من دون استثناء». ويبدي قادة «حماس» انزعاجاً شديداً من عدم إصدار الرئيس عباس مرسوماً رئاسياً يطلب فيه من المجلس التشريعي العودة إلى العمل بعد شهر من تشكيل الحكومة. ويطالبونه بتوجيه الدعوة إلى الإطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير للاجتماع، ويحدد موعداً لإجراء الانتخابات العامة للسلطة والمنظمة. ويرد المسؤولون في حركة «فتح» على ذلك بالقول إن «حماس» لم تسمح بعد للحكومة الجديدة بتولي إدارة قطاع غزة. وقال مسؤول ملف المصالحة في حركة «فتح» عزام الأحمد، إن قيام شرطة «حماس» بإغلاق البنوك في غزة هو أكبر دليل على أن السلطة في القطاع لم تنقل بعد إلى «حكومة الوفاق الوطني». ويتوقع الكثيرون أن يتوقف قطار المصالحة طويلاً في محطة الحكومة، وألا ينتقل إلى المحطات التالية، مثل الانتخابات والشراكة في منظمة التحرير وعقد المجلس التشريعي، بسبب الخلافات الحادة في شأن الموظفين.