كشفت مصادر فلسطينية النقاب ل «الحياة»، أن الرئيس محمود عباس مصمم على التمسك بترشيح سلام فياض رئيساً لحكومة التكنوقراط التي تعطل تشكيلها منذ توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في الرابع من ايار (مايو) الماضي، موضحة ان عباس أكد أنه «لن تكون هناك مصالحة وطنية ما لم يكن فياض رئيساً للحكومة المقبلة». ويأتي ذلك فيما بحث اسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، مع روحي فتوح ممثل الرئيس عباس، خلال لقائهما الإثنين في غزة، سُبُلَ دفع تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية. وقالت المصادر إن عباس أوضح أثناء لقاء مع بعض الشخصيات في مدينة رام الله قبل أيام، تمسكَه بفياض مرشحاً وحيداً دون غيره، وأنه «الوحيد القادر على تجنيد الأموال للسلطة الفلسطينية» لدفع الرواتب، وتسيير عجلة مؤسسات السلطة، في وقت تعاني فيه من أزمة مالية خانقة لم تمكِّنها من دفع سوى نصف راتب الشهر الجاري لموظفيها. كما عزا إصراره على التمسك بفياض إلى أن الاخير «الوحيد المقبول أميركياً وأوروبياً من بين المرشحين». واتهمت حركة «حماس» الرئيس عباس مراراً بأنه يعطل المصالحة، من خلال اصراره على «فرض» فياض لرئاسة الحكومة استجابة لمطالب الولاياتالمتحدة ودول اوروبية. وينص اتفاق المصالحة على أن يتم تشكيل حكومة التكنوقراط بالتوافق بين حركتي «فتح» و «حماس»، على أن تكون مهمتها التحضير للانتخابات العامة وإعادة إعمار قطاع غزة وتوحيد أجهزة السلطة في الضفة الغربيةوغزة. وأضافت المصادر أن الرئيس عباس لا يرى أن أياً من المرشحين الآخرين من حركة «فتح» التي يرأسها، أو من حركة «حماس» «عدوه اللدود» مناسب لرئاسة هذه الحكومة. واستعرض أسماء بعض المرشحين وأسباب رفضه ترشيحهم، بينهم رئيس مجلس أمناء الجامعة الاسلامية النائب جمال الخضري، الذي قال إنه ورجل الأعمال الوزير السابق في حكومة السلطة الفلسطينية التاسعة المرشح مازن سنقرط «ينتميان الى حركة حماس». وتساءل: «كيف سيدفع الخضري الرواتب ويجند الأموال التي تدفعها قطر وايران؟ هل سيحضرها عبر أنفاق التهريب» التي حفرها مهربون فلسطينيون منذ سنوات عدة أسفل الحدود مع مصر للتغلب على الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة. ورأى أن مرشح «فتح» لرئاسة الحكومة مأمون أبو شهلا «غير معروف أميركياً أو أوروبياً (وهو رجل أعمال مرموق يتنقل بين غزة وبريطانيا منذ أمد بعيد). وهناك من يمتلك مملكة، وإن أصبح رئيساً للوزراء ستصبح عنده مملكتان»، في إشارة الى رجل الأعمال منيب المصري، الذي يملك امبراطورية اقتصادية وتبلغ ثروته عدة بلايين من الدولارات، وهو مقرب من الرئيس عباس، ومع ذلك رشحته «حماس» لرئاسة الحكومة. ودعا عباس الوسطاء الى نصح «حماس» بأن «فياض هو الانسب لرئاسة الوزراء ولا بديل منه، ولن تكون هناك مصالحة ما لم يكن رئيساً للحكومة المقبلة»، محذراً من أن «مشاريع إعادة الإعمار وإعادة بناء الاقتصاد الغزي لن تتم قبل تشكيل الحكومة». الى ذلك، نقلت «فرانس برس» ان روحي فتوح بحث مع هنية خلال لقائهما الإثنين في غزة سبل دفع تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية. وقال أشرف جمعة القيادي في «فتح» الذي حضر اللقاء، ان هنية «طرح افكاراً عدة لكسر الجمود الذي ينتاب المصالحة»، وتابع ان فتوح سينقل هذه الافكار للرئيس ابو مازن لدى عودته الى رام الله، من دون مزيد من التفاصيل. وأضاف جمعة أنه «تم التأكيد مجدداً على ان المصالحة خيار إستراتيجي وعلى ضرورة معالجة كافة القضايا التي تهم الجمهور الفلسطيني». من جهته، اكد هنية خلال اللقاء انه «تم تحقيق المصالحة بإرادة فلسطينية، ولكن الآن يجب البحث في التطبيق على الأرض». ووقّعت حركتا «حماس» و «فتح» مع فصائل فلسطينية اخرى في نيسان (ابريل) الماضي في القاهرة اتفاق مصالحة انهى اربع سنوات من الانقسام والقطيعة بين الجانبين. لكن الحركتين لم تتفقا بعد على شخصية لتولي تشكيل حكومة التوافق الوطني التي يفترض ان تضم شخصيات مستقلة وتكلَّف الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية خلال عام.