لم يكن مستغرباً بالنسبة إلي أن تكشف السلطات الأمنية عن حقيقة الرسالة المزعومة المنسوبة لكائن وهمي يدعى «أم فهد السعيد» بعد رواجها عبر الرسائل والمواقع الالكترونية متضمنة اتهامات للأجهزة الأمنية مغلفة بمشاعر وبكائيات مزيفة صيغت بطريقة احترافية للتأثير في السذج والتشكيك في نزاهة القيادات الأمنية والقضاء الشرعي. أعلم كما يعلم الكثيرون أن هناك تنظيمات سرية تكن لهذا الوطن وقيادته العداء وتستغل كل شاردة و واردة لممارسة عمليات التضليل لتشويه سمعة الوطن وقيادته، وينشط أفراد هذه التنظيمات على شبكة الانترنت وفي المواقع الاجتماعية بشكل خاص تحت مظلات عدة منها ما يسمونه «الاحتساب» على أجهزة الدولة ومواطنيها، ومنها ما يسمونه «النشاط الحقوقي» الذي أصبح موضة العصر لكل من هب ودب من المنبوذين اجتماعياً.. فبعد نجاح الأجهزة الأمنية في تفكيك خلايا التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم القاعدة الإرهابي على الأرض، وفرت المواقع الاجتماعية على الشبكة ملاذاً لكل صاحب أجندة هدفها ضرب الوحدة الوطنية وخلخلة الأمن والتشكيك في السلطة تمهيداً لتحقيق حلم الاستيلاء عليها، ومن السذاجة الاعتقاد بأن رسالة «أم فهد» وعملية ترويجها نتاج عمل فردي ساذج، فالمطّلع على التحركات المنظمة لأعداء الوطن وقيادته يمكنه أن يستنتج أن عملية نشر الرسالة المزعومة كانت تتم بشكل احترافي وموجّه، كما أن طريقة صياغتها تدل على اشتراك أكثر من شخص في كتابتها بل إن أول موقع إخباري نشرها كان ومازال متورطاً في نشر معظم المقالات التحريضية التي كتبها عدد من المتورطين في قضايا أمنية تحت غطاء «دعوي» وهو بالفعل «دعوي» إلى الفتنة والخروج على القيادة الشرعية للبلاد. إن تنظيم «أم فهد» السري الذي يرفع شعارات الاحتساب والحقوق الشرعية والمدنية بطريقة مشابهة لرفع المصاحف على الرماح في معركة صفين الشهيرة، يسرح ويمرح في المواقع الاجتماعية ويحاول بث سموم الفتنة تحت نظر السلطات التي ليست في غيبوبة وإنما تتابع بصمت وبحكمة شديدة، منتظرة من أن يدين كل فرد من أفراده نفسه بنفسه علانية، مانحة بذلك فرصة لمن قد يستفيق من دوامة الشعارات الرنانة ويفهم ما يحاك لوطنه من قبل بعض المعادين للدولة ومنهجها باسم الإصلاح. قبل أيام تلقيت رسالة من شخص لم يكشف هويته تعقيباً على مقالي السابق عن العقل المدبر ل«خلية الاستراحة» التي يحاكم أعضاؤها في جدة، ولم تتضمن تلك الرسالة سوى ملف مرفق عبارة عن صورة خطاب شكر موجه للمتهم من وزير الإعلام الأسبق على مشاركته في حملة تبرعات أقامها التلفزيون السعودي، وكأن هذا يعتبر صك براءة ينهي القضية قبل أن يفصل القضاء فيها، ونسي المرسل أن معظم الجهات التي تورطت في عمليات دعم تنظيم القاعدة سابقاً كان لها جهود خيرية في النور لقيت إشادات دولية، ولذلك فالقضاء الشرعي هو الفصل لا الخطابات المتداولة عبر البريد، لكن الغريب أنني وجدت صورة الخطاب نفسه بعد ذلك تنتشر بشكل مكثف عبر المواقع الاجتماعية وفي صفحات الأشخاص أنفسهم الذين طاروا برسالة «أم فهد» المزعومة، وأقاموا مجالس البكاء والنواح عليها، وهذا أمر يكشف أن من السهل معرفة أفراد تنظيم «أم فهد» السرّي على الشبكة فقديما قيل «من ثمارهم تعرفونهم» ونحن نقول من « نواحهم تعرفونهم». [email protected]