مشكلة كثير ممن يصنفون أنفسهم كمحتسبين وحقوقيين «من منازلهم» في هذا البلد أنهم أجبن بكثير من أن يعلنوا صراحة مشاعرهم الحقيقية تجاه القيادة الشرعية للبلاد، أو أن يكشفوا للناس أنهم بكل بساطة خوارج على ولي الأمر على رغم أنهم ما انفكوا يؤلبون مريديهم بشكل غير مباشر ضد القيادة عبر الوسائل المتاحة لهم وفي مقدمتها مواقع التواصل الاجتماعي مستغلين بذلك عواطف بعض أهالي المتورطين في قضايا أمنية ومتخذين من هذه المسألة «قميص عثمان» للنيل من جهود الأجهزة الأمنية و تشويه سمعتها بقصص مفبركة ونواح مستعار لا يجد رواجاً إلا بين السذج والجاهلين بحقيقة وتفاصيل الحرب على الارهاب في السعودية. الغريب أن هؤلاء لا ينشطون إلا للدفاع عما يسمونه «حقوق» المتهمين في قضايا الإرهاب والمتعاطفين معهم، متناسين أن هذه البلاد اكتوت بنار الإرهاب وفقدت الكثير من الأبرياء في عمليات قذرة تجرمها جميع الأديان والشرائع والقوانين، وأن النظام كفل حقوق جميع الموقوفين، وفي حالة وجود خطأ أو تجاوز فردي فالحقوق محفوظة ويتم تعويض المتضرر مادياً ومعنوياً، لكن هذا ما يصم أولئك آذانهم عنه، فنجدهم يتحولون إلى قضاه ويحلفون ببراءة فلان قبل عرضه على القضاء على رغم عدم معرفتهم بحاله أو قضيته، فالهدف الأساسي لديهم هو تشويه سمعة المؤسستين الأمنية والقضائية وتصوير الدولة ك»غابة» وصولاً إلى التشكيك في شرعية قيادتها. كثير من أهالي المتورطين في قضايا تمويل ودعم الإرهاب والتخطيط له صُدموا باكتشاف حقيقة أبنائهم، لأن التنظيمات الإرهابية تدير أعمالها كما هو معروف بشكل فائق السريّة وكل عمل يقوم به أحد أفراد هذه التنظيمات لايطلع عليه أقرب الأقربين إليه، فإذا كانت هذه حال الأهالي مع أبنائهم، فكيف لنائح في «تويتر» أو «فيسبوك» أو «يوتيوب» أن يجزم ببراءة فلان ومظلومية علان إلا إن كان هدفه شيء آخر يتعدى هذه المسألة التي يتخذ منها سلماً لتحقيق أجندة معينة، ويمكن لأي متابع ملاحظة ذلك في فلتات ألسنتهم وكتاباتهم فهم يسمون الموقوفين «أسرى» وهذه لغة العدو لا المحتسب والحقوقي، فالأسير لا يكون إلا عند عدو محارب وهم بذلك يكشفون أنهم ينظرون إلى الأجهزة الأمنية والقضائية ك»عدو محارب» وهنا مربط الفرس. مطلع هذا الأسبوع شن مجموعة من نائحي «تويتر» حملة شعواء على الزميل الكاتب سعود الريس لأنه أوجعهم بوصفه لهم في أحدى مقالاته بالراقصات على آلام الغير، وأخذوا يطلقون عليه الشتائم بأسلوب رخيص جداً، وهذا لم ولن يضره في شيء على كل حال، لكنه كان سبباً في فضحهم وتماديهم في الكشف عن ما تختلج به صدورهم تجاه القيادة الشرعية للبلاد وموالاتهم لكل عدو لها حتى وإن كان تنظيم القاعدة الإجرامي الذي برر بعضهم جرائمه بمبررات مختلفة منها ما زعموا أنه سلوك الأجهزة الأمنية في التعامل مع الارهابيين والمشتبه بهم، وهذه طامة بحد ذاتها ومحاولة ساذجة لتحويل الجاني إلى مجني عليه، فالسعوديون يعرفون جيداً كيف فتحت وزارة الداخلية صدرها لاحتضان الصبية الذين تم تضليلهم ولم يتورطوا في إراقة دماء الأبرياء وكيف عالجت فكرهم بالمناصحة، وأعادت تأهيلهم لدمجهم في المجتمع وكثير منهم عادوا إلى أسرهم كمواطنين صالحين نادمين على ما بدر منهم تجاه وطنهم ودينهم ومجتمعهم. بقي أن أشير إلى أن المشروع المشبوه لهؤلاء المحتسبين والحقوقيين «من منازلهم» ليس جديداً على الوطن فقد سبقهم إليه عددا من أشباههم في سنوات سابقة، ولهم أن ينظروا لحالهم اليوم فمنهم من تراجع وانشغل بطلب المال والشهرة، ومنهم من انتهى به الحال إلى غرفة باردة في لندن ما زال ينعق منها من دون أن يلتفت إليه أحد.