على رغم الظروف الصعبة التي عانتها خلال الانتفاضة الأولى، ربطت فرقة «عشتار» المسرحية انطلاقتها بمصير الشباب الفلسطيني، معتمدة على وعي مغاير وجديد، من خلال دخولها في البرامج التدريبية غير المنهجية في مدارس رام اللهوالقدس. ومع مرور سنوات وتكريس تجربتها المسرحية، راحت تبحث في منطقة مختلفة في المسرح، تتناسب وظروف شعب يعاني من الاحتلال والظروف المعيشية والإنسانية الصعبة، فأسست «مسرح المضطهدين» بقيادة إدوار المعلم وإيمان عون، بعد حلّ فرقة «الحكواتي». قوانين الاحتلال ومنها حظر التجوال اليومي، دفعت الفرقة الى إيجاد أشكال تعبير تُسهم في إشراك المجتمع الفلسطيني في محاولة للتعبير عن نفسه، بدلاً من الاكتفاء بالمشاهدة. ولأن المواطن الفلسطيني مقيّد تمنعه الحواجز الإسرائيلية من التنقل بسهولة، قررت الفرقة الذهاب الى الجمهور في المدن والقرى والأرياف. ويقول المخرج والممثل إدوار المعلم: «عام 1997 بدأت تجربتنا الأولى في مسرح المنبر مع عرض «شؤون أبو شاكر»، وتفاعل الناس معنا في شكل غير عادي. فكرّرنا التجربة وقدمنا العرض نفسه 60 مرّة». النجاح الذي حققته الفرقة بأسلوبها الجديد، دفعها عام 1998 الى إجراء بحث أشرك فيه الجمهور لتقديم اقتراحات جديدة، تناولت هموم ومشاكلات حياتية يومية. ويشير المعلم الى أن «غالبية المواضيع التي طرحها الجمهور تمحورت حول الأغذية الفاسدة والزواج المبكر». «فكرة مسرح المنبر لاقت إعجاباً كبيراً، ما دفعنا الى تطوير خبراتنا من خلال التعاون مع مخرجين محترفين في هذا المجال مثل المخرجة البريطانية موجي سولا التي أخرجت لنا مسرحيتين»، يوضح المعلم. وعلى رغم نشاط الفرقة في إنتاج عروض مسرحية معتمدة على نصوص لأهم الكتاب العرب، وجدت نفسها فاعلة أكثر في منطقة مختلفة تبلورت بعد عام 2000 في التركيز على التدريب الخاص بالإنتاج المسرحي المتخصص في «مسرح المضطهدين». ويقول المعلم: «عام 2004 تعاونا مع المسرحي العالمي البرازيلي والمتخصص بمسرح المضطهدين غوستو بوال، ثلاث سنوات متتالية، كما عملت معنا مواطنته المخرجة باربارا سانتوس، لتطوير هذا النوع من المسرح وأصبحنا من الرواد والمتخصصين في فلسطين والشرق الأوسط». ويلفت المسرحي الفلسطيني الى أن فرقة عشتار تركز في عملها على أكثر من مجال أبرزها التدريب والإنتاج المسرحي. ويضيف: «عام 2007 أطلقنا مهرجان مسرح المضطهدين الذي يعقد كل سنتين». ويتابع: «الأمر بالنسبة إلينا لم يتوقف عند العروض، بل تفرّدنا بتقديم خبراتنا في نشر هذا النوع من المسرح في اليمن والعراق واشتركنا مع مسرحيين في النرويج». ويشرح أن فكرة تدريب في غير بلد «تهدف الى تأسيس فرق عربية لإقامة مهرجان عربي خاص يقدم رؤى جديدة في هذا المجال ويسهم في إشراك الجمهور في تبديل الأدوار والمشاركة والتعبير عن نفسه وهمومه المختلفة». وعلى رغم وجود فرق مسرحية مختلفة في فلسطين، أخذت فرقة عشتار على عاتقها تأسيس ودعم فرق مسرحية متخصصة بمسرح المضطهدين. «نعمل على تدريب وتأهيل فرق لتكون في ما بعد مستقلة ولها عروضها الخاصة في مختلف المدن والقرى الفلسطينية، كما نسعى هذا العام الى إنتاج عرضين من هذا النوع المسرحي، وطموحنا أن تُصوّر هذه العروض لتبث عبر الفضائيات التلفزيونية، كما نسعى أيضاً الى إقامة مهرجان للشباب الهواة الى جانب المهرجان الرئيس الذي ننظمه، إلا أن تركيزنا وهدفنا هو تدريب طلاب المدارس»، يقول المعلم. المعاناة اليومية وظروف الحصار والحواجز هي ما دفع الفرقة لتكريس فكرة المسرح المنبري (المضطهدين)، والتدريب الذي تأخذه الفرقة على عاتقها في خلق جيل جديد من خلال التدريب محاولة لتوريط الجيل الجديد في حب المسرح كما يقول المعلم. ويضيف: «لا نستطيع الوصول الى القدس ومناطق داخل الخط الأخضر بسبب منعنا من قبل الاحتلال الإسرائيلي لإقامة عروضنا». ويقول المعلم: «صممنا برامج لتنشيط المسرح المدرسي من أجل تأهيل معلمي الدراما في مدارس وكالة الغوث على مدى 8 شهور، وننتظر الدعم من المؤسسات المعنية، فمثل هذه البرامج تحتاج الى دعم من أجل استكمالها، لدينا 60 مدرسة تابعة لوكالة الغوث ستشارك في هذا البرنامج». الفرقة، كما يوضح المعلم، سجلت نجاحاً قوياً بعد دخول السلطة الفلسطينية مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. وعن عمل الفرقة الحالي يقول المعلم: «سننتج عرض «ريتشارد الثاني» لشكسبير سيعرض في بريطانيا، كما نواصل تدريب الطلاب والناشطين المسرحيين في مجال مسرح المضطهدين، بهدف خلق جمهور مشارك في طرح مشكلاته وهمومه».