قبل ان تبدأ دورة الأولمبياد الرياضية، انطلق المشروع الثقافي المرتبط بها عبر مهرجان «شسكبير غلوب»، وخلاله تستضيف بريطانيا فرقاً من كل انحاء العالم لتقدم مسرحيات كاتبها المفضل. وسيتابع الجمهور على مدى ستة اسابيع اعمال وليم شكسبير بسبع وثلاثين لغة بينها العربية مع فرقة فلسطينية. علاوة على عروض بالإنكليزية تؤديها فرق بريطانية محلية. الوليمة كبيرة فالمهرجان سيشمل ايضاً قراءات شعرية ومعرضاً في المتحف البريطاني وآخر في مسارح ارتبط اسمها بأشهر كاتب مسرحي عرفته البشرية منذ قرون. تنتظر بريطانيا اذاً كرنفالاً من الفرق المسرحية والحكايات والثيمات والقصص الموحية التي تتطابق احياناً مع واقع بلدان تلك الفرق، بعضها عايش من سنوات قريبة، الحروب والنزاعات، وبعضها يزور الشمال او ربما يغادر بلاده للمرة الأولى ومنها من عرض قبل الآن وأثار اعجاب الجمهور البريطاني. الدولة الوليدة جنوب السودان تشارك بعرض مسرحية «سميبلاين»، ويقول القائمون على المهرجان العالمي انهم تلقوا طلباً للمشاركة، من عشرين صفحة، من المسرحيين السودانيين، يشرحون فيها الى اي مدى يعني شكسبير لشعب وقع في مصيدة الحرب الأهلية سنوات. وكذلك الفرقة الأفغانية التي تخرج من بلادها للمرة الأولى لتقدم مسرحية «كوميديا الأخطاء»، ورغم ان ادارة المهرجان عرضت عليها اختيار نص من المسرحيات التاريخية، إلا ان الفرقة تحمست بشدة لنص مسرحي كوميدي. غير ان النص التاريخي ذهب الى البلقان، بحيث اقترح المهرجان على فرق من صربيا، ألبانيا، ومقدونيا ان تتوزع ثلاثية «هنري السادس»، وكانت حماستهم الشديدة واستجابتهم السريعة مفاجئة لإدارة المهرجان. أما الفرقة الأرمينية فبدت متآلفة جداً مع اعمال هذا الكاتب وتراثه وفي ارمينيا اصلاً تروج اسماء رجال ونساء مستوحاة من اعماله، مثل اوفيليا، وهاملت، بل وشكسبير نفسه. الفرقة الأرمينية ستقدم مسرحية «الملك جون». من روسياالبيضاء تشارك فرقة «بيلاروس فري» الممنوعة في بلادها وأعضاؤها ملاحقون في ظل الحكم هناك، والفرقة تلتقي وتمارس التدريب خفية وتقدم العروض الفجائية في الغابات والحارات والمقاهي والأماكن البعيدة عن أعين السلطة. اللغة العربية ستدوّي في ارجاء مسرح غلوب يوميّ الرابع والخامس من مايو(ايار) المقبل عبر «فرقة عشتار» الفلسطينية التي ستصل من رام الله، وهي قدمت العمل بعروض استباقية في فلسطين داخل قصر هشام بن عبدالملك الأموي في مدينة أريحا قبل فترة. مسرح الغلوب اقترح «ريتشارد الثاني» لأنه رأى أن هذه المسرحية قد تحاكي الواقع الحالي في العالم العربي. وفي سؤال ايمان عون الممثلة والعضو المؤسس في الفرقة عما اذا فكروا بتحوير المسرحية كي تناسب الوضع الفلسطيني او العربي، قالت :»نحن معنيون بالحديث عن مفهوم السياسة وألعابها سواء هنا أو في أي مكان في العالم، والمسرحية أعم وأشمل مما يحدث قي دولة واحدة او زمن واحد، وهذه هي عبقرية شكسبير». مسرح عشتار ليس متخصصاً بالنصوص الكلاسيكية وليس لديه مخرجون متخصصون بأعمال شكسبير، لذا استدعى المسرح المخرج الإرلندي كونال موريسون الذي ينتمي الى بلد عانى من حروب الملك ريتشارد الثاني بحسب المسرحية، ليخرج العمل. «أحببنا ان نطعّم العمل بالمذاق الإرلندي، في الحقيقة كنا ننتظر فرصة للعمل مع المخرج كونال بعد أن عرفناه في مسرحية «أنتيغون» عندما عرضها في فلسطين»، تقول عون. وعما اذا كان لاختلاف مكاني العرض تأثير على تفاصيل العمل توضح: «ان المخرج بنى العمل وفي ذهنه المكانان، القصر الأثري من جهة ومسرح غلوب الأثري من جهة اخرى بخاصة ان المخرج لا يستخدم الديكور في هذه المسرحية وإنما يستغل فراغ العرض وإمكانات المكان». مسرح عشتار الذي تأسس عام 1991 حاول ان يصمد طوال السنوات الماضية في ظل الظروف الصعبة على اكثر من مستوى. في العام 2010 اقدم على مشروع غير مسبوق تحت عنوان «مونولوغات غزة» وهي قصص مروية على لسان شباب فلسطينيين، وساهمت فيه عدد من الفرق في العالم. اما مسرحية «48 دقيقة من اجل فلسطين» فكانت برعاية المجلس الثقافي البريطاني في العام نفسه وأخرجتها البريطانية موجيسولا اديبايو، الممثلة والكاتبة والمخرجة. والمسرحية قدمت في رام الله، جنين، بيت لحم، جامعة بيرزيت، وعالمياً قدمت المسرحية في مهرجان فلنسيا -اسبانيا، وفي البرازيل. وعودةً الى مهرجان شكسبير العالمي، لابد من الاشارة الى ان العروض تحمل تواقيع مجموعة من اهم المخرجين بمشاركة ما يقارب ستمئة ممثل من مختلف دول العالم يجتمعون ليشاركوا الجمهور شخصيات وعلاقات انسانية بلغة شكسبيرية يرى المنظمون انها «الأفضل لربط البشر بعيوبهم ومزاياهم وسلوكاتهم التي تشاركوا فيها انسانياً رغم اتساع الرقعة التي تفصل بينهم». وفي هذا المهرجان غير المسبوق، لن تجد بريطانيا وعاصمتها تحديداً برنامجاً افضل منه، يعكس تعدديتها من جاليات وثقافات ولغات. وسيحظى عشاق المسرح وخصوصاً عشاق المسرح الشكسبيري، بفرصة عظيمة لمتابعة العروض رغم انها بلغات غير مفهومة، و لكن من الممكن متابعة الأداء الجسدي للممثلين ورؤية كيف يملأ المخرجون الفضاء المسرحي بالتصاميم كل بحسب رؤيته، وكذلك الاستماع الى الموسيقى والمؤثرات الصوتية المرافقة للعروض. والأعمال ستعرض على مسارح تطل على نهر التيمز ومرتبطة بتاريخ شكسبير شكلاً او آخر، مثل مسرح غلوب -لندن ومسرح روز الذي سيضم معرضاً يعكس الفترة التي عاش فيها الشاعر والمسرحي الأشهر. وتقدم عروض ايضاً على مسرح شكسبير في مدينة ستافورد أبون آفون حيث ولد وقضى جزءاً من حياته. اما الشعر فله نصيب خصوصاً قراءات من سوناتاته. ويستعد المتحف البريطاني لإقامة معرض ضخم يفتتح بعد انتهاء هذا المهرجان ليتممه او يكون امتداداً له وذلك في تموز (يوليو) المقبل. يمكن حجز اي من العروض عبر الهاتف او الموقع الإلكتروني 004420 7401 9919 www.shakespearesglobe.com