حشدت جمعة «أسرى الحرية» في سورية أمس احتجاجات تجاوزت المليون للمرة الأولى منذ بدأت قبل أكثر من أربعة شهور في رسالة تعني أن التظاهرات في «تصاعد» وفق ما قال الناشطون الذين أوضحوا أن قوات الأمن ردت بإطلاق كثيف للنار على المحتجين ما أدى إلى مقتل حوالى 27، بينهم 14 في حي القابون في دمشق. في الوقت نفسه أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الوضع في سورية «لا يزال مفتوحاً ولا اعتقد أننا نعلم كيف ستتمكن المعارضة في سورية من قيادة تحركها وما هي مجالات التحرك لديها». وتتوجه الأنظار اليوم إلى اجتماعين لمعارضين سوريين في إسطنبولودمشق حيث من المقرر إعلان «هيئة تأسيسية للإنقاذ الوطني» و»خريطة طريق للتحول الديموقراطي». وقال ناشطون إن أكثر من مليون متظاهر خرجوا امس، معظمهم في حماه ودير الزور مطالبين السلطات بالإطلاق الفوري للمعتقلين. وأضافوا إن قوات الأمن استخدمت الرصاص لتفريق المتظاهرين ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 27 وإصابة العشرات، فيما قالت السلطات إن «مسلحين» هم من اطلقوا النار على المحتجين. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن»عدد المتظاهرين تجاوز نصف مليون في حماه وقراها في حين راوح في دير الزور بين 450 و550 ألفاً». وأوضح المرصد أن قوات الأمن فتحت النار في أحياء عدة من دمشق وإدلب ودرعا في محاولة لتفريق التظاهرات، وأن 14 قتلوا في حي القابون حيث تظاهر نحو 20 ألف شخص، وثلاثة في حي ركن الدين في دمشق، وثلاثة في دوما التي تبعد 15 كلم عن العاصمة وثلاثة في إدلب، واثنين في درعا. إلى ذلك، شددت كلينتون على أن الوضع في سورية «لا يزال مفتوحاً». وقالت، على هامش مشاركتها في اجتماع مجموعة الاتصال حول ليبيا في إسطنبول، إن «المصير النهائي للنظام السوري والشعب السوري يعتمد على الشعب نفسه». وجددت التأكيد أن «سورية لا يمكنها العودة إلى الوراء». وقال مسؤول في الخارجية الأميركية ل «الحياة» إن تظاهرات أمس «وبالأرقام غير المسبوقة» تعكس «رفض السوريين للأسد ورفض قمع حكومته». وأضاف أن واشنطن «تابعت التقارير حول وقوع قتلى في صفوف المتظاهرين... وللأسف لم نُفاجأ»، و»إنما رأينا تقارير أيضاً أن السوريين تظاهروا وعبر أرجاء البلاد وبأرقام غير مسبوقة ليقولوا للأسد إنهم يرفضونه ويرفضون قمع حكومته». وقال مصدر ديبلوماسي غربي بارز ل «الحياة» في إسطنبول إن أجهزة استخباراتية غربية تملك أدلة على دعم كبير تقدّمه طهران إلى الحكومة السورية في قمع الاحتجاجات. وأوضح المصدر أن الإيرانيين يقدمون دعماً في مجالات مختلفة لدمشق بما في ذلك «تجهيزات» تُستخدم في قمع التظاهرات. وكشف أن الأجهزة الإيرانية قدّمت إلى السوريين الاستراتيجية التي يعتمدها الأميركيون للتصدي للتمرد في كل من العراق وأفغانستان وهي أفكار الجنرال ديفيد بيترايوس، وطلبوا من النظام السوري اعتمادها في التصدي للمحتجين. وقال المصدر إن الحكومة السورية بدأت تُطبّق هذه الاستراتيجية التي تتضمن مثلاً محاولة شق صفوف الثوار من خلال استقطاب بعضهم ضمن العملية السياسية، وهذا ما يتم حالياً من خلال استقطاب جزء من المعارضة في حوار وطني يتم في دمشق. كذلك من ضمن بنود الاستراتيجية الأميركية التي يعتمدها السوريون محاولة تصوير المحتجين على أنهم جماعات مسلحة ترتكب جرائم قتل وفظاعات، وهو ما روّجت له وسائل الإعلام الحكومية أخيراً من خلال الحديث عن عمليات ذبح لجنود والتنكيل بهم والقول إن المحتجين في بعض المدن ليسوا سوى «جماعات مسلحة». إلى ذلك، ذكرت صحيفة «ليزيكو» الفرنسية الاقتصادية نقلاً عن تقرير لمركز أبحاث إيراني مرتبط بالقيادة الإيرانية أن المرشد الأعلى علي خامنئي يؤيد تقديم مساعدة قيمتها 5.8 بليون دولار لسورية لدعم اقتصادها. وقالت إن الصعوبات التي تواجهها دمشق دفعت القيادة الإيرانية إلى دراسة تقديم مساعدة مالية بقيمة 5.8 بليون دولار تشمل قرضاً لأجل ثلاثة أشهر بقيمة 1.5 بليون دولار يتم توفيره فوراً. وقال مسؤول أميركي رفيع ان المساعدات دليل على خوف الإيرانيين على الوضع في سورية.